فى حوار نارى، تحدث سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، لـ«برلمانى» عن موقف البرلمان من بيان الحكومة المقرر 27 مارس الجارى، وموافقته على بقائها، واعترف بأن المجلس لا يستطيع تشكيل حكومة جديدة.
وكشف وكيل المجلس الكواليس التى تجرى تحت قبة البرلمان، وأسباب البطء التى يعمل بها، ورأيه فى ائتلاف دعم مصر، وسر الرسالة التى وجهها للنواب وأغضبته، وأفصح عن شكل علاقته برئيس مجلس النواب، وموقفه من تجاوزات النائب المعزول توفيق عكاشة..
وإلى نص الحوار:
بداية، مر شهران على انعقاد البرلمان، ما انطباعك على تلك الفترة؟
- نحن نبدأ تأسيس حياة برلمانية جديدة فى هذه المرحلة، وهناك حالة من الارتباك الشديد داخل المجلس، بعض الأشخاص ينظرون إلى السلبيات فقط بشأن ما دار فى الجلسات خلال الأيام الماضية، وأبرزوها دون النظر إلى التحديات الأخرى والإيجابيات أيضًا، منها أن المجلس أنجز 341 قرارًا بقانون فى 9 أيام فقط، وأيضًا هناك جلسات ظلت 17 ساعة وأكثر، ونحن الآن نعد لائحة جديدة قد يمتد العمل بها لـ20 أو 30 سنة مقبلة، لكن على أى حال لا نستطيع أن نقيم أداء البرلمان الآن.
قلت إن المجلس يعانى من الارتباك ما سببه؟
- لا أقصد ارتباكًا فى الإدارة، أقصد أن هناك خلافات على القوانين من قبل النواب، المجلس يشكل نفسه حاليًا، ما بين يمين ووسط ويسار، وبالتالى هناك خلافات تصنع ذلك الارتباك.
ومن يتحمله؟
- هذا الأمر يتحمله كل أعضاء المجلس، لأن كلنا هدفنا واحد، كلنا وطنيون، لا توجد معارضة واضحة الآن، أو حزب يشكل معارضة، لكن أعتقد أنه لو هناك معارضة فكل نائب يعارض من منطلق ضميره الوطنى.
فى ضوء حديثنا عن الارتباك، حدثت استقالة وإسقاط عضوية فى الشهرين الأولين، نبدأ بالاستقالة، ما السبب الحقيقى وراء استقالة المستشار سرى صيام؟
- المستشار سرى صيام تعجل فى تقديم الاستقالة لاعتراضه على عدم تمثيله فى لجنة إعداد اللائحة، فهو يرى من وجهة نظره أنه الأجدر للتمثيل فيها كعضو وليس رئيسًا لها.
ولماذا لم تختره هيئة المكتب؟
- السبعة الذين اختيروا من قبل هيئة المكتب كانت هناك طلبات مُقدمة مسبقًا منهم للرغبة فى المشاركة باللجنة.
لكن تردد بشكل قوى أن هناك خلافًا ما بين المستشار سرى صيام ورئيس المجلس؟
- هذا غير صحيح، التقيت المستشار السبت الماضى حينما جاء لمجلس النواب، وحملنى السلام للدكتور على عبدالعال.
وماذا عن إسقاط عضوية توفيق عكاشة؟
- جاءت على خلفية استضافته السفير الإسرائيلى، وما قام به من تعدٍ على السلطة التنفيذية، وإحراج مصر من خلال المفاوضات التى أشار إليها، وهذا ليس من حقه أو من حق أى نائب آخر، وفقًا للائحة والدستور.
وماذا عن إجراءات إسقاط عضويته؟
- إجراءات إسقاط عضوية «عكاشة» صحيحة %100.
وماذا عن منعه من الدخول إلى القاعة خلال التصويت على إسقاط عضويته؟
- لأنه ممنوع من حضور 10 جلسات وفق تقرير اللجنة التى حققت معه على خلفية تجاوزاته فى المجلس.
لكن رئيس المجلس دعاه للحضور؟
- هذا إجراء روتينى، فلابد أن يدعو اسمه خلال الجلسة.
أبرز الانتقادات الموجهة للمجلس أنه يعمل ببطء شديد، هل تتفق مع ذلك؟
- طبعًا أتفق.
لماذا؟
- هناك رغبة من عدد من النواب فى التحدث فى جميع الموضوعات، وحجم المشاركات والمداخلات كبير جدًا، مما أدى إلى تلك الحالة، لكننا فى الأسبوع الأخير من إعداد اللائحة، وبعد برنامج الحكومة نستطيع أن نقيم البرلمان ونحاسبه.
البعض اتهم النواب الجدد بمحاولة الظهور وصنع «شو إعلامى»؟
- هذا جزء من الحقيقة، بعض النواب يتدخل لطلب الكلمة فى عدد من الموضوعات، وهو يعلم أن الأمر تحصيل حاصل، لكنه يفعل ذلك لإثبات وجوده، ولا تنسى أن كل نائب مُحمل بهموم دائرته، إضافة إلى أن الفترة الأخيرة شهدت عدم تنسيق بين عدد من الوزارات والنواب أدت إلى خروج «التأشيرات غير النافذة»، وبالتالى فالنائب يمارس دوره تحت القبة بحيث يقول أنا موجود وأشارك، لكن أعتقد أن هذا الأمر سيتغير تمامًا بعد عرض بيان الحكومة فى 27 مارس المقبل.
هل تتوقع أن يمنح البرلمان الثقة للحكومة؟
- بلا شك، فالحكومة تستدعى نواب محافظتين أو ثلاث على الأكثر، وتجتمع معهم فى مجلس الوزراء، للتعرف على الهموم والمشكلات التى يطرحونها، ويأخذون المشاكل المتفق عليها من النواب لمعالجتها فى البيان الذى سيُعرض على المجلس، وأعتقد أنه لابد أن تأخذ الحكومة قرارات كثيرة جدًا لعمل ارتياح لدى الرأى العام، بالإضافة لتوفير اعتمادات مالية لتحقيق برنامجها.
ما تقييمك لأداء الحكومة؟
- من وجهة نظرى غير مُرضٍ، لكننى أعتبرها حكومة تسيير أعمال حتى الآن، وتقييمها سيكون من خلال البرنامج الذى ستلقيه أمام البرلمان، إضافة إلى مدى تنفيذها له، وبالتالى نحتاج أن تُمنح الحكومة الثقة من المجلس، لتأخذ فرصتها فى العمل ومن ثم تُسأل عليه.
بصراحة، هل البرلمان قادر على تشكيل حكومة خلال 30 يومًا حال رفضه منح الثقة للحكومة؟
- لا طبعًا.
لماذا؟
- لأن هناك حتى الآن أمورًا خلافية فى عدد من مواد اللائحة، وبالتالى ستكون هناك مشاكل كبيرة جدًا، والأنسب أن تُمنح الحكومة الثقة.
فى هذا الوضع عدم منح الثقة للحكومة يعرض البرلمان للحل؟
- هذا دستور، وليس هناك خلاف على ذلك.
البعض يقول إن المجلس موالٍ للنظام؟
- هذا المجلس لا يُملى عليه إلا ضميره، وفى الفترة الماضية رفض قانون الخدمة المدنية، وشهد اتجاهات تصويت مختلفة، وله رأى فى عدد من القضايا بشكل جاد.
على خلفية حديثنا عن الحكومة، عدد من النواب قالوا إن التأشيرات التى يحصلون عليها من الوزراء «فالصو»، ما رأيك؟
- أتفق معهم، تتكرر شكوى النواب بأنه يتم إرسال طلبات من المواطنين مُزكاة من السادة النواب، وتأخذ تأشيرات نمطية ليست لها جدوى، وهناك 50 طلبا مختلفًا قُدمت لوزير بعينه وجاءت التأشيرات متطابقة، «فلا هو قال آه ولا قال لأ»، وعلى الوزير أن تكون لديه الشجاعة ويعطى التأشيرة فى حدود ما يسمح به القانون.
وما رسالتك للوزراء الذين يعطون تأشيرات نمطية وفق توصيفك؟
- أقول للوزراء، احترموا هذا المجلس، لأنه جاء بإرادة شعبية، ولن يسمح بأن يكون هناك نوع من التسكين، وإن لم يجد الوزير نفسه قادرًا على حل مشكلة ما، فعليه أن يتنحى.
لننتقل للحديث حول علاقتك برئيس المجلس وأنت وكيله، حيث سبق أن وجه د. على عبدالعال رسالة حادة لك خلال إحدى الجلسات العامة حينما قال «ده مجلس نواب مش مجلس عرب مش معقول كده»، ما كان رد فعلك؟
- غضبت طبعًا، لكننى لم أعلن ذلك، وبقيت فى الجلسة فترة ثم غادرت، وبدأت الواقعة حين كنت جالسًا فى مكانى، وجاء النائب خالد يوسف ليقدم مذكرة ضد أحد النواب، فقلت له إن هذا النائب كان يبحث عنك ليعتذر لك، كنوع من تلطيف الأجواء، وجاء النائب الآخر وتصالح الاثنان، لكن الدكتور «على» رأى أن ذلك غير مقبول داخل المجلس، ولا أعرف كيف قيم الأمر.
هل أخطأ رئيس المجلس حينما قال ذلك أمام النواب؟
- لا أستطيع أن أقول أخطأ، لكنه كان غير موفق.
عاتبته على هذا؟
- «آه، وقالى إنت أخويا».
وما ملاحظاتك بشأن إدار الدكتور على عبدالعال الجلسات؟
- بصراحة أنا أشفق على د. على عبدالعال، ولا تتخيل كم الضغوط التى تُمارس عليه داخل البرلمان، للأسف الشديد بعض النواب يطلبون الكلمة، وعندما تتأخر يشعرون بأنهم مضطهدون ومظلومون.
استمرارًا للنقاش بشأن الأمور المتعلقة باللائحة، هل توافق على إرسال مشروعات القوانين التى يعدها البرلمان إلى مجلس الدولة؟
- لا أعترض على النص بعد تعديله والمتضمن مدة الـ30 يومًا، ويجب التوضيح أن تلك المشروعات تُعرض على مجلس الدولة لضبط الصياغة، ولا يستطيع أن يضيف أو يزيد أو يعدل.
وما موقفك من عدم بث الجلسات العامة فى التليفزيون؟
- أرفض بالطبع، لأن من حق الشعب أن يرى برلمانه بعد ثورتين.
ولماذا إذن لا تعود؟
- لم تُقدم طلبات من النواب بعودة البث، وأعتقد أنه من الضرورى أن يتقدموا بذلك.
البعض يرى أن انقطاع البث جاء للتصدى لما يفعله «نواب الشغب» أو «الذين دخلوا المجلس بالصدفة»؟
- أسميهم نواب الإثارة داخل البرلمان، وهم معروفون بالاسم، ولا يتعدى عددهم 10، والممارسة الديمقراطية والانتخابات لا تفرز الأصلح دائمًا، لكن الديمقراطية تفرض علينا قبول النتائج.
فى سياق آخر، تواجهكم اتهامات بتزوير التصويت الإلكترونى؟
- صعب جدًا، لكن أحيانًا يكون هناك خطأ فى «السيستم»، لأنها تجربة وليدة، لكن بالتأكيد ليس هناك تزوير.
وماذا عن موقف المجلس تجاه النواب الذين يصوتون بالوكالة؟
- أنا ضد ذلك الأمر، ولو ثبت تجاه أى نائب سنوجه له اللوم، وسننظر فيها بشكل جاد، لأن هذا الأمر غير دستورى، ولا يجوز أخلاقيًا.
السيد الشريف وكيل المجلس طرح مبادرة للحوار مع الألتراس داخل البرلمان، ما رأيك؟
- أنا أرى أن الألتراس شىء همجى، «لأن الناس اللى بتشجع الكورة بيروحوا ينبسطوا بشكل حضارى، أما وجود مجموعات منظمة بهذا الشكل ومرتبة ورايحة تدخل فى موضوعات سياسية، فهذا أمر غير مقبول».
تقصد أن البرلمان ليس مكانًا للحوار مع الألتراس؟
- «لأ طبعًا، أرفض شكلاً وموضوعًا، وأنا كوكيل مجلس النواب لو عاوزين يقابلونى مش هوافق، هما نقابة يعنى أو شريحة معينة، أتحاور مع مين وعلشان إيه؟».
هل تريد توجيه اللوم لأحد الأشخاص بالمجلس؟
- ألوم كل نائب يبارز زميله داخل المجلس بشكل شخصى.
وما رسالتك للوكيل السيد الشريف؟
- هو رجل فى قمة الهدوء والوقار.
ما الظرف الذى لو حدث ستستقيل من مجلس النواب؟
- لو شعرت بأننى عاجز عن أداء دورى ومهمتى.
البعض يقول إن خبرتك القانونية غير كافية، وإن مؤهلك لا يسمح لك بتولى هذا المنصب، ما ردك؟
- أولاً لا توجد اشتراطات بأن الوكيل لابد أن يكون حاصلًا على ماجستير ودكتوراة، أنا حاصل على معهد فنى تجارى، وأعمل فى التجارة، وأنا سياسى منذ 20 سنة، وأصغر رئيس مجلس محلى فى مصر لأكبر مركزين فى محافظة بورسعيد، ونائب رئيس المجلس القومى للقبائل العربية، ونائب رئيس حزب الوفد، فأعتقد أن لدى من الخبرة السياسية ما يكفى.
ما هى ملاحظاتك على ائتلاف دعم مصر؟
- يريدون أن يسيطروا على مجريات الأمور، وأن يفرضوا سياسة الأمر الواقع، على أنهم الأكثر والأغلب، لكن لا تُدار المجالس بهذه الطريقة، وسياسة الاستحواذ انتهت، وأثبتت فشلها سواء أيام أحمد عز أو فى عهد الإخوان، فلا يمكن العودة إلى الخلف، لأننا وطن به نسيج يسار ويمين.
هل يحاولوا أن يعيدوا تجربة الحزب الوطنى مرة أخرى؟
- لا أعتقد، ولن يقبل البرلمان هذا الأمر.
وما هى رسالتك لهم؟
أن يُحسنوا اختيار التوقيت، وأن يحسنوا اختيار الموضوعات، ويساهموا بشكل آخر فى إثراء المجلس.
ضمن ما جاء فى المذكرة التى وقعت عليها، رأى النواب المنسحبون أن هناك تحيز من قبل رئيس المجلس فى عدد من الأمور لصالح "دعم مصر"، ما ملاحظاتك بشأن إداراته للجلسات؟
- بصراحة أنا بشفق عليه، لا تتخيل كم الضغوط التى تُمارس عليه داخل البرلمان، للأسف الشديد بعض النواب يطلبوا الكلمة، وعندما يتأخر منحهم الكلمة، فيشعر النائب أنه مضطهد ومظلوم