النوم على المكاتب، الإقامة فى استراحة عمال مصنع نجع حمادى للألومونيوم، انتظار الطائرات الحربية لأكثر من 6 ساعات فى مطار الأقصر الدولى من أجل العودة إلى منازلهم، ضيق أماكن الفرز فى اللجان الفرعية، البقاء دون سكن لساعات طويلة قبل انطلاق التصويت، وغيرها من التفاصيل والمشاهد القاسية التى عاشها مئات من المستشارين وأعضاء الهيئات القضائية المشرفون على المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، وهى التفاصيل التى يرصدها "برلمانى" بصور تُنشر لأول مرة، وتكشف عن حالة سوء التنظيم التى شابت العملية الانتخابية فيما يتعلق بتوفير أماكن الإقامة ووسائل الانتقال والإعاشة للقضاة.
القضاة ينتظرون لساعات بمطار الأقصر الحربى
وكيل نادى مجلس الدولة: سوء التنظيم سيطر على العملية الانتخابية
المستشار أيمن حجاج، وكيل نادى قضاة مجلس الدولة ورئيس غرفة عمليات النادى، روى - فى تصريحات خاصة لـ "برلمانى" - أشكال المعاناة التى تعرض لها قضاة مجلس الدولة خلال إشرافهم على المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، مؤكّدًا أنه كان هناك سوء تنظيم للعملية الانتخابية، من حيث توفير أماكن إقامة ملائمة للقضاة، سواء من حيث جاهزيتها أو من حيث عددها، إذ إن أماكن الإقامة التى تم توفيرها فى بعض المحافظات كانت أقل من عدد القضاة.
وأضاف "حجاج"، إن محافظات قنا والمنيا والبحيرة كانت الأسوأ فى التنظيم، إذ لم تكن أماكن الإقامة مجهّزة بشكل كافٍ لمعيشة القضاة خلال يومى الاقتراع، بالشكل الذى وصل معه عدم توافر أسرّة للنوم، وكانت أماكن النوم عبارة عن مرتبة موضوعة على مكتبين متجاورين.
القضاة فى انتظار الطائرة التى تنقلهم لمنازلهم
الإقامة فى استراحات عمال "مصنع الألومونيوم" بنجع حمادى
أما فى نجع حمادى بمحافظة قنا، فقد أقام القضاة فى استراحة عمال مصنع الألومونيوم، وفى بعض المحافظات الأخرى أقاموا فى بيوت الشباب، ما جعل هناك حالة من الاستياء بين القضاة، حتى أن عددًا منهم قرر عدم المشاركة فى جولة الإعادة أو المرحلة الثانية من الانتخابات.
المكاتب تحولت لأماكن نوم للقضاة
أما فيما يتعلق بالانتقالات، فلم تكن الإجراءات ميسّرة لانتقال القضاة والعودة إلى منازلهم بعد انتهاء الجولة الأولى، وعلى سبيل المثال فإن القضاة المشرفين على الانتخابات بالأقصر، وبعد عملية الفرز التى استمرت حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى، توجهوا ليستقلوا الطائرة فى الثامنة صباحًا، إلا أنهم فوجئوا برئيس مطار الأقصر الدولى يبلغهم بأنه ليست لديه أيّة معلومات عن انتقالهم، وأنه لا توجد لديه طائرات حربية متوفّرة، فانتظر أكثر من 400 قاضٍ منذ الثامنة صباحا وحتى الثانية ظهرًا لحين وصول الطائرات التى تقلّهم.
القضاة بمطار لأقصر الحربى
اعتذار كثيرين من القضاة بسبب سوء التنظيم
فى السياق نفسه، يقول رئيس غرفة عمليات نادى قضاة مجلس الدولة، إنه تلقى اتصالات كثيرة من عدد كبير من القضاة، أبلغوه فيها بنيّتهم الاعتذار عن استكمال الإشراف على الانتخابات، سواء فى جولة الإعادة أو فى المرحلة الثانية، مشيرًا إلى أنه يتوقع بالفعل أن تكون هناك اعتذارات كبيرة بين القضاة، بسبب سوء التنظيم، وهو ما سيتسبب فى أزمة عملية كبيرة.
ويكمل "حجاج" بالقول: "الأمر الغريب أيضًا كان فى توزيع اللجنة العليا للانتخابات للقضاة على اللجان، إذ كان التوزيع عشوائيًّا، ولم تراع اللجنة ضرورة أن يكون التوزيع بالقرب من محال إقامة القضاة على الأقل، ولهذا أرسل نادى قضاة مجلس الدولة مذكرة رسمية إلى اللجنة العليا للانتخابات، أعرب فيها عن استيائه ممّا واجهه القضاة فى أثناء إشرافهم على العملية الانتخابية، وتمنّى عدم تكراره فى الإعادة والجولة الثانية من الانتخابات".
المكاتب مفترشه لنوم القضاة
نادى القضاة: الطيران المدنى كان أكثر ملاءمة للقضاة من الطائرات الحربية
من جانبه، قال المستشار محمود الشريف، المتحدث باسم نادى القضاة، إن الجولة الأولى للانتخابات البرلمانية شهدت بالفعل سلبيات ومشكلات تتعلق بأماكن إقامة القضاة خلال يومى الانتخابات.
وأضاف "الشريف" – فى تصريحات لـ "برلمانى"، اليوم الخميس - أن نادى القضاة تلقى شكاوى عديدة من القضاة المشرفين على الانتخابات بشأن عدم ملاءمة أماكن الإقامة، وأنها لم تكن كافية لأعدادهم، لدرجة أنه خلال تسكين القضاة قبل بدء العملية الانتخابية بيوم، استمر عدد منهم لساعات طويلة دون أن يكون لديهم سكن، واستطرد قائلاً: "استقبلنا شكاوى تتعلق ببعد المسافة بين أماكن الإقامة ومقرات اللجان الانتخابية، ما جعل بعض اللجان تتأخر عن بدء التصويت فى موعده".
وأشار "الشريف"، إلى أنه سبق لنادى القضاة رفع توصية إلى اللجنة العليا للانتخابات، بضرورة أن تراعى توزيع القضاة على المقرات الانتخابية القريبة من محال إقاماتهم، إذ إن هذا الأمر سيوفر مزيدًا من الجهد والوقت والمال، علاوة على أنه سيضمن فتح اللجان الانتخابية فى مواعيدها المقرّرة، إلا أن اللجنة العليا للانتخابات تجاهلت توصية النادى، بل ونقلت القضاة فى أماكن بعيدة كل البعد عن اماكن سكنهم، فمثلا القاضى الذى يسكن بالقاهرة أرسلته إلى الصعيد، فى منطقة لا يعلم عنها أى شىء، ومن ثمّ أعاقت حركته وإمكانية أن يكون على علم بالمنطقة، لسهولة الوصول إلى لجنته الانتخابية، وبالفعل وصلت للنادى كثير من الشكاوى من أن رؤساء اللجان استغرقوا وقتا طويلا فى البحث عن أماكن اللجان الانتخابية.
ويكمل الشريف قائلاً: "ضمن الشكاوى التى استقبلناها أيضًا، ضيق أماكن الفرز فى اللجان الفرعية، ما جعل هناك حالة من البطء فى الإجراءات، ولكن يمكن التغلب على هذه المشكلة عبر الدفع بعدد كافٍ من الإداريين وأجهزة الكمبيوتر"، وانتقد "الشريف" نقل القضاة بالطائرات الحربية، مؤكّدًا أن الطيران المدنى كان أكثر ملاءمة للقضاة، ومشيرًا إلى أن نادى القضاة خاطب اللجنة العليا للانتخابات بشأن كل هذه السلبيات.
يُذكر أن عدد القضاة المشرفين على الانتخابات من مختلف الهيئات القضائية يبلغ 16 ألفًا و500 قاضٍ، يشرفون على اللجان العامة والفرعية فى كل الدوائر الانتخابية.