استضافنا رئيس «سياحة البرلمان» فى ندوة بحضور مجدى عطية، مستشار لجنة السياحة والطيران المدنى، تحدث خلالها صدقى عن أزمة القطاع الذى يعيش منذ 7 سنوات فيما يشبه الشلل، ويؤكد على حاجة القطاع إلى تكاتف كافة قطاعات الدولة لإحياء صناعة السياحة، موضحا أن هناك حزمة من التشريعات فى حاجة إلى تغيير وتعديل لأنها أصبحت معوقة للقطاع.
كما شدد صدقى على أهمية السياحة الثقافية لمصر والتى لا يوجد لها منافس فى هذا القطاع، خاصة أنها تمتلك الثروة التاريخية التى تتفوق بها على كل دول العالم، راصدا الأخطاء التى شابت ملف مسار العائلة المقدسة وكيف يمكن معالجتها.. وهو ما نرصده فى السطور التالية:
كيف ترى أزمة قطاع السياحة فى اللحظة الراهنة؟
- مشكلة السياحة نتيجة انحسارها السبع سنوات الماضية أصبحت مشكلة اقتصادية وليست مشكلة فنية، وكنت أرى أن من يجلس على رأس المنظومة وزيرا للسياحة فى هذه الفترة لابد أن تكون له خلفية اقتصادية، فالقطاع السياحى تحمل كل هذه الأعباء طوال السنين الماضية، وظل كما هو، فلم أسمع فى الفترة الماضية عن حالات إفلاس مثلا، ولكن يجب الاعتراف أن القطاع بدأ يئن فى الجانب الاقتصادى، لذلك كان لابد من أن يكون هناك وزير اقتصادى بالأساس ليجلس على مائدة مجلس الوزراء، ويتمكن من تشكيل لوبى داخل الحكومة لإنقاذ صناعة السياحة فى مصر.
وماذا قدم عمرو صدقى لقطاع السياحة خلال عضويته باللجنة الاقتصادية منذ بداية عمله البرلمانى؟
- وأنا فى اللجنة الاقتصادية تمكنت من إرساء مفهوم لدى النواب عن أهمية صناعة السياحة، وما هو مفهوم السياحة، فللأسف الكثير كان يقول «إنتوا بتجيبوا شوية سياح تفسحوهم وخلاص»، وهذا كان المفهوم الدارج عن السياحة، لذلك كان دورى توصيل الرسالة عن أهمية صناعة السياحة وأبعادها، ووجودى فى اللجنة الاقتصادية أرسى تعريفا ثابتا عن السياحة لدى الأعضاء عن صناعة السياحة، وأصبحت هناك قناعة بتأثير وأهمية هذه الصناعة للاقتصاد القومى، فدول كثيرة اتجهت للسياحة لدعم اقتصادها، بالرغم من أنها ليس لديها مقومات كافية فى هذا المجال.
كيف ستتمكن من تحقيق التعاون بين اللجنة وبين وزارة السياحة خلال الفترة المقبلة؟
- رتبنا لجلسة تحضرها وزيرة السياحة الدكتورة رانيا المشاط ووزير الطيران المدنى لعرض الإنجازات، وخطة الإصلاح الهيكلى لوزارة السياحة، وأيضا عرض لخطة تحفيز الطيران للعام 2018-2019، ولأول مرة نضم وزارتين مع البرلمان فى شكل توافقى لإنقاذ الصناعة، وأعتقد أن هذه بداية جيدة ومبشرة لدعم القطاع.
مع الموسم الشتوى بدأت حركة كبيرة تستهدف الأقصر وأسوان أهم مراكز السياحة الثقافية فى مصر.. فهل يعود هذا النوع من السياحة إلى ازدهاره من جديد؟
- السياحة الثقافية هى الأصل فى مصر منذ قديم الأزل، وهذا النوع من السياحة فى منتهى الأهمية ويجب تعظيمه، لأنه لا توجد دولة فى العالم لديها كم هذه الثقافات المتعددة والمتنوعة على مر العصور بمثل ما هو موجود لدى مصر، ففى أى دولة أخرى يوجد لديها عصر أو عهد محدد من الحضارات، ولكن مصر وحدها لديها هذا التنوع غير الطبيعى، وهذا التنوع يجب أن يصاحبه تخطيط بشأن كيفية إخراجه وترويجه للعالم، لإحداث الإبهار.
ولكن فى السنوات الأخيرة تم الترويج لفكرة تراجع أهمية السياحة الثقافية؟
- للأسف هذا قول حق مراد به باطل تم الترويج له فى وقت سابق، وأن السياحة بلغت مليار و200 مليون سائح حول العالم، والسياحة الثقافية بلغت فقط %5 من إجمالى السائحين، ولكن دعنا نتحدث بالأرقام على نفس المقولة، فكم دولة تنافس مصر فى السياحة الثقافية ولكن كم دولة لها المقومات والقدرة؟ وبالتالى بالحسابات فنصيب مصر حوالى 50 مليون سائح وهو نصيب يكفى لقطاع السياحة ككل، وقد نقول إننا لن نتمكن من استقبال كل هذا الكم من السائحين.
ولكن لماذا تراجعت السياحة الثقافية فى مصر رغم امتلاك المقومات؟
- عدم وجود فكر ووجود إغراق أدى إلى تدنى فى التسعير، والجودة فى السياحة الثقافية هى السر فى رفع الأسعار، وحجم الطلب الخارجى على زيارة مصر كبير جدا، لكن الأهم هو الجودة وهى التى تخلق الطلب.
ويجب أن يكون هناك دراسة لكل سوق واحتياجاته، لأن الإغراق يضر بالسياحة ويجب أن نعترف أنه عندما تم الترخيص لأكثر من 300 مركب أو فندق عائم كانت هذه قرارات فيها مجاملة وعشوائية، زمان كان هناك 4 مراكب فقط، وكانت الليلة تباع بـ1000 دولار.
والسياحة الثقافية ذات إنفاق مرتفع، وبالتالى أنا لست فى حاجة إلى أعداد كبيرة، وبالتخطيط يمكن أن نجنى أضعاف الأسعار الموجودة الآن، فمثلا إذا روجت لحملة عن طريق علماء بأن زيارة المقبرة يجب أن تكون محددة العدد يوميا للحفاظ عليها، من الممكن أن تبيع تذكرة المقبرة أو المعبد بــ400 دولار، وبالتالى أكون حافظت على الآثار وحققت عائدا أضعاف الموجود حاليا.
كذلك لدينا محافظة المنيا كانت من أهم المقاصد السياحية فى السبعينيات، وكانت «الباص تور» يستغرق من 14 إلى 21 يوما من القاهرة للأقصر، والمنيا كانت محطة إقامة أساسية، فتلك المحافظة كانت فى يوم من الأيام عاصمة لمصر، وغيرها كثير فنحن لدينا الإمكانيات ولكن نفتقد الإخراج الجيد لها، وهذا إذا تم فإننا لن نتمكن من أن نستقبل نصيب مصر فى السياحة الثقافية لضخامته، ولابد من أن تكون أسعارنا «فى السما» وعندها سيكون الطلب متراكما لـ3 سنوات قادمة.
معنى ذلك أننا نفتقد التخطيط الجيد فى قطاع السياحة؟
- التخطيط والجودة هما الأساس، وإذا استخدمناهما سيكونان مصدر رزق القطاع، فالتخطيط الجيد وتطبيق معايير صارمة للجودة مفيد جدا، فضلا على ألا نسمح لأحد بالعمل فى هذا القطاع إلا عندما يكون حاصلا على رخصة، ليست فقط المؤسسة أو المدير المسؤول، ولكن يجب أن يكون كل موظف حاصل على رخصة فى وظيفته.
فالإنفاق على رفع الجودة والخدمات أهم بكثير من الدعاية فى الخارج، فنحن ليس لدينا أزمة مع العالم الخارجى وإنما أزمتنا داخلية، نحن نصرف كثيرا على تغيير الصورة الذهنية فى الخارج بما يصل لملايين الدولارات، فى حين أننى كقطاع سياحى أستطيع تغيير الصورة الذهنية على أرض الواقع، وأول خطوة أن تقف الدولة خلف صناعة السياحة، وتحسين الخدمات للسائح الذى سيأتى لمصر، فهذه أفضل دعاية حقيقية.
ملف آخر هو «مسار العائلة المقدسة»، تم الإعلان عنه ثم لم ير النور.. كيف ترى إدارة هذا الملف الهام؟
- إحنا الدولة الوحيدة فى العالم التى لديها مسار للعائلة المقدسة له ذهاب وله عودة، المشكلة كانت فى عدد النقاط، واتفقنا أن الفيصل فى ذلك هو قداسة البابا لاعتماد النقاط، وهيئة التنمية السياحية قامت بالتخطيط السياحى للمسار.
وفى حين كان العمل مستمرا فوجئنا بأن هناك قرارا للعمل على خمس نقاط فقط، وفى الحقيقة كان هذا قرارا فى غير محله، أولا لأن المسار موجود فى مصر فقط ولا يوجد مثيل له فى أى دولة ثانية، وبالتالى فلم يكن هناك داع للاستعجال للإعلان عنه دون تجهيز، ولا يصح أن نطلق على الخمس نقاط الأكثر جاهزية مسار العائلة المقدسة، فهذا خطأ كبير، ولكن التصرف الصحيح كان أن نعلن عنها كنموذج من المشروع الذى نستعد له، ويتم ضمها إلى رحلات السياحة الثقافية لإحيائها بمنتج جديد، ولكن للأسف كل فرصة تأتى أمامنا تضيع هباء بسبب افتقاد التخطيط.
إذا كان المشروع تم التخطيط له بشكل خاطئ.. فكيف يمكن تدارك الأمر؟- أنا عندى تصور نعمل عليه، فالآن نحن لدينا الخريطة كاملة بالمسار ومعتمدة وهيئة التنمية السياحية جاهزة بالتصور للمسار كاملا، وفكرنا فى أنه لا توجد نقطة من هذه النقاط ليس لها نائب، وكانت الأجندة كالتالى: «نجتمع مع النواب ونكون فريق عمل، ونبدأ العمل فى الإطار المرسوم»، ويجب أن نراعى أن المسار سيمر بـ12 محافظة، وكل محافظة لها عاداتها وتقاليدها فتكون رحلة روحانية ممزوجة مع عادات وتقاليد وثقافة كل محافظة وخصوصيتها، فتكون الرحلة كأنها تابلوه متكامل من الحياة والعادات والثقافات المختلفة التى تجذب السائح.
وفى الوقت نفسه نحن لدينا الصور الحقيقية للمواقع وتصور للمكان بعد التنمية السياحية، فيتم عمل فيلم «أنيميشن» للمسار بعد انتهاء المشروع، ويتم عرضه فى قنوات أجنبية كمادة علمية للتعريف بالمسار وتحفيز للأسواق الخارجية أنه بعد خمس سنوات هذا المسار سيتم الانتهاء منه، ويجب التسويق للمشروع على أنه مشروع قومى للجميع حق فيه، مسلمين ومسيحيين، فإذا تم الحديث عنه أنه مشروع طائفى فلن يرى النور.
الجانب التشريعى أحد أهم أزمات قطاع السياحة.. ما هى خطة اللجنة فى هذا الإطار؟
- أنا دورى كجهاز تشريعى أن أعاون الجهاز التنفيذى فى إيجاد حلول للمعوقات التى تصادفه، وأنا قلت لوزيرة السياحة «أنت مغلولة يدك بسبب التشريعات والقوانين القديمة التى تحدك من اتخاذ القرار، نتفق عليها وأنا أتولاها فى اللجنة».
هل قانون السياحة الموحد سيكون أحد التشريعات التى تتولاها اللجنة؟
- بالطبع قانون السياحة الموحد أهمها، والهدف منه هو تحديد تعاون الوزارات المختلفة مع قطاع السياحة، فاليوم فى الوقت الذى تدعو فيه الدولة رجال الأعمال أن يستثمروا فى مصر فى قطاع السياحة، «فهل أنا مطالب بدراسة 37 قانون عشان أستثمر فى مصر؟» هذا خطأ ولابد أن يكون هناك قانون واحد يحدد علاقتى مع كافة الوزارات المعنية كالمالية والصحة والكهرباء.
وهل يوجد تصور أو مشروع قانون للسياحة جاهز للمناقشة؟
- أنا سألت الوزيرة الدكتورة رانيا المشاط عن قانون السياحة الموحد وأكدت أنه لا يوجد مشروع قانون جاهز حتى اللحظة، لذلك يجب أن نبدأ فيه فورا لأنه سيستغرق وقتا طويلا فى البحث والمناقشة مع القطاع الخاص، ولكنه ضرورة وأى إجراء آخر بخلاف صياغة قانون جديد بناء على نقاش مجتمعى سيكون «قص ولزق».
وماذا عن النقل السياحى؟
- النقل السياحى أحد المتضررين من القانون وفى أمس الحاجة إلى التشريعات الجديدة، لأن القانون الحالى يحتم الاستيراد بأتوبيس موديل العام حتى يكون معفى من جمارك، فما المانع أن نلغى هذه الجزئية ونفتح الاستيراد لعامين مثلا، وهذا يحتاج مناقشات مع الجهات المتداخلة مثل الداخلية والمالية ومصلحة الجمارك.
وللأسف النقل السياحى أسطوله لا يكفى لأن الاستيراد توقف فى العام 2010، ومن كان يمتلك «أتوبيس» جديدا أصبح قديما، واستخدمه بسبب ظروف توقف السياحة فى الحج والعمرة فأصبح مستهلكا، وهنا يأتى الحديث مجددا عن الجودة.
هل توجد تشريعات أخرى على جدول أعمال اللجنة؟
- انتهينا من قانون تنظيم السياحة الصحية، وتشمل العلاجية والاستشفائية والوقائية، ويتضمن كل ما يقوم على الموارد الطبيعية ويقوم على البحر والشمس والرمال والأعشاب، وفقا لكل منطقة وهذا علاج لأمراض كثيرة جدا منها الصدفية فى سفاجا والدفن فى الرمال والمياه الكبريتية، وهذا الكلام موجود فى أوروبا ومستخدم على أعلى مستوى ويحقق أعلى إيرادات، ومصر تصلح له لما لديها من مقومات.