قضى صياد شاب نصف نهار ليجمع ما يقرب من كيلو جرامين من الأسماك العالقة فى شباك الصيد، قبل أن ينظر إلى الحصيلة بأسى، آملا أن تأتيه الشبكة التالية بصيد أوفر.
لا يملك أسامة خبرة طويلة كصياد، ولكنه يقارن بين ما يجمعه حاليا من صيد، مقابل ما كان فى بداية عمله فى الصيد مع والده قبل ستة أعوام فى بحيرة المنزلة، ويتحسر على تناقص أعداد الأسماك فى البحيرة نتيجة ارتفاع نسبة التلوث، مما دفع كثير من سكان القرى المطلة على البحيرة لهجر مهنة الصيد، ولجأ نواب مدينة بورسعيد لتقديم طلب إحاطة للتحكم فى تلوث البحيرة وإنقاذ عمل ما يقرب من عشرة آلاف صياد فى ثلاث محافظات تطل على البحيرة.
بحيرة المنزلة أكبر البحيرات الشمالية حيث قدرت مساحتها بحوالى 182 ألف فدان عام 2009 طبقًا لإحصاءات هيئة الاستشعار عن بعد، ثم تناقصت المساحة بسبب أعمال الردم والتجفيف والتجريف حتى وصلت إلى 120 ألف فدان عام 2014 وذلك طبقًا لإحصاءات وزارة البيئة بما فيها مساحات الجزر ومناطق الاستزراع السمكى.
ويدرس وزير البيئة ومجلس النواب بيان إحاطة مقدم من نواب بورسعيد الخمسة عن حالة التلوث بالبحيرة بسبب الصرف الصناعى، مما أدى لظهور أسماك نافقة، وانتشار روائح كريهة وارتفاع نسبة أمراض الكبد بالمحافظة، لاعتماد سكانها على أسماك البحيرة كطعام بالإضافة إلى الأسماك من مصايد البحر المتوسط.
ووعد وزير البيئة الدكتور خالد فهمى، بتشكيل لجنة لفحص نسب التلوث بالبحيرة، فيما بدأت وزارة الرى والموارد المائية مشروعا لتكريك مدخل البحيرة من منفذ أشتوم الجميل بتكلفة مبدئية 224 مليون جنيه.
يقول أسامة شاب فى أوائل العشرينيات من عمره، "عدد الأسماك أصبح أقل كثيرا عما كان قبل خمسة سنوات، ولا ندرى إذا كانت ستتحسن الأمور مستقبلا أم لا".
ويضيف أسامة، "بدأت العمل فى الرابعة من فجر اليوم وحتى الآن لم أجمع سوى أقل من كيلو جرامين، قبل خمسة سنوات كان باطن القارب يمتلئ بالأسماك فى نفس مدة العمل".
قابلنا أسامة وقت الظهيرة وقضى ما يقرب من نصف ساعة يجوب مسافة 100 متر تقريبا، وضع فيها شباك الصيد بعرض قناة اتصال تربط بين بحيرة المنزلة وقناة السويس، وتعتبر أحد أهم محطات الصيد بالبحيرة لسكان منطقة القابوطى ببورسعيد.
أنتجت بحيرة المنزلة 55 ألفا و22 طنا من الأسماك خلال عام 2014 طبقا لتقرير إحصائى صدر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى يناير الماضى، فيما كان ينتج 62 ألفا و 262 طنا فى عام 2012 طبقا لإحصاء للمصدر نفسه.
يشكو سكان منطقة القابوطى - جنوبى بورسعيد- من نسب التلوث الناتجة من مصنع لإنتاج الكيماويات وآخر لمساحيق الغسيل رفعا معدلات التلوث مما أثر على أعداد الأسماك بهذا الجزء من البحيرة.
وتقارير رسمية لوزارة البيئة من نتاج الرصد البيئى للبحيرات المصرية، قال إن تلوث البحيرة ناتج عن ثلاث مصادر أولها الصرف الصناعى للمنطقة الصناعية، والصرف الزراعى لأراضى محافظة الدقهلية وقرى جنوب بورسعيد، بالإضافة إلى مصرف بحر البحر الناقل للصرف الصحى من مدينة القاهرة والمار بمحافظة الزقازيق حتى بحيرة المنزلة.
وأعتبر تقرير الرصد البيئى للبحيرة عن مايو من العام الماضى، بحيرة المنزلة "خزان لمياه الصرف الملوثة بالمخلفات الأدمية، من خلال استقبال مياه المصارف الزراعية وسجلت أربع نقاط لتحليل مياه البحيرة نسبة بكتريا اعلى من المعدل المسموح به نتيجة التلوث بمصرف بحر البقر، فيما ترتفع نسب المعادن والفلزات الثقيلة" كادميوم، الزئبق والرصاص" فى المناطق القريبة من المنطقة الصناعية ومصنع الكيماريات.
محمد رمادة " 44 سنة"، صياد ترك مهنة الصيد واتجه لأعمال يدوية بعد انخفاض إنتاجية البحيرة من الأسماك، رغم أنه ورث الصيد وقواربه عن أبيه وجده، وبرر تركه مهنة عائلته بأن التلوث المرتفع بالبحيرة أضر بالأسماك ولم يجدِ العمل بالبحيرة.
وطالب أسامة السيد أحد سكان منطقة القابوطى بتدخل النواب عن مدينة بورسعيد لنقل مصنع الكيماويات من المنطقة لأثره على صحة المواطنين هناك، واعتبر العمل على نقل المصنع أمرا ملحا لإنقاذ سكان محافظة بورسعيد بأكلمها، ومياه البحيرة التى يعتمد عليه نصف سكان ثلاث محافظات.
وقال أحمد فرغلى عضو مجلس النواب عن مدينة بورسعيد، إن كتلة نواب المدينة توصلت لاتفاق مع الدكتور خالد فهمى وزير البيئة على تشكيل لجنة مختصة بفحص ورصد التلوث البيئى ببحيرة المنزلة.
وعقد النائبان أحمد فرغلى ومحمود حسين، اجتماعا مع الدكتور خالد فهمى وزير البيئة، قبل أسبوع، لعرض مشكلات الصيادين مع البحيرة وارتفاع نسب التلوث بها وهو ما دفعهم للتوقيع على طلب إحاطة مجمع لمجلس النواب.
وأضاف فرغلى أن وزير البيئة قرر تشكيل لجنة مشتركة بين وزارات الرى والبيئة والصناعة والزراعة لدراسة الأثر البيئى للبحيرة وقناة الاتصال بينها وبين قناة السويس وتأثيره على الثروة السمكية.