دراسة جديدة تظهر على الساحة لتضيف من جلاء الحقيقة فى قضية جزيرتى تيران وصنافير، ومدى أحقية المملكة العربية السعودية بهما، بعد الجدل الذى ثار حولهما عقب اتفاقية ترسيم الحدود مع مصر، والغضب الذى أظهره قطاع من المصريين تجاه الاتفاقية.
تلك الدراسة أعدها المؤرخ المصرى الدكتور عمرو عبد الفتاح خليل، فى كتابه "مضيق تيران فى ضوء أحكام القانون الدولى ومبادئ معاهدة السلام"، الصادر عام 1980، والتى أكد فيها أن مصر قد احتلت جزيرتى تيران وصنافير بعد اتفاق رسمى مع الجانب السعودى عقب انتهاء الحرب الفلسطينية عام 1950.
وقد كشف عن تلك الدراسة الدكتور جابر جاد نصار، رئيس جامعة القاهرة، ونشرها فى صفحته على "فيس بوك"، وتجيب هذه الدراسة على 5 أسئلة صعبة فى هذه القضية.
هل احتلت مصر الجزيرتين.. وما هى الدوافع الحقيقية لذلك؟
فى الجزء الأول من دراسته أوضح المؤرخ، تحت عنوان "فرض الملاحة المصرية السعودية على الملاحة فى المضيق"، أنه بعد انتهاء الحرب الفلسطينية قامت مصر باتخاذ إجراءات من شأنها تفتيش السفن والطائرات لكافة المؤن التى من شأنها تقوية المجهود الحربى للطرف الصهيونى.
ولكى تستطيع مصر تطبيق هذه الإجراءات فى خليج العقبة خاصة بعد أن سيطر الاحتلال الإسرائيلى على "أم رشرش"، اتفقت الحكومة المصرية مع المملكة العربية السعودية على احتلال جزيرتى تيران وصنافير وأرسلت مذكرة لكل من المملكة السعودية والولايات المتحدة تشرح فيها أسباب ذلك الاحتلال.
لماذا ادعت مصر ملكية الجزيرتين فى 1954 رغم أنها تحتلهما؟
وعن الدوافع وراء إعلان مصر فى الخمسينيات على لسان مسئوليها أن الجزيرتين ملك مصر، قال خليل فى الصفحة رقم 84 من كتابه تحت عنوان "الوضع القانونى لجزيرة تيران"، أن وضع جزيرة تيران لم يظهر الخلاف حوله إلا بعد نشوب الصراع العربى الإسرائيلى حول مشكلة الملاحة فى جزيرة تيران، وقد ادعت مصر ملكية الجزيرة وقد أعلن المندوب المصرى فى 15 فبراير عام 1954 أمام مجلس الأمن هذا الادعاء، إذ قرر أن مصر تفرض سيادتها على جزيرتى تيران وصنافير منذ عام 1906 حيث استخدمتهما فى الحرب العالمية الثانية كجزء من نظام مصر الدفاعى وإن التحصينات فى هاتين الجزيرتين قد استخدمت لحماية سفن الحلفاء من هجمات الغواصات المعادية.
وقال المندوب المصرى وقتها، إن الجزيرتين تحت الإدارة المصرية منذ عام 1906 وأن الاتفاق الذى تم مع السعودية قد أكد أن هاتين الجزيرتين جزء من إقليم مصر.
وقال الكاتب "قد كانت مصر وقت الإفصاح عن هذا الادعاء تحتل الجزيرتين احتلالا عسكريا برضا المملكة السعودية"، مضيفا أن "هذا الرضا قد جاء نتيجة اتفاق الدولتين على ذلك عام 1950 ردا على احتلال إسرائيل "لأم رشرش" على ساحل خليج العقبة سنة 1949 وقد قامت مصر بإخطار الولايات المتحدة والمملكة المتحدة فى 30 يناير 1950 و28 فبراير عام 1950 على التوالى بهذا الاحتلال فى مذكرتين".
وأوضح أن المذكرتين قد جاء فيهما أن هذا الاحتلال جاء نتيجة الاتفاق التام مع حكومة المملكة العربية السعودية وأن ذلك الإجراء لمجرد تعزيز حق مصر وكذلك أى حق محتمل للمملكة فيما يتعلق بالجزيرتين.
متى أعلنت السعودية تمسكها بالجزيرتين؟
وأضاف المؤرخ، أن المندوب السعودى أعلن عام 1957 تمسك المملكة السعودية بملكية هذين الجزيرتين وكان ذلك فى المذكرة المرسلة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة فى 12 أبريل 1957، والمذكرة الثانية المرسلة فى 17 أبريل والتى جاء فيها أن المضايق التى تفصل هاتين الجزيرتين تحت الرقابة والسيادة السعودية، وكذلك المياه التى حول الجزيرتين تعتبر من المياه الإقليمية السعودية.
وأبدى ملاحظته بأن الاتفاق تم بين مصر والسعودية وعلى إثره قامت الأولى باحتلال الجزيرتين وتحصينهما لم يضع فى اتفاقية مكتوبة، كما أن مصر لم تعترض على ما ادعاه مندوب المملكة عام 1975 أمام مجلس الأمن بل سكتت حياله تمامًا.
هل تستطيع مصر أن تثبت ملكيتها للجزيرتين؟
وأوضح الدكتور خليل، أنه يمكن الاستنتاج من المذكرة المصرية المرسلة إلى كل من بريطانيا والولايات المتحدة، أن الجزيرتين قبلها كانت ضمن السيادة السعودية وإلا لما كان هناك مبرر أو داعٍ للحصول على إذن من المملكة السعودية لتحصين الجزيرتين بواسطة القوات المصرية.
واستشهد الكاتب ببعض الفقهاء الذين أكدوا أن هاتين الجزيرتين سعوديتان من بينهم الدكتور محمد طلعت الغنيمى، والأستاذ الدكتور حامد سلطان، والدكتورة عائشة راتب، وكذا الكاتب ليوجروس.
من هم القائلون بملكية الجزيرتين لمصر؟
وطرح الكاتب رأيًا آخر يرى أن الجزيرتين مصريتان من بينهم الدكتور عمرو زكى غباشى الذى يؤيد رأيه بالحجة القائلة، بأن الجزيرتين قريبتان من الساحل المصرى أكثر من الساحل السعودى، كما أكد على هذا الرأى الدكتور عز الدين فودة الذى يرى أن تنازل السعودية عن جزيرة تيران عام 1949 لا يستند إلى أى وثيقة رسمية تثبت هذا التنازل كما أن تضارب الادعاءات ينفيهما.