الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 11:20 ص

"برلمانى" ينشر مقال عبدالله السناوى نقلا عن "الشروق".. يطالب بحوار بين الرئاسة والمجتمع.. يرى البديل الآمن فى الشرعية الدستورية.. ويؤكد: محتكرو النظام ولاؤهم للخارج.. والانفجار شبه محتم

من يحتكر الحديث باسم السيسى؟

من يحتكر الحديث باسم السيسى؟ من يحتكر الحديث باسم السيسى؟
الإثنين، 21 مارس 2016 07:00 م
عبد الله السناوى
نشر الكاتب الصحفى عبد السناوى مقالاً جديدًا، أمس الأحد، تطرق فيه إلى الأوضاع السياسية المتداخلة والتشابكات والتعقيدات التى تظلّل فضاء العمل السياسى فى مصر، على مستوى رؤية النظام، وأطروحات وبدائل المعارضة، نافذًا إلى جوهر المشكلة القائمة والحاكمة للسياق العام لحركة السياسة المصرية، والمنافذ الموضوعية التى يجب الدخول منها فى إطار البحث عن بديل آمن لحالة السيولة والارتباك التى تسيطر على الساحة خلال الفترة الأخيرة، وفيما يلى ننشر نص مقال عبد الله السناوى "البديل الآمن"، نقلاً عن صحيفة الشروق.
عبد الله السناوى copy

عبد الله السناوى.. البديل الآمن


لا يمكن إنكار أن مصر فى أزمة تهدد مستقبلها دون أن يكون واضحًا ماذا بعدها.

كأى أزمة من هذا النوع، يستحيل تجاوزها بسلام دون الاعتراف بها، وفتح مسام الحوار العام لكل رأى واجتهاد.

بقدر التوافقات العامة يمكن تفادى أى تقلبات حادة مفاجئة.

بارتفاع منسوب القلق العام يصعب التعويل على السياسات الحالية.

الانفجار شبه محتم، إذا لم يتم تدارك أسبابه.

هذه حقيقة لا يصح تجاهلها.

لم يعد بوسع مصر المنهكة احتمال أى إخفاق جديد، ولا تحمل أثمانه الباهظة.



وهذه حقيقة أخرى لا يجوز نفيها.

ما بين الحقيقتين، تحتاج مصر إلى بديل آمن فى التوجهات والممارسات، يستند إلى الشرعية الدستورية ويعمل على توسيع التوافقات العامة.

أى بدائل أخرى مشروعات انفجارات محتملة، لا نعرف أولها من آخرها، ولا على أى نحو سوف تستقر بنهاية المطاف.
أمام اضطرابات اجتماعية مرجحة، إثر تدهور مستويات المعيشة وغياب قواعد العدالة فى توزيع الأعباء، التى تستدعيها أى إجراءات جراحية للإصلاح الاقتصادى، فإن قضية العدل الاجتماعى لها الأولوية فى تصويب السياسات المختلة.
رغم أن الاقتصاد هو نقطة التفجير المحتملة فإن السياسة وحدها صمام الأمان.
هذه حقيقة يجب التأكيد عليها باستمرار.

عبد الله السناوى: أحد أوجه الأزمة تجريف السياسة وسد قنواتها


أحد أوجه الأزمة، تجريف السياسة وسد قنواتها، وتضييق المجال العام، والضيق بالمعارضة، وغياب أى مسار سياسى نمضى فوقه بثقة، بغض النظر عن درجات الاتفاق والاختلاف.

أمام صراعات الأجهزة الأمنية، التى انتقلت إلى العلن، والتراجع الفادح فى سجل حقوق الإنسان، فإن قضية إصلاح مؤسسات الدولة لم يعد ممكنا تأجيلها.

إما أن تكون هناك دولة قانون أو لا تكون.

بأى معيار لا يمكن لظواهر التفلت أن تفضى إلى دولة جديرة بالاحترام.



بعض التفلت نال من الجهاز الأمنى، وبعضه الآخر نال من مؤسسة العدالة، وبعضه الثالث كاد أن يحول الجهاز الحكومى إلى شبه أطلال.

إذا لم يصلح الجهاز الأمنى على نحو جاد فإننا داخلون إلى متاهة بلا نهاية.


وإذا لم تصلح مؤسسة العدالة وفق القواعد الدستورية فإن أعرق مؤسساتنا مرشحة لتآكل الثقة العامة فيها.
وإذا لم يصلح الجهاز الحكومى على نحو جذرى فإن بنيان الدولة يصعب أن يصمد لأى مهام وتحديات.

السناوى: بسبب تصدع المؤسسات العامة يجد الإرهاب بيئته


فى تصدع المؤسسات العامة يجد الإرهاب بيئته المناسبة للتوطن والتمدد، إذ يضرب المستقبل كله ويمنع أى أمل فى بناء دولة حديثة.

إصلاح مؤسسات الدولة العنوان الأكثر جدية لمواجهة الأزمة وعواصفها.


بتلخيص ما، تجد مصر نفسها داخلة فى حزام من الأزمات، يمتد إلى وجودها نفسه، حيث "سد النهضة" الإثيوبى يهدد بقسوة حقوقها التاريخية فى مياه النيل.

لا يمكن استبعاد احتمال إخفاق المفاوضات الجارية فى التوصل إلى ما يضمن الحق فى الحياة.


إذا لم يكن المجتمع محصّنًا بالتوافقات العامة، والشعور بالخطر المشترك، ومؤسساته العامة متماسكة وعلى قدر من الكفاءة والمهنية، فإن العطش المائى قد يدعو لاضطرابات لا قِبَل لأحد بها.

فوق ذلك كله، فعواصف الإقليم وحروبه يصعب التكهن بأى ترتيبات تتلوها وحسابات قوة بعدها.

هناك ميل رئاسى لفتح قنوات حوار عام تشمل السياسيين والشباب


من حق مصر أن ترى أمامها كشافات نور تضىء كل الدروب المعتمة، وأن تثق فى قدرتها على تجاوز كل الأزمات.
بناء الثقة مسألة توافقات عامة، وتلك مسألة حوار وطنى واسع لا يصح أن يتأخر.

بحسب معلومات أولية، فإن هناك ميلا رئاسيا لفتح قنوات حوار عام، تشمل شخصيات سياسية وشبابية معارضة.
التوجه فى عمومه إيجابى، فالمعارضة حق دستورى، والاختلاف كما التوافق من طبيعة السياسة.

أسوأ خيار ممكن فى أى حوار محتمل، أن تسوده العشوائية دون جدول أعمال يحدد أهدافه وأولوياته، وأن يكون لاستخلاصاته قوة الالتزام العام.
لقاء السيسى بالمثقفين copy

عبد الله السناوى: رد اعتبار السياسة بحسم ملف "كلاب الحراسة"


التوجه بذاته فيه رد اعتبار للسياسة، التى جُرِّفت على نحو أفضى إلى تغوّل بعض الأجهزة الأمنية على الحياة العامة، بما أساء إلى أدوارها الطبيعية وصلتها بشعبها وصورة نظام الحكم كله.

أول مقتضيات رد اعتبار السياسة، حسم ملف "كلاب الحراسة" - بالتعبير الفرنسى الشهير - التى أساءت إلى كل معنى وقيمة فى هذا البلد، وانتهكت كرامات الناس بلا وازع من قانون أو خشية من حساب.

حسم الملف لا يعنى خرق القانون بدوافع الانتقام، لكنه يعنى بالضبط رفع غطاء الحماية عن أى تجاوزات سلوكية وأخلاقية، تسب وتشتم وتغتال معنويًّا كل اجتهاد خارج السياق المعتمد.

وفق معلومات مؤكدة فإن هناك من يحاول تعطيل الحسم بزعم "مش وقته".


الحقيقة أن هذا وقته، فالتفلّتات شبه الهستيرية باتت فوق طاقة الدولة والمجتمع والسلطة على التحمل.
القضية تتجاوز أسماء تصوّرت أنها مراكز قوة فوق كل سلطة دستورية، وأنها باتت مركز صناعة القرار، تمليه وتحتج إذا ما نُحّيت لسبب أو آخر.

القضية فى البيئة العامة التى سُمِّمت، فاستحالت كل أزمة إلى مؤامرة وكل اجتهاد إلى طابور خامس، حتى علت أحاديث الأحذية فوق أى حديث.

محتكرو الحديث باسم النظام ولاؤهم لرجل آخر يقيم خارج البلاد


المثير أن الذين احتكروا الحديث باسم النظام، ولاؤهم لرجل آخر يقيم خارج البلاد، ويحلم بحكمها، مدعومًا بخليط من بعض الأمن وبعض الإعلام وبعض مجتمع الأعمال.

هذا الكلام يكاد يكون مُسلَّمة نهائية فى قصر الرئاسة المصرية.


بطبيعة السياسة، فإن سؤال البديل يطرح نفسه على أى مقاربات غربية أو إقليمية من مستقبل الحكم فى مصر.
فى الأحوال الحالية، لا توجد بدائل سياسية تهدد نظام الحكم الحالى، من بين دوائر المعارضة المدنية تبرر الحملات الممنهجة
على كل صوت يعترض، كأن المقصود إخلاء الساحة كلها لرجال وسياسات ما قبل ثورة "يناير".

فى العودة إلى ما قبل "يناير" مشروع اضطرابات تعود بجماعات تحرض على العنف والإرهاب إلى واجهة المسرح السياسى، والسيناريوهات كلها مفتوحة على بدائل متناقضة.

من حق مصر، التى ضحت على مدى خمس سنوات، أن تتطلع إلى تأسيس دولة جديدة قوية وعادلة، ديمقراطية وحديثة، دولة مؤسسات تلتحق بعصرها وتحترم دستورها وقيمه وروحه وتنفذ نصوصه قبل الحديث عن تعديله.
بجملة واحدة، الشرعية الدستورية البديل الآمن.. والحوار الوطنى وسيلته.

عبد الفتاح السيسى copy

print