فى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ مجلس النواب، تعرض اللائحة الداخلية للبرلمان على مجلس الدولة ليقوم بمراجعتها وإقرار ما إذا كانت تتوافق مع مواد الدستور أم لا، وذلك لأن اللائحة الداخلية للمجلس تصدر أيضا للمرة الأولى بقانون وليست مجرد لائحة منظمة تصدر بقرار من المجلس كما كان يحدث طوال تاريخ الحياة النيابية فى مصر.
المادتان 118 و190 من الدستور أوجبتا إرسال اللائحة إلى مجلس الدولة
المادتان 118 و190 من الدستور تحتمان عرض اللائحة الداخلية للمجلس على قسم التشريع بمجلس الدولة، وهو ما سيفعله المجلس بعد أن أعلن أمس موافقته على إقرار مشروع اللائحة وإحالته إلى لجنة ثلاثية لصياغته وفقا للتعديلات التى أدخلت على مشروع اللائحة أثناء المناقشات، ومن المقرر أن يرسل مشروع اللائحة خلال الساعات المقبلة بعد أن تنتهى لجنة الصياغة من عملها، بحيث يتم إقرار اللائحة وصدورها بقانون قبل جلسة 27 مارس المقبل وهو اليوم المحدد لإلقاء الحكومة بيانها أمام المجلس.
فالمادة 118 تنص على أن لائحة مجلس النواب تصدر بقانون للمرة الأولى وليس بقرار رئيس مجلس النواب كما كان يحدث، والمادة 190 تتحدث عن وجوب عرض أى مشروعات قوانين على مجلس الدولة لمراجعتها، ونصها كالتالى: "يضع مجلس النواب لائحته الداخلية لتنظيم العمل فيه، وكيفية ممارسته لاختصاصاته، والمحافظة على النظام داخله، وتصدر بقانون".
أما المادة 190 من الدستور تنص على: "مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل فى الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحده الإفتاء فى المسائل القانونية للجهات التى يحددها القانون، ومراجعة، وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التى تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفًا فيها، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".
إذا فإن عدم عرض مشروع اللائحة على قسم التشريع بمجلس الدولة يشوبه عدم الدستورية وفقا لهاتين المادتين.
توقعات بعدم دستورية المادة 178 من لائحة مجلس النواب
المادة 178 من مشروع اللائحة وضعت تنفيذا للمادة 190 من الدستور والتى تختص بعرض مشروعات القوانين على مجلس الدولة، إلا أنه أثناء مناقشاتها كانت هناك احتجاجات كبيرة من النواب عليها معتبرينها أنها تسمح لمجلس الدولة بالتدخل فى عمل السلطة التشريعية، وربما كان أبرز المحتجين هو النائب خالد يوسف، لكن ما لا يعرفه المحتجون عن هذه المادة هو أن مجلس الدولة لا يمكن أن يفرض شيئا على مجلس النواب، وأن رأيه غير ملزم، بمعنى أن دور مجلس الدولة فقط أن يراجع اللائحة أو أى مشروع قانون من حيث توافقه مع الدستور ويضع ملاحظاته عليه، وهنا مجلس النواب له الكلمة الأخيرة فى أن يأخذ بملاحظات مجلس الدولة أو لا يأخذ، وإن كان الأصح أنه عليه الالتزام بملاحظات مجلس الدولة منعا لشبهة عدم الدستورية فيما بعد إقرار القانون.
"هناك توقعات بعدم دستورية المادة 178 من مشروع لائحة مجلس النواب".. هكذا قال مصدر قضائى لـ"برلمانى"، وذلك بسبب إضافة مدة 30 يومًا كحد أقصى لمجلس الدولة للانتهاء من مشروعات القوانين، وتنص المادة على: "رئيس مجلس النواب يُرسل إلى مجلس الدولة مشروعات القوانين بعد الموافقة عليها فى مجموعها، وقبل أخذ الرأى النهائى عليها، ليقوم مجلس الدولة بمراجعتها وصياغاتها خلال 30 يومًا على الأكثر، وإذا لم يرد خلال هذه المدة لمجلس النواب أن يواصل فى إجراءاته فى إقرار المشروع. ويجوز لرئيس مجلس النواب أن يطلب من مجلس الدولة أن تتم المراجعة والصياغة بطريق الاستعجال وفق الأحكام المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة".
وأوضح المصدر أن هذه المادة من المواد التى تشوبها عدم دستوريتها لمخالفتها المادة 190 من الدستور، والتى لم تحدد حدًا أقصى أو مدة لمجلس الدولة لمراجعة مشروعات القوانين.
المستشار أحمد قطب: سننتهى من مراجعة اللائحة على وجه السرعة وملاحظاتنا غير ملزمة للبرلمان
دور مجلس الدولة فى مراجعة مشروع اللائحة يوضحه المستشار أحمد قطب، نائب رئيس مجلس الدولة رئيس المكتب الفنى لقسم التشريع، حيث أكد لـ"برلمانى"، أن مجلس الدولة لا يتدخل إطلاقا فى الأحكام الموضوعية للقوانين أو اللوائح لدى مراجعتها ذلك أن تلك الأحكام الموضوعية جميعها متروكة للسلطة التشريعية ولا يجوز لأى جهة التدخل فيها احتراما لمبدأ الفصل بين السلطات.
وأشار رئيس المكتب الفنى لقسم التشريع حول دور القسم إلى أنه يكون المراجعة للوقوف على مدى توافق النصوص مع الدستور وتوافق نصوص المشروع بالكامل مع بعضها البعض بما لا يؤدى إلى أى تعارض بينها وصياغتها بما يحقق إرادة المشرع وهو مجلس النواب.
وعما إذا وجد قسم التشريع أى مواد باللائحة تتعارض مع الدستور قال قطب، إن القسم سيبدى ملاحظاته على أى مواد تتعارض مع الدستور من خلال تقرير وافٍ كافٍ سيوضع تحت بصر مجلس النواب حين يتخذ قراراه، وفى النهاية السلطة فى إقرار اللائحة لمجلس النواب، مشيرا إلى أن مجلس الدولة لا يفرض رأيا وإنما هو ناصح أمين بحكم الدستور ولمجلس النواب اتخاذ ما يراه بشأن تلك الملاحظات.
وأكد أخيرًا على أن كل إمكانيات قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار محمود رسلان، قاطبة مسخرة للانتهاء من تلك اللائحة لما لها من أهمية كبرى تقديرا لدور مجلس النواب، مشددا على أن المجلس بمجرد وصول اللائحة إليه سينتهى من مراجعتها على وجه السرعة.