تستقبل نقابة الصحفيين فى يوبيلها الماسى معركة جديدة من أجل الحفاظ على هيبة وكرامة الصحفيين، وذلك بعد انتهاك قوات الأمن لحرمة نقابة الصحفيين إحدى قلاع الحرية فى مصر، والقبض على الزميلين عمرو بدر، ومحمود السقا على إثر مشاركتهما فى مظاهرات رافضة للتنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية، لتعيد إلى الأذهان تاريخ كبير من المعارك التى خاضتها نقابة الصحفيين على مدار تاريخها البالغ 75 عاما، ضد النظام حينا، ودفاعا عن حريات الرأى والتعبير أحيانا أخرى.
معارك الجماعة الصحفية
وبدأت معارك الجماعة الصحفية منذ تأسيسها عام 1941، حيث دارت أول معركة نقابية حول تخفيض مدة اعتبار الصحفى تحت التمرين من 10 سنوات إلى سنتين، وتم رفع قيمة المكافأة من نصف شهر إلى شهر كامل عن كل سنة ابتداءً من أولى سنين الخدمة، بشأن المعاش، وانتهت الأزمة بانتخاب محمود أبو الفتح بالتزكية أول نقيب للصحفيين، وتم انتخاب حافظ محمود كأول وكيل عام للنقابة.
وما لبثت الجماعة الصحفية إلا واستقبلت عام 1942 بمعركة جديدة دفاعا عن حرية الصحافة وضد تقييد الحريات والرقابة على الصحف التى وقفت ضد نشر هذا القرار، فقام محمد حسنين هيكل، عضو مجلس الشيوخ آنذاك، بإلقاء نص البيان الصادر عن الجماعة الصحفية خلال جلسة المجلس، وتم تسجيله بمضابط المجلس ونشر فى جميع الصحف نقلا عن المضابط.
القيود على النشر
وفى عام 1951 تصدت الجماعة الصحفية لمحاولات البرلمان بوضع قيود صارمة على الصحافة بتغليظ عقوبات النشر، وحظر نشر أى أخبار تتعلق بالسراى أو أحد أفراد الأسرة الملكية إلا بعد (ختم) من الديوان الملكى، ومن المفارقات أن من تقدم بهذا المشروع هو عضو مجلس النواب عن حزب الوفد استيفان باسيلى.
وتم عقد جمعية عمومية حضرها أصحاب الصحف ومحرروها للاحتجاج على هذه التعديلات، وأصدرت الجمعية قرارا باحتجاب الصحف المصرية يومًا لتسجيل احتجاجها على التعديلات، مما دفع النائب الوفدى لسحب المشروع.
وفى واحدة من أهم معارك نقابة الصحفيين وأنبلها على الإطلاق، كانت معركتها ضد التطبيع مع الكيان الصهيونى بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد، وقادت النقابة تحركا شعبيا واسعا لرفض الاتفاقية، الأمر الذى دفع الرئيس محمد أنور السادات بتحويل النقابة إلى "نادى للصحفيين"،
الأمر الذى زاد من حدة غضب الجماعة الصحفية ودفعها بقيادة النقيب كامل زهيرى لتوسيع تحركاتها الغاضبة ضد النظام، حتى أعلن "السادات" تراجعه عن موقفه بتحويل النقابة إلى ناد اجتماعى.
ورغم التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد إلا أن قانون نقابة الصحفيين نص بشكل واضح وصريح على "حظر كافة أشكال التطبيع المهنى والشخصى والنقابى ومنع إقامة أية علاقات مع المؤسسات الإعلامية والجهات والأشخاص الإسرائيليين، حتى يتم تحرير جميع الأراضى المحتلة واستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة، وتطلب الجمعية العمومية من أعضائها جميعا الالتزام الدقيق بقرارات عدم التطبيع وتكليف المجلس بوضع أسس المحاسبة والتأديب لمن يخالف القرار".
معركة القانون 93
وخاضت النقابة أيضا معركة قوية ضد قانون 93 لسنة 1995، الذى عرف وقتها بقانون حماية الفساد، حيث عقدت جمعية عمومية غير عادية، لرفض القانون الذى وضع قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية وصفه الكاتب محمد حسنين هيكل وقتها بأنه "تشريع عقابى"، وانتهت المعركة بصدور قانون 1996، الذى حقق مطالب الجماعة الصحفية.
وعام 2006 عقدت الجمعية العمومية للصحفيين برئاسة جلال عارف اجتماعا، للمطالبة بإلغاء الحبس فى قضايا النشر وإزالة القيود على الحريات الصحفية أعقبها مظاهرة أمام مجلس الشعب آنذاك، للمطالبة بإلغاء الحبس فى قضايا النشر، والمطالبة بإقالة وزير الداخلية حبيب العادلى، بعد اعتداء رجال الأمن على عدد من الصحفيين على سلالم النقابة، واحتجبت 26 صحيفة استجابة لقرار مجلس النقابة بالاحتجاب.
ومع انطلاق شرارة ثورة 25 يناير 2011 وكان أبرز المشاهد التى أثارت غضب المصريين هو سحل رجال الشرطة للصحفى الكبير محمد عبد القدوس، رئيس لجنة الحريات، يوم 26 يناير 2011، لتنطلق بعد ذلك شرارة الثورة فى جمعة الغضب، ويتنحى فى النهاية الرئيس الأسبق مبارك عن الحكم يوم 11 فبراير.
وفى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، انتفضت نقابة الصحفيين ضد مقتل المصور الصحفى الحسينى أبو ضيف، فى ديسمبر 2012، أثناء تغطيته فعالية مظاهرات الإخوان أمام قصر الاتحادية الرئاسى بمصر الجديدة، ونظَّم وقتها الصحفيون وأهالى الشهداء اعتصامًا مفتوحًا أمام النقابة فى فبراير 2013، ولم تكن النقابة بعيدة عن مظاهرات 30 يونيو، كما أنها احتضنت مؤتمر حملة تمرد لإعلان عدد الاستمارات التى تم جمعها لعزل مرسى.