بعد مرور 16 يومًا على بدء انعقاد جلسات مجلس النواب، واختيار رئيس المجلس ووكيليه، والانتهاء من مناقشة القرارات بقوانين الصادرة فى غيبة المجلس، وما تلاه من بدء العمل على وضع اللائحة الداخلية الجديدة للمجلس، بما يتوافق مع نصوص دستور 2014، برزت خلال هذه الأيام السابقة مواقف ائتلاف دعم مصر فى مساندة الحكومة فيما تقدمه من قوانين وما تعرضه من مواقف وقرارات، وأبرزها موقف الحكومة من قانون الخدمة المدنية، ورغم دعم الحكومة له ومساندة ائتلاف دعم مصر للحكومة فى هذا الموقف، إلا أن القانون فشل فى الوصول إلى نسبة الدعم الكافية للمرور من بين أعضاء المجلس، ولكن رغم رفض القانون وفشل الأطراف الداعمة له فى تمريره، إلا أن المفارقة أننا نجد على الطرف الآخر أن الصورة ما زالت أحادية، وأن كتلة المعارضة شبه غائبة عن المشهد، ولم تظهر سوى فى رفض قانون الخدمة المدنية فقط، وهو الأمر الذى أثار تعجب الرئيس عبد الفتاح السيسى ودفعه إلى التعليق على الأمر فى كلمته خلال الاحتفال بعيد الشرطة يوم السبت الماضى، وهو نفسه الأمر الذى يثير الشكوك حول مدى قدرة هذا المجلس على ممارسة دوره الرقابى والتشريعى، خاصة وأنه مرّر نحو 200 قانون من القرارات الصادرة فى عهدى الرئيسين: السابق عدلى منصور والحالى عبد الفتاح السيسى، ما أكّد الصورة التى أشار إليها البعض مؤكدين أن مجلس النواب داعم للنظام ولن يستطيع ممارسة الدور المنوط به، وهو الرقابة والتشريع، بكفاءة وبفعل وتأثير حقيقيين، وأمام هذا الالتباس والسؤال المفتوح على تركيبة المجلس وطبيعة التيار المعارض داخله، طرحنا هذا السؤال على بعض النواب المحسوبين على الجانب المناوئ للحكومة، وأساتذة العلوم السياسية.
رئيس التجمع: لا توجد نسبة لتشكيل معارضة.. والمرحلة المقبلة ستخلقها أوتوماتيكيًّا
فى البداية، قال النائب سيد عبد العال، عضو مجلس النواب المعين من الرئيس عبد الفتاح السيسى، ورئيس حزب التجمع، إن مفهوم المعارضة لم يتبلور حتى الآن تحت قبة البرلمان، إذ إنه لا توجد نسبة واضحة من الأعضاء تستطيع تشكيل كتلة معارضة، ويأتى الاعتراض والرفض بشكل عشوائى، ولكن الفترة المقبلة ستشهد خلقه أوتوماتيكيًّا عبر فرز وحصر كل من لا يوافق على برنامج الحكومة ومواقفها وسياساتها.
وأضاف "عبد العال" - فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، اليوم الأربعاء - أن البرلمان يحتضن السلطة بالكامل، وغالبية أعضاء المجلس يؤيدون النظام، ولكن قد يختلفون فقط على بعض القوانين والقرارات والسياسات، ولكن لا يمكننا القول إن البرلمان يحتضن تجربة معارضة بمسماها الحقيقى.
وأشار رئيس حزب التجمع وعضو مجلس النواب المعين، الى أن المعارضة لم تختف منذ ثورة يناير، لأن ثورة 25 يناير أشعلها المعارضون لسياسات نظام الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، ثم ظهر تيار معارض مختلف فى تركيبته وعلاقات القوى داخله للتخلص من حكم جماعة الإخوان الإرهابية فى ثورة 30 يونيو، ولا شكّ أن المرحلة المقبلة ستشهد بروز تيار معارض بتركيبة مختلفة عن التركيبتين السابقتين.
نائب المصرى الديمقراطى الاجتماعى: لا توجد معارضة مطلقة
من جانبه، قال النائب خالد شعبان، عضو مجلس النواب عن الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، إنه لا يوجد ما يُسمّى بالمعارضة المطلقة، وإن المعارضة لم تختفِ منذ ثورة يناير وحتى الآن، ولكنها تظهر فى وقت معين خلال الاختلاف فى وجهات النظر والاعتراض على سياسات معينة.
وأضاف "شعبان" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن تركيبة مجلس النواب لا يوجد بها حزب حاكم، ولهذا لا توجد معارضة له، مشيرًا الى أن الحكومة ستقدم بيانها وبرنامجها لأعضاء مجلس النواب، وسيكون للأعضاء حرية الاختيار، سواء بتأييد برنامجها أو رفضه، ووقتها ستظهر المعارضة وحجمها وتوجهاتها.
وأوضح عضو مجلس النواب عن "المصرى الديمقراطى الاجتماعى"، أن البرلمان لم يأت للتأييد المطلق للسلطة، بدليل رفض قانون الخدمة المدنية من غالبية النواب، مؤكّدًا أن المعارضة ستخلق بعد عرض مشروعات وقوانين الحكومة، وأن المجلس لا يوافق دائمًا على كل القوانين، ولا يرفضها كلها أيضًا، ولكنه يقرر مواقفه وانحيازاته بما يتناسب مع الصالح العام.
حسن نافعة: البرلمان يخلو من أيّة أغلبية سياسية
فى السياق ذاته، قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الفترة المقبلة ستشهد وجود معارضة، ولكنها ستكون ديناميكية ومتغيّرة وفقًا لطبيعة مشروعات القوانين التى ستطرحها الحكومة، ومواقفها وأدائها، ولن تكون معارضة جامدة أو محدّدة سلفًا.
وأضاف "نافعة" - فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، اليوم الأربعاء - أن مجلس النواب يخلو من أيّة أغلبية سياسية أو أيديولوجية، وأن ائتلاف دعم مصر ائتلاف هشّ ولن يكون كافيًا لحشد أغلبية وراء الحكومة طوال الوقت، ولهذا يتعيّن على الحكومة مراعاة هذه المسألة عند صياغة سياساتها ومواقفها.
وتابع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "نحن أمام نظام مختلف تمامًا وغير محدّد المعالم، ومن الصعب السيطرة عليه، والمشكلة هى أن الدولة تدار من خلال أجهزة الأمن وليس من خلال السياسة، فليست هناك قواعد واضحة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع".