ماذا تعنى القوة الناعمة؟ الصين تنشئ على نفقتها مطارًا جديدًا لتوجو، وترفع أعلامها فى قلب العاصمة وتضع صورة رئيسها فى مدخل المطار الجديد، السفير الصينى فى توجو يتحدث فى حفل الافتتاح الرسمى كما لو أنه وزير فى جمهورية توجو.
نشاط تركيا فى توجو، غرب أفريقيا، وصل لدرجة أن هناك خط طيران بين تركيا وتوجو، وبين تركيا ورواندا.
مصر توجد فى توجو على استحياء، وتحتاج دفعة قوية، لأن مجال الاستثمار مفتوح فى توجو، ولن نحافظ على قوتنا الناعمة فى قلب القارة السمراء إلا بمشروعات مشتركة مع دول وسط أفريقيا.
ماذا تعنى القوة الناعمة؟ الصين تنشئ على نفقتها مطارًا جديدًا لتوجو، وترفع أعلامها فى قلب العاصمة وتضع صورة رئيسها فى مدخل المطار الجديد، السفير الصينى فى توجو يتحدث فى حفل الافتتاح الرسمى كما لو أنه وزير فى جمهورية توجو.
نشاط تركيا فى توجو، غرب أفريقيا، وصل لدرجة أن هناك خط طيران بين تركيا وتوجو، وبين تركيا ورواندا.
مصر توجد فى توجو على استحياء، وتحتاج دفعة قوية، لأن مجال الاستثمار مفتوح فى توجو، ولن نحافظ على قوتنا الناعمة فى قلب القارة السمراء إلا بمشروعات مشتركة مع دول وسط أفريقيا.
ما الذى يدفع دولة الصين - ثانى أكبر اقتصاد عالمى بعد الولايات المتحدة الأمريكية بناتج محلى يفوق 5 تريليونات دولار وبنسبة نمو تقارب 8% وبدخل للفرد يصل إلى 6500 دولار سنويا - لأن توجه بعض استثماراتها الوطنية لدولة توجو الواقعة فى غرب أفريقيا، والغارقة فى فقر يصل لنسبة 20%، والتى يعانى أهلها من سوء خدمات وندرة البنية الأساسية المتمثلة فى المستشفيات والمدارس وعدد المتاجر التى يمكن أن يقال عليها أسواق تجارية، والذى يعد على الأصابع.
الإجابة، ثوان، سأعيد تقديم الجملة السابقة بصياغة أخرى، ما الذى يدفع مواطنًا صينيًّا يسكن العاصمة بكين، لأن يستقل طائرة لمدة 11 ساعة، ليصل للعاصمة التوجولية "لومى"، لينفذ مشروعات استثمارية هناك، مع الأخذ فى الاعتبار أن الطيران سيكون عبر رحلتين، لأن العاصمة التوجولية لا تربطها بالأساس خطوط طيران مباشرة مع العواصم المهمة فى العالم، ومن يريد أن يصل إليها لا يصل مباشرة، ولكن عن طريقة رحلات ترانزيت فى مطار أديس أبابا بأثيوبيا.
مدة رحلة الطيران من بكين إلى أديس أبابا قدرها 5 ساعات و56 دقيقة
مدة رحلة الطيران من أديس أبابا وحتى عاصمة توجو "لومى" قدرها 5 ساعات
دعونا نكمل السؤال.. ما الذى يدفع المواطن الصينى لأن يقصد توجو فى غرب القارة الأفريقية، بينما هو يعيش فى جنوب شرق القارة الآسيوية؟ وإذا مدينا الخط على استقامته فى الخريطة، فستجد أن الصين تفصلها 10 دول وبحران عن توجو، الدول هى: نيجريا والكاميرون وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا والصومال والهند وتايلاند، والبحران هما: بحر العرب وبحر الصين الجنوبى.. الإجابة بكل بساطة أن الصين تدرك أهمية دولة توجو، بموقعها المطل على خليج غينيا، وتدرك أن هذه الدولة الفقيرة تنتظر مستقبلاً باهرًا فى التنمية، ومن ثم فلا بدّ من أن تكون للصين الريادة فى الاستثمار هناك، والسيطرة مبكرًا على كل استثمارات البنية الأساسية، بل والانطلاق إلى الدول الأفريقية المجاورة التى لا تزال ممتلئة بالخيرات، رغم كل ما نهبه الاحتلال الفرنسى والألمانى لسنوات طويلة.
الخريطة توضح أين البعد بين الصين وتوجو المطلة على رأس خليج غينيا
الدول الأفريقية المجاورة لتوجو بامتداد الخريطة فى الشرق
خريطة أكثر تفصيلا لموقع الصين
ضربت مثالا عمليا بدولة الصين، لأننى حضرت قبل يومين الاحتفال الشعبى لدولة توجو بافتتاح المطار الجديد بالعاصمة لومى، وهو المطار الذى تعول عليه الدولة لأن يكون محطة ترانزيت مهمة فى وسط وغرب أفريقيا، وسيخدم 4 دول على الأقل، والشاهد هنا أن دولة الصين هى التى أنشأت هذا المطار وتحملت تكاليفه كاملة، بل ونفذته بأحدث الطرق الهندسية فى مجال البناء والإنشاء ملتزمة بالمعايير الدولية فى تصميم المطارات.
المطار الجديد بالعاصمة التوجولية "لومى"
الشكل الهندسى للمطار الجديد
موقع هبوط واستقرار الطائرات فى المطار الجديد الذى تنشئه الصين بدولة توجو
وسأنقل إليكم مشاهد فارقة من حفل الافتتاح، تعكس تأثير الشعب الصينى فى دولة توجو، ومدى إدراك المواطن التوجولى لأن الصين دولة فارقة فى مستقبله، رغم أن الصين لا أفريقية ولا ترفع شعارات القارة السمراء.
1. قبل موقع المطار الجديد بـ500 متر، تواجد أكثر من 400 مواطن توجولى رافعين أعلام توجو والصين فى وقت واحد
الأعلام الصينية والتوجولية
2. الباب الرئيسى لمقر الاحتفال بالمطار الجديد بجواره صورة الرئيس الصينى والرئيس التوجولى
صورة الرئيس الصينى والرئيس التوجولى فى افتتاح المطار الجديد
3. بامتداد منطقة الاحتفال توجد 5 أعلام، بينها علم للصين، ويتكرر الأمر
4. مثلما كانت هناك كلمة لوزير النقل التوجولى فى افتتاح المطار كانت هناك كلمة للسفير الصينى فى توجو
السفير الصينى يتحدث فى حفل افتتاح المطار الجديد
5. عدد الصينين الحاضرين فى حفل الافتتاح كان ملفتًا للانتباه وسعادتهم كانت كبيرة وخاصة من شاركوا فى تنفيذ المشروع
الصينيون يتواجدون بقوة فى حفل الافتتاح بتوجو
صينيون آخرون يتواجدون أيضا
6. مثلما كانت تتواجد وسائل إعلام توجولية لتغطية افتتاح المطار، كانت تتواجد وسائل إعلام صينينة للترويج لدولة الصين فى وسط أفريقيا
وسائل إعلام أفريقية وصينية تتواجد لتغطية الحفل
خاصة أن الاحتفال شهد حضور دعوات من كل الدول الأفريقية ومن القاهرة حضر هانى العدوى رئيس سلطة الطيران المدنى المصرى ونيفين واصف مستشار الشركة القابضة لمصر للطيران، فضلا عن كل السفراء بدولة توجو، وسفيرنا كريم شريف كان فى مقدمتهم، والدعوات الكثيرة دلالتها بالنسبة للصين انتشار قوتها الناعمة وسط أفريقيا، ومن ثمّ توسع دائرة تأثيرها وتوسع استثماراتها
السفير المصرى كريم شريف خلال تفقد المطار
نيفين واصف مستشار الشركة القابضة لمصر للطيران تشارك فى الافتتاح
هانى العدوى رئيس سلطة الطيران المدنى ونيفين واصف مستشار الشركة القابضة لمصر للطيران ومحمود سعد الدين خلال حفل الافتتاح
جانب من الحضور
7. بعد الاحتفال تجول رئيس توجو داخل المطار الجديد لتفقده، وكان يسير بجواره السفير الصينى، ثم باقى وزراء الحكومة فى توجو، وهذا له دلالته عن مدى اختراق الصين لقلب دولة توجو
السفير الصينى يرافق رئيس الجمهورية خلال تفقد المطار الجديد
الحضور يشاركون تفقد المطار
محمود سعد الدين وفى الخلفية الرئيس التوجولى والمشاركون فى الاحتفال
8. المشهد المهم أيضًا أن أى مواطن توجولى سيفتكر الصين دائما بأنها "هى التى عملتنا المطار، ومن ثمّ ستكون فى القلب وأيضًا فى مقدمة من يفوزون بخير هذه البلد "
فى سردى، كيف وصلت الصين لقلب أفريقيا وكيف تخاطبهم وتتعامل معهم؟ ولكن سأنقل إليك قليلا من المفاجآت الأخرى، هل تعلم أن تركيا تتواجد بقوة أيضًا فى قلب أفريقيا، وتحديدا رواندا، لدرجة أن عددًا كبيرًا من المستثمرين الأتراك يعملون هناك، فضلا عن وجود رحلات طيران بين رواندا وتركيا، وبين رواندا وتوجو، مع الأخذ فى الاعتبار أن مصر ليس لديها خطوط لا مع توجو ولا مع رواندا.
سأكمل لك، هل تعلم أن اللبنانيين منتشرون فى توجو، وتحديدا العاصمة "لومى" وتقريبا هم المسيطرون على تجارة السيارات، وبمناسبة السيارات فهى رخيصة لأنها بدون جمارك، وتأتى عن طريق الميناء الجديد، إضافة إلى أن أحد أشهر المطاعم فى العاصمة لومى هو مطعم مملوك لمواطن لبنانى، وعندما زرته وتحدثت معه أخبرنى أنه متواجد هنا منذ عام 2000، ويؤكد لى أن البلد فى تقدم، وضرب مثالاً بإنشاء بنوك جديدة ودخولها عصر النقل البحرى بعد إنشاء ميناء كبير على سواحلها.
مدينة لومى العاصمة التوجولية
شوارع توجو
الأغرب بالنسبة لى إسرائيل، كنت أعتقد أن إسرائيل متواجدة فقط فى إثيوبيا؛ لتهديد أمننا القومى عبر اللعب فى ملف سد النهضة، ولكن الغريب أن إسرائيل متواجدة هنا بقوة، لدرجة أن أغلب مناجم الذهب فى دولة توجو يسيطر عليها، تنقيبًا واستخراجًا شركات إسرائيلية، فضلا عن أن طاقم الحراسة للرئيس السابق "جناسينجبى"، والد الرئيس الحالى فورى جناسينجبى، كان يضم إسرائيليين، وحتى الحكومة الإسرائيلية الحالية علاقتها جيدة بالرئيس التوجولى الحالى، ويتبادلون التهانى فى مناسبات مختلفة.
قائمة الدولة الحاضرة بقوة فى قلب أفريقيا وتوجو لم تنته، فشريط المغرب العربى متواجد، ولك أن تعرف أن أحد أكبر أسواق الأدوات الصحية تمتلكه سيدة جزائرية، وهو المحل الأول لكل مستلزمات التشطيب فى أى فندق أو منشأة حكومية.
كل ما ذكرته من دول حاضرة فى توجو وقلب أفريقيا، هم لاعبون جدد، باستثناء إسرائيل، ولكن الدول الحاضرة منذ وقت سابق ما زالت متواجدة بقوة، مثل دولة فرنسا مثلا، فهناك مستشفى فرنسى ومدرسة فرنسى ومشروعات كثيرة نفذتها الحكومة الفرنسية، نفذتها من أجل تحافظ على تواجدها وعلى قوتها الناعمة فى هذه الدولة وغيرها من دول قلب أفريقيا.
شوارع جانبية فى توجو
السؤال.. هل نحن متواجدون؟ نعم، ولكن على استحياء، شركة "المقاولين العرب" تعمل هنا منذ سنوات طويلة، وحاليًا تنفذ مشروع طريق مهم، وسأتقابل غدًا مع مسؤول شركة المقاولين العرب هنا، وأصور كل مشروعاتهم، وسأكتبها فى رسالة منفصلة، وقبل شهور كان المهندس إبراهيم محلب فى زيارة لتوجو، والتقى الرئيس، وتم الاتفاق على عدد من المشروعات، ولكن الحقيقة تواجدنا مقارنة بالدول الأخرى ضعيف، خاصة وأننا نسعى لشراكة أفريقية مع دول قلب أفريقيا، ودولة مثل توجو أمامها مستقبل باهر، تواجدنا هنا فقط من خلال نشاط السفير المجتهد وشركة المقاولين العرب وبعض أئمة الأزهر الشريف، المنتظر أن تنفذ الحكومة المصرية مستشفى، وتشارك فى عمليات التدريب للعاملين بالمطار من خلال التعاون مع شركة مصر للطيران، وتدريب العاملين بالميناء من خلال التعاون مع هيئة قناة السويس، وهذا أعتقد أنه انطلاقة طيبة ولكن يحتاج لمزيد من الجهد والتطلع للأفضل.
أتمنى ألا أكون أطلت فى السرد للحلقة الثانية من رحلتى لقلب أفريقيا، على المستوى الشخصى تأثرت بتجربة الصين ولمست القوة الناعمة التى تتزايد يومًا بعد يوم للصين، ولمست انتشار الصين فى مشروعات البنية الأساسية، وغرت على بلدى، فلا الصين دولة أفريقية مثلى، ولا الصين دولة تسعى لشراكة حقيقية مثلى، ولا الصين بينها وبين توجو روابط تاريخية مثلى، الانتشار فى أفريقيا يحقق ركيزتين أساسيتين على طريق النجاح، القوة الناعمة والاستفادة من خيرات القارة السمراء، وبمناسبة تكرار القوة الناعمة فسأدلل بأهمية توجو، فهى عضو فى مجلس السلام والأمن الأفريقى، وعضو بالاتحاد الأفريقى وعضو بمنظمة التعاون الإسلامى وعضو بالأمم المتحدة، ومن ثمّ هى صوت مهم فى معادلات القوة بالمحافل الدبلوماسية الدولية، وتذكروا أن توجو صوتت لمصر فى عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى يناير الماضى.
انتظرونى فى حلقة جديدة غدًا.. حلقة مختلفة من قلب أفريقيا عن حكايات الاحتفال الشعبى لتوجو بافتتاح المطار الجديد، سأسرد كثيرا عن الشعب الذى لا يمل ولا يتعب من الرقص حتى لو كان تحت خط الفقر.
ميدان بتوجو
محمود سعد الدين فى مطار توجو الجديد