رغم انتهاء أزمة القاضى محمد عبد المنعم السحيمى، الرئيس بمحكمة قنا الابتدائية، بعد تقدمه باعتذار مكتوب للمستشار أحمد الزند، وزير العدل، عما بدر منه خلال الفترة الماضية، وعن الاستقالة التى تقدم بها من منصبه بسبب نقله إلى محكمة قنا الابتدائية واتهامه لوزير العدل بترصده واستهدافه، إلا أن نص استقالته ونص خطاب الاعتذار عنها، حملا من الكلام كما يثير الأسئلة أكثر مما يقدم من أجوبة، إذ حملت الاستقالة وخطاب الاعتذار مستوى قويًّا من البلاغة والجزالة اللغوية، الحاملة لوجه سياسى واضح ولا يمكن إغفاله، إلى حدّ إشارته إلى توجهات واضحة ووجوه ربما تكون معلومة، تقف خلف هذا التحرك لإدارة الخلاف مع وزير العدل فى الخفاء.
السحيمى يعلن أن استقالته بسبب استهداف أحمد الزند له
فى الوقت الذى أعلن فيه القاضى محمد عبد المنعم السحيمى، أن السبب الرئيسى وراء استقالته يرجع إلى استهداف وزير العدل المستشار أحمد الزند له، بسبب معارضته لبعض سياساته خلال رئاسته لنادى القضاة، ومطالبته بكشف الميزانية الخاصة بالنادى، إلا أن هذا السبب لم يكن صحيحًا، وخاصة مع كشف إدارة التفتيش القضائى عن توقيع عقوبة التنبيه على "السحيمى" فى عهد المستشار محفوظ صابر، وزير العدل الأسبق، والتوصية بإحالته للصلاحية، لظهوره المتكرر فى وسائل الإعلام،كما أن المستوى اللغوى والبلاغى الذى ظهر واستُخدم فى خطاباته للوزير ولمجلس القضاء الأعلى، كان يشير بقوة إلى عقل أكبر وخبرة أوسع ومعرفة أكثر عمقًا بالكتابة والبلاغة واللغة والأدب تقف وراء نص الاستقالة، ما قد يشير إلى أن بعض قيادات تيار الاستقلال، الذين كانوا على علاقة طيبة بوالده، هم من يحرّكون المياه الراكدة منذ ثورة 30 يونيو، عبر إدارة الخلاف فى الخفاء.
السحيمى "المستقيل".. نجل رئيس نادى قضاة طنطا
المستشار محمد السحيمى هو نجل المستشار الراحل عبد المنعم السحيمى، رئيس نادى قضاة طنطا ورئيس محكمة الاستئناف السابق، والذى لعب دورًا كبيرًا فى أزمة المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة آنذاك، والمستشار أحمد مكى وزير العدل الأسبق، وذلك خلال فترة تولى المستشار حسام الغريانى رئاسة محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى، وقت سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة، وهى الأزمة التى دارت حول قانون السلطة القضائية.
والواضح خلال الأزمة وما سبقتها من تفاصيل وسياقات، أن المستشار الراحل عبد المنعم السحيمى، رئيس نادى قضاة طنطا ورئيس محكمة الاستئناف السابق، كانت تربطه علاقة قوية بالمستشارين: هشام جنينة رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات حاليًا، والمستشار أحمد مكى، وآخرين من تيار أعضاء الاستقلال.
دور "السحيمى" فى أزمة هروب المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى
كما لعب المستشار عبد المنعم السحيمى دورًا آخر فى أزمة هروب الأجانب المتهمين فى قضية التمويل الأجنبى، إذ تقدم "السحيمى" الأكبر، مع المستشار هشام جنينة، والمستشار هشام رءوف، القياديين فى تيار الاستقلال، إلى المستشار حسام الغريانى، باعتباره رئيس مجلس القضاء الأعلى وقتها، طالبين نقل سلطات المستشار عبد المعز إبراهيم إلى المستشار عبد المنعم السحيمى، باعتباره أقدم قضاة المحكمة، وفى حال رفضه تتم الدعوة لجمعية عمومية لسحب اختصاصاته بشكل رسمى، وذلك لتسبّبه فى سفر المتهمين الأجانب.
علاقة القاضى المستقيل برموز تيار الاستقلال.. وشكوك حول الاستقالة
كل هذه الأمور والتفاصيل تشير بقوة إلى أن المستشار محمد عبد المنعم السحيمى على علاقة مع عدد من قيادات تيار استقلال القضاة، رغم عدم انضمامه الفعلى والواضح إليهم، وهو ما يقودنا إلى التساؤل والنقاش حول الأمر راسمين علامات استفهام وطارحين استفسارًا واضحًا حول ملابسات الاستقالة وظروفها وخلفياتها، فهل هناك أشخاص من تيار الاستقلال وقفوا فى الخفاء فى معركة الزند مع "السحيمى" الأصغر، وهم من كتبوا له نصّى الاستقالة والاعتذار اللذين قدمهما القاضى المستقيل؟ يظل السؤال مفتوحًا على احتمالات وإجابات عديدة، والإشارات قوية ولا يمكن تجاهلها أيضًا.