نرصد ما ستجنيه "القاهرة" من ثمار انطلاق البرلمان.. الحياة البرلمانية تعيد المساعدات المجمدة.. وتجذب الاستثمار المتوقف.. والمشاركة فى البرلمانات الإقليمية والدولية تساهم فى عودة مصر لريادتها
قد نتفق أو نختلف مع تركيبة وعمل مجلس النواب الجديد، إلا أن الأمر الغير قابل للشك أن وجوده سيحقق مكاسب كبرى لمصر خاصة على المستوى الخارجى، وفى مقدمتها وبدون شك انتهاء مراحل خارطة المستقبل، واستكمال مؤسسات الدولة الديمقراطية ما سيعطى انطباعا خارجيا إيجابيا عن استقرار الأوضاع ويدحض أى محاولات للنيل من صورة الدولة أو تشويهها.
شكرى: اكتمال البنيان المؤسسى والدستورى فى مصر
وهو ما أكد عليه وزير الخارجية سامح شكرى، أن باستكمال خارطة الطريق السياسية وإجراء الانتخابات البرلمانية وانعقاد أول جلسة لمجلس النواب، اكتمل البنيان المؤسسى والدستورى فى مصر.
اكتمال هذا البنيان المؤسسى والاستقرار الذى تحدث عنه "شكرى"، سيكون له انعكاس على مناخ الاستثمار، والمتوقع له أن يشهد نموا بعد وجود المؤسسة الرقابية على عمل الحكومة، فعدم وجودها عرقل بعض الاستثمارات والمساعدات التى كانت تقدم لمصر، وعلى رأسها مساعدات الاتحاد الأوروبى.
وكانت دراسة صدرت العام الماضى عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، كشفت أن الاقتصاد المصرى سجل خسائر كبيرة تقدر بالمليارات لعدم وجود مجلس النواب، وقالت الدراسة: إن مصر تأثرت سلبيا من عدم وجود مجلس نواب "غرفة تشريعية"، وساهم ذلك فى تذبذب نظرة العالم الخارجية إلى مصر، خاصة الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة، نظرا لعدم استكمال خارطة المستقبل.
وأرجعت الدراسة عدم نمو الاستثمار بالمعدلات المطلوبة إلى تخوف المستثمرين العرب والأجانب من الإقدام على الاستثمار فى مصر فى ظل عدم وجود البيئة التشريعية المناسبة، وغياب قوانين الاستثمار الموحدة، وقوانين الإفلاس، وقوانين التجارة المطلوب تعديلها لسهولة الإجراءات.
فى حين، أنه لم ينته الأسبوع الأول على انعقاد مجلس النواب، إلا أن المكاسب الاقتصادية بدأت فى التوالى، حيث أشارت وزارة الخارجية الترويج إلى أهمية استكمال المؤسسات التشريعية وفرص الاستثمار المتوفرة فى مصر.
الخارجية تبدأ الترويج اقتصاديا بعد مجلس النواب
وهو ما بدأ به بالفعل وزير الخارجية خلال زيارته الحالية لألمانيا، حيث أكد للمسؤولين أنه بعد انعقاد مجلس النواب المناخ الاستثمارى فى مصر يتطور بشكل إيجابى، والذى يجلب عائدا كبيرا يصل إلى 28%، الأمر الذى من المهم أن تستفيد منه دولة مثل ألمانيا لتصبح فى مقدمه الدول المستثمرة فى مصر.
وكذلك سارع السفير جيمس موران، رئيس وفد الاتحاد الأوروبى فى مصر، بالإعلان عن أن العلاقات البرلمانية بين الاتحاد الأوروبى ومصر ستفعل الآن، ما يسهم بشكل كبير فى تحسين التفاهم المشترك، لافتا إلى أن انعقاد البرلمان المصرى يعد خطوة مهمة فى العملية الانتقالية فى البلاد، معربا عن ثقته حيال تمثيله قوة دفع لهذه العملية من خلال توفير الرقابة التشريعية اللازمة، وتنفيذ الدستور الذى تم إقراره بأغلبية ساحقة من قبل الشعب المصرى فى عام 2014 بما فى ذلك البنود الخاصة بالحقوق والحريات الأساسية.
وكان موران، قد أكد أن مشاريع دعم الموازنة التى يقدمها الاتحاد الأوروبى لمصر كانت متوقفة بسبب عدم وجود برلمان، وعدم وجود رقابة مدنية على الموازنة، متطلعا إلى أن يساهم البرلمان الجديد فى مصر بعودة مشاريع دعم الموازنة التى تعمل فى مجالات الطاقة والمياه والمواصلات وغيرها من المشاريع التى تعود بفائدة مباشرة على المصريين.
مكاسب سياسية من مجلس النواب
والمكاسب الخارجية من مجلس النواب ليست اقتصادية فقط بل سياسية أيضا، حيث تستعد مصر للانفتاح على علاقات قوية مع برلمانيين على مستوى العالم، ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة زيارات لوفود برلمانية عربية وأوروبية لتنشيط التعاون على كافة المستويات.
وكان البرلمانيون الأوروبون يلاقون صعوبة فى التواصل – وفقا لسفير الاتحاد الأوروبى بالقاهرة - لعدم وجود برلمانيين مصريين، موضحا أن الآن أعضاء البرلمان الجدد سيقومون بهذا الدور، وسيأتى برلمانيون أوروبيون لمصر، ليعملوا مع نظرائهم المصريين ما يساهم فى تطوير العلاقة العملية بين الجانبين، وأعلن زعيم الأغلبية البرلمانى الألمانى فولكر كاودر، عن رغبته فى زيارة مصر سريعا لعقد لقاءات مع نواب البرلمان المصرى الجديد وتعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين.
مصر تستعيد عضويتها فى البرلمانات الإسلامية والدولية
كذلك سيساهم وجود مجلس النواب فى تعميق دور مصر الإقليمى والدولى، حيث ستعود عضوية مصر للبرلمانات العربية والإسلامية والدولية التى كانت مجمدة لعدم وجود برلمانيين مصريين، ومن المنتظر أن يشارك رئيس البرلمان على عبد العال فى مؤتمر اتحاد البرلمات الإسلامية المقرر عقده ببغداد خلال الفترة من 20 إلى 23 يناير الجارى.
ومن جانبه، أكد مرزوق الغانم رئيس الاتحاد البرلمانى العربى، ورئيس مجلس الأمة الكويتى، حرص الاتحاد على مواصلة الجهود لإعادة عضوية مصر إلى الاتحاد البرلمانى الدولى لاستعادة دورها البرلمانى الرائد عربيا وإقليميا ودوليا.
وقال الغانم، إنه بصدد تقديم طلب لإعادة عضوية برلمان مصر لممارسة دوره الطبيعى والرئيسى والمهم فى منظومة البرلمانات العربية والدولية. هذه الزيارات واللقاءات بين أعضاء البرلمان المصرى ونظرائهم حول العالم ستمثل صوت مصر القوى للتعبير عن الصورة الصحيحة لما يحدث داخلها، والدفاع عن رؤيتنا تجاه القضايا المختلفة، ما يقوى الدور المصرى.