تركت تجربة إذاعة جلسات مجلسى الشعب والشورى فى 2012 ذكرى سيئة السمعة لدى الكثير من المهتمين بالعمل البرلمانى، فنواب جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية التى سيطرت على المجلس جعلوا من أفعالهم وتصرفاتهم مادة ساخرة يومية فى كل وسائل الإعلام، وشوهوا صورة نائب الشعب فى نظر الناخبين والمتابعين للجلسات.
كثير من المشاهد والوقائع التى ساهمت فى خلق حالة من الجدل حول مدى جدوى وصحة إذاعة الجلسات العامة على الهواء، من بينها واقعة نائب حزب الأصالة السلفى ممدوح إسماعيل وهو يرفع الأذان داخل الجلسة، وكذلك صور النواب النائمون، والنواب الذين كانوا لايملكون أى قدرة على الحديث ومخاطبة الرأى العام أمام الكاميرات.
لم تكن هذه المشاهد مرتبطة فقط بمجلسى الإسلاميين، بل كانت هناك مشاهد أخرى فى برلمانات سابقة فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، منها مشهد إنشغال النواب بألعاب الموبايل، ومنها مشهد تناول نواب الوطنى "لب وسودانى" داخل القاعة.
كل هذه المشاهد تجعل إذاعة الجلسات العامة للبرلمان المقبل على الهواء أمر يستحق التفكير والتدبر، فكما أنه من حق المواطن فى أن يشاهد ويراقب أداء نائبه الذى إختاره، من حق المجلس أيضا أن يحافظ على هيبة جلساته ونوابه من أخطاء ومخاطر إذاعة الجلسات على الهواء، ويطلب إذاعتها مسجلة، إلى جانب عدم وجود نص قانونى يلزم المجلس بالموافقة على إذاعة الجلسات.
فى هذا الإطار يرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام ورئيس لجنة متابعة ورصد الأداء الإعلامى فى الإنتخابات السابقى، أنه من الأفضل أن لاتتم إذاعة جلسات البرلمان المقبل على الهواء، وأن الأكثر تناسبًا مع حالة التخبط والتصيد الإعلامى الحالية هى إذاعة الحلقات معادة بعد المونتاج، على الأقل فى أول عام من عمر المجلس، حتى تهدأ الأمور وتتضح توجهات النواب، ويتأقلموا على الأداء البرلمانى، نافيًا أن يكون هناك فائدة من إذاعتها على الهواء ولو بدعوى أن الناخب من حقه متابعة مرشحه.
ويتبنى الدكتور يسرى العزباوى، مدير وحدة الانتخابات بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية وجهة نظر مختلفة، قائلا إن إذاعة الجلسات على الهواء تحمل سلبية تزايد الشو الإعلامى لبعض النواب، إلا أن الميزة الأهم هو أن البث يمثل رقابة قوية على أداء كل نائب، وتكشف النائب الضعيف، وتفضح النواب الذين لايحضرون الجلسات نهائيًا، مشيرًا إلى أنه ليس كل برلمانات العالم تبث جلساتها على الهواء، إلا أن الوضع فى مصر قد يتطلب ذلك لمراقبة أداء النواب.
الدكتور محمد أبو حامد، المرشح الحالى وعضو مجلس الشعب السابق، والذى كان له واقعة شهيرة تم إذاعتها على الهواء أثناء مناقشة مظاهرات محمود محمود داخل المجلس 2012، أكد رفضه تكرار التجربة بهذه الطريقة، ويفضل أن تكون القاعدة السائدة أن الجلسات تذاع مسجلة، إلا إذا كانت هناك جلسة لمناقشة أمر يخص الرأى العام، مؤكدًا أن تجربة البث المباشر فى 2012 كانت كارثة، مشيرًا إلى حديث الرئيس السيسى حول أهمية العمل دون خطب وشعارات رنانة.
من جانبه أوضح شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، أن تجربة بث الجلسات على الهواء مع برلمان الإسلاميين كانت مضرة جدًا ولايجب تكرارها، مشيرًا إلى أن البث له بعد إيجابى متعلق بالشفافية ورقابة الشعب على البرلمان، أما الجانب السلبى فهو أن بث الجسات مباشرة يعرض الأمن القومى لخطر، فى حالة فتح أحد النواب لقضية لايجب مناقشتها على الهواء.