واهم من يظن أن نقابة الصحفيين تضع نفسها فوق القانون أو تتعامل على أنها خارج المحاسبة، النقابة وأهلها ينطلقون من أنها كانت ولا تزال محرابا للعدالة، أبوابها مفتوحة لكل مظلوم، لكل صاحب شكوى، على سلالمها كانت البدايات دائما، الأصوات الأولى للحرية لم تخرج إلا من شارع عبد الخالق ثروت فى يناير 2011، الشرارة الأولى انطلقت من هناك، وفى 28 يناير كانت المعركة الأسخن على أبوابها، كل الأحزاب السياسية التى لعبت دورا بعد ثورة يناير وحتى الآن كانت تتخذ من النقابة مقرا لعقد المؤتمرات أو إعلان المواقف، دائما نقابة الصحفيين هى صوت من لا صوت له، لأنها المكان الآمن للجميع، وبالتالى كان لزاما علينا جميعا التصدى لاقتحام النقابه، لأن الاقتحام بمثابة تعد على هذا التاريخ الطويل وعلى هذا الحق الذى تحتفظ به النقابة لنفسها دون غيرها.
اقتحام النقابة يجسد تغييرا نوعيا فى التحرك الأمنى تجاه مفهوم الرأى والتعبير ومفهوم مهنة الصحافة بشكل عام، لأن المهنة مهما كان درجة اختلافها مع الأجهزة الأمنية لأى سبب من الأسباب، إلا أنه كان هناك دائما شعرة تفصل بين المتاح وغير المتاح من أى تصرفات أمنية مع النقابة، وأعضاء مجلس إدارتها، ولم يكن متوقعا أبدا أن تقدم الأجهزة الأمنية على اقتحام النقابة والقبض على أى عضو من أعضائها لأى سبب.
هذه الخطوة تنقل الأمن لدرجة أكبر من العناد وفرض القوة والسيطرة، بل ومحاولة إظهار "العضلات"، ومن بعدها قمع.. نعم قمع الصحافة، لأن هذه الطريقة من تعامل الأمن مع الإعلام ليس لها نتيجة غير قمع الصحافة وإخماد أى صوت معارض ووأد أى محاولة للانتقاد، وهنا الأمن لا يفرق بين الانتقاد من أجل البلاد أو الانتقاد من أجل الانتقاد.. كلاهما يتساويان وكلاهما يحملان عند الأمن مفهوم ضرب الدولة.
الخطر الأكبر أن 48 ساعة مرت على أزمة اقتحام النقابة دون إجراءات حقيقية من القيادة السياسية نحو الحل، اللهم إلا أحاديث هنا وهناك عن تحضير للقاءات بين رئيس الوزراء ومجلس النقابة واتصالات من أطراف أخرى بنقيب الصحفيين يحيى قلاش، وهى جميعها اتصالات لإضاعة الوقت، لأنه لو كانت الدولة تريد أن تحل الأمر وتوئد الفتنة قبل أن تشتعل لفعلت ذلك، غير أنها وللأسف اتخذت طريقا مغايرا تمامًا، ففرضت كردونا أمنيا حول النقابة وأغلقت شارع عبد الخالق ثروت، بل وتواطأت مع مجموعة من المواطنين الشرفاء على مداخل النقابة، الذين يستقبلون الزملاء الصحفيين بالشتائم.
هنا بات أكيدا أن القيادة السياسية أو صاحب القرار أو مدير هذا الملف فى الطرف الآخر ينتظر أن يرى "آخر الصحفيين"، يرى ماذا سيفعلون فى جمعيتهم العمومية، هل سيتحشدون حقا ولا ينصرفون حتى إقالة وزير الداخلية أم أن جمعيتهم العمومية ستنتهى بأعداد قليلة تكشف قوتهم الحقيقية.. مقاييس المعادلة هنا كاشفة للجميع أن الجمعية العمومية للصحفيين هى الفارق فى معادلة القوة.. هى التى ستوازن العلاقة بين الصحافة والأمن وتضع القيادة السياسة فى حرج على التأخر فى إصدار قرار ينصف كرامة نقابة الصحفيين أو أن الجمعية العمومية لا قدر الله ستكون نهايتنا جميعنا وسترجح كفة الأمن على حساب الصحافة .
الأصل.. أن جمعيتنا العمومية هى الفيصل وحضورها واجب علينا جميعا من أجل الحفاظ على النقابة وكرامة الصحفيين
#الصحافة ليست جريمة
#متضامن مع نقابة الصحفيين