لماذا يغيب مستقبل وطن عن المعارك؟

وسط محاولات كل الأحزاب الكبيرة، والنواب المستقلين المؤثرين تحت قبة البرلمان، لإظهار قدرتهم على خوض معارك قانونية وبرلمانية تحت القبة، ووسط مساهمة كل الأحزاب ذات الثقل النيابى كالوفد والمصريين الأحرار فى أغلب الأمور الجدلية، التى تواجه البرلمان، إلا أن حزب "مستقبل وطن"، الذى حصل على المركز الثانى من حيث عدد نوابه تحت قبة البرلمان ممثلا بـ53 نائبا، لم يقدم إسهامات حقيقية حتى الأن، على الأقل فى الأزمات الكبيرة التى واجهت البرلمان، كأزمة مناقشة قوانين "السيسى وعدلى منصور"، وأزمة صياغة اللائحة الداخلية للبرلمان، وأزمة قانون الخدمة المدنية، إضافة إلى الأمر الأهم وهو أن الحزب فعليا لم يكشف عن أجندته التشريعية، التى سيتبناها نوابه تحت قبة البرلمان حتى الآن.

ورغم أن هناك أحزابا ونوابا آخرين تحت القبة لم يساهموا أيضا بشكل مؤثر، إلا أن "مسقبل وطن"، الذى قدم مفاجأة كبيرة فى الانتخابات وحصد 53 مقعدا، كان يُنتظر منه أن يثبت من خلال أدائه وأداء نوابه أن استحق تلك المقاعد، والمقارنة هنا ليست مع أحزاب أو كيانات صغيرة، بل هى مقارنة مع الكبار، مع "المصريين الأحرار"، الوفد، "دعم مصر"، أو حتى حزب الأصلاح والتنمية الذى تقدم بمشروع للائحة الداخلية، أو حزب المحافظين الذى قدم مشروعا هو الآخر.

أزمة مناقشة قوانين "السيسى ومنصور" كانت الغياب الأول للحزب

كان مأزق مناقشة القوانين، التى صدرت فى عهدى الرئيسين عدلى منصور وعبد الفتاح السيسى، هو الغياب الأول للحزب ونوابه، حيث لم يتقدم الحزب على لسان نوابه أو قياداته بروشتة للخروج من هذا المأزق، فى حين أن أحزابا أخرى وشخصيات بارزة أعلنت بشكل منظم عن حلولها المقترحة، حتى وإن كانت غير دقيقة، أو لم يتم تنفيذها، إلا أن المساهمة فى حد ذاتها كانت مهمة، فقد شاهدنا قبل الجلسة الأولى وأثناءها اعتراضات واقتراحات من كثيرين، لكن لم يكن من بينهم نواب لحزب مستقبل وطن، والحديث هنا عن مقترح جدى متفق عليه من نواب الحزب، وليس اجتهادات فردية تأتى ردا على أسئلة الصحفيين.

الحزب رفض قانون الخدمة المدنية ولم يقدم مقترحا بديلا

فى أزمة التصويت على قانون الخدمة المدنية، نظم حزب "المصريين الأحرار" أكثر من مؤتمر للدفاع عن القانون، ثم بعد رفضه قدم مقترحا بديلا للقانون ودعا لمؤتمر يحضره كل الجهات للتوافق حول القانون، وفى نفس السياق شكل حزب الوفد لجنة لصياغة قانون جديد بعد رفض البرلمان لقانون الحكومة، ووسط كل هذا لم يقدم "مستقبل وطن" مقترحا ولو حتى شفهيا على لسان نوابه، أو قيادات الحزب، باستثناء بعض التصريحات الصحفية لنواب الحزب.

7 مقترحات بلائحة داخلية للمجلس ليس من بينهم مقترح لـ"مستقبل وطن"

المعركة الأخرى التى لم يكن للحزب إسهاما بها، هى معركة اللائحة الداخلية للبرلمان، والتى بدأ الحديث عنها مبكرا وقبل انعقاد البرلمان، واستمرت الاقتراحات والإسهامات من الأحزاب والنواب، حتى انعقدت لجنة صياغة اللائحة وعلى اجندتها 7 لوائح مقترحة مقدمة من أحزاب الوفد والمصريين الأحرار والإصلاح والتنمية والمحافظين، ولوائح من مستقلين، فى حين لم يقدم حزب مستقبل وطن أى إسهامات فى هذا السياق، وكل ماصرح به نواب الحزب هى بعض المطالب بتعديلات، أعلنها فى تصريحات صحفية محمد عطا سليم نائب الحزب وممثله فى لجنة الصياغة.

الحزب لم يعلن أجندته التشريعية حتى الآن

الأمر الأكثر غرابة، والذى طرح تساؤلات أوسع، هو أن الحزب لم يعلن حتى الآن وبعد مرور 15 يومًا من عمر البرلمان، عن أجندته التشريعية، التى سيتبناها نوابه تحت قبة البرلمان، وكل ما دار فى هذا السياق هى تصريحات صحفية لنواب الحزب، لاتمثل إلا رؤيتهم واهتماماتهم الشخصية، وليس رؤية الحزب، أو رؤية موحدة لـ53 نائبا يمثلون كتلة تصويتية هامة تحت قبة البرلمان، فى حين أن أغلب الأحزاب الكبيرة أعلنت عن أجندتها منذ فترة الانتخابات، أما الحزب الذى حقق رقما انتخابيا وقف أمامه الجميع، لم يقدم حتى رؤية لكيفية استغلال هؤلاء النواب لتحقيق سياسة أو رؤية معينة، وهو أمر مشروع كل الأحزاب، أو حتى تأكيدًا لأن الحزب لديه هدف واضح، ولم يحصد تلك المقاعد من قبيل الصدفة.