أثارت خطوة البنك المركزى المفاجئة بخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، بـ112 قرشًا دفعة واحدة، ليصبح سعر العملة الأمريكية لأول مرة 895 قرشًا، العديد من علامات الاستفهام حول التوقيت والآثار الاقتصادية للقرار، خاصة أن القرار جاء متبوعًا بإصدار بنك "الأهلى" و"مصر" شهادة ادخار بالجنيه بعائد 15% بشرط التنازل عن العملات الأجنبية.
خفض العملة المحلية فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر
ويساعد خفض العملة المحلية فى جذب الاستثمار الأجنبى المباشر، وزيادة تنافسية الصادرات المصرية فى الخارج، وعن طريق توحيد سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار فى السوقين الرسمية والموازية ليصبح 895 قرشًا، وهو ما سوف ينعكس إيجابًا على تدفقات الاستثمار الأجنبى خلال الفترة القادمة فى ظل أن المستثمر الأجنبى لا يفضل الأسواق التى يوجد بها سعران للعملة المحلية حتى لا يتعرض لخسائر فى تحويل العملة والأرباح.
ويعد خفض الجنيه اليوم هو الأعلى قيمة فى تاريخ سوق الصرف المصرية، والأول منذ تولى طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، مهام عمله، والأول أيضًا منذ رفع قيمة الجنيه أمام الدولار 20 قرشا خلال نوفمبر الماضى، وتثبيته لنحو 4 شهور عند 7.83 جنيه للدولار.
القرارات تعد أهم الآليات لإجهاض خطط المضاربين على العملة
وتعد سياسة البنك المركزى المصرى فى إرباك الأسواق عن طريق الإجراءات المفاجئة من أهم الآليات لإجهاض خطط المضاربين على العملة التى نشطت خلال الأيام الماضية لتصل إلى 200 قرش فارق بين السوقين الرسمية والموازية قبل أن يتلاشى بشكل كبير اليوم ليصبح السعر بالبنوك وشرطات الصرافة 895 قرشًا.
وتأتى قرارات الخفض للعملة المحلية وطرح منتج ادخارى بـ15% يعيد التوازن إلى سوق الصرف فى ظل تراجع المعروض من العملة الخضراء، وفى ظل تدفقات استثمارية متوقعة فى ظل نتائج زيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى دول أسيوية كبرى، إلى جانب زيادة تدفق إيرادات السياجة تدريجيًا خلال الفترة المقبلة، وبعد عقد طارق عامر، محافظ البنك المركزى المصرى، وقيادات مصرفية مصرية رفيعة المستوى، لقاءات مع عدة صناديق استثمار عالمية فى العاصمة البريطانية لندن، لبحث فرص زيادة استثماراتهم فى مصر خلال الفترة القادمة.
ويعد تحقيق الاستقرار النقدى من أجل توفير المناخ المطلوب للتنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل وإطلاق قدرات الاقتصاد المصرى فى جذب الاستثمار الأجنبى وتعزيز الثقة فى قوة الجهاز المصرفى وقدرته لتمويل المشروعات الكبرى، قام البنك المركزى بوضع خطة شاملة لتحقيق تلك الأهداف.
استعادة تداول النقد الأجنبى داخل الجهاز المصرفى
وسوف تسهم تلك الإجراءات فى استعادة تداول النقد الأجنبى داخل الجهاز المصرفى، وأن يتحدد سعر الصرف عن طريق قوى العرض والطلب، إلى جانب زيادة تحويلات العاملين المصريين بالخارج، وتشجيع الصادرات للعالم والتى تبلغ حاليًا 19 مليار دولار، كان جزء كبير منها يذهب للسوق الموازية فى ظل فارق الأسعار، إلى جانب زيادة أرصدة الاحتياطى الأجنبى من 16.5 مليار دولار حاليًا إلى 25 مليار دولار بنهاية العام. والنسبة لأثر الزيادة المتوقعة فى الأسعار خلال الفترة القادمة، فإن السلع والمنتجات الموجودة بالأسواق حاليًا تم استيرادها قبل نحو شهرين بأسعار دولار جزء كبير منها جاء عن طريق السوق السوداء، وبالتالى فإن الصدمة التضخمية حدثت بالفعل، ويعد هذا التوقيت هو المناسب لقرار الخفض، إلى جانب الدور الرقابى الهام المطلوب من أجهزة الدولة فى الرقابة على الأسواق منعًا لجشع التجار استغلالًا لقرار خفض الجنيه.
وتعد تلك القرارات مكملة لإلغاء الحدود القصوى المقررة للإيداع والسحب النقدى بالعملات الأجنبية للأفراد والشركات العاملة فى السلع الأساسية مثل الأغذية والأدوية ومستلزمات الإنتاج، وإلغاء قرارات فبراير 2015 المقيدة للإيداع والسحب النقدى للأشخاص الاعتبارية التى تتعامل فى مجال السلع والمنتجات الأساسية، هو البداية لتعزيز الأرصدة للقطاع المصرفى وعودة الثقة فى إيداع المدخرات.
ويأتى هذا فى إطار تعزيز انسياب حركة التجارة الخارجية وتيسير المعاملات المصرفية للأشخاص الاعتبارية التى تتعامل فى مجال السلع والمنتجات الاساسية دعمًا لقطاعات الصناعة والتجارة، وتوفير السلع والمنتجات الاساسية فى السوق المصرية، مع الإبقاء على الحدود المعمول بها للأشخاص الاعتبارية فى مجال استيراد السلع الأخرى بخلاف السلع الأساسية.
وثانى الخطوات برفع العائد السنوى، والذى يعمل على زيادة أرصدة النقد الأجنبى، على الشهادات الإدخارية بالدولار بالبنك الأهلى المصرى، ليصبح على الشهادة ذات أجل 3 سنوات، عائد 4.25% وعلى الشهادة 5 سنوات 5.25% والشهادة 7 سنوات 5.75%، وهو عائد يصرف كل 3 أشهر، وهو ما يسهم فى تعزيز الأرصدة إلى جانب شهادة "بلادى" الدولاية التى طرحت للعاملين المصريين بالخارج. وتتمثل مصادر العملة الصعبة ذات الأهمية للبلاد، فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وإيرادات قطاع السياحة ورسوم عبور قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين بالخارج، وإيرادات الصادرات، إلى جانب المساعدات والمنح والودائع من دول الخليج وتركيا التى دعمت أرصدة الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة الماضية، وبعض تلك القطاعات تأثرت بالفعل على مدار السنوات الـ5 الماضية نتيجة الاضطرابات، خاصة قطاعى الاستثمارات والسياحة.