السبت، 23 نوفمبر 2024 05:45 م

"المصرى لدراسات الديمقراطية" يصدر تقريره حول المرحلة الأولى من سباق البرلمان: غياب الشباب قول مزوّر.. فشل الأموال والعاطفة الدينية فى جذب الناخبين.. ونسبة المشاركة جيدة وفى المستويات العالمية

داليا زيادة: "الشباب ما غابوش"

داليا زيادة: "الشباب ما غابوش" الشباب ما غابوش
الإثنين، 02 نوفمبر 2015 04:01 ص
كتب زكى القاضى
منذ إغلاق باب التصويت فى الجولة الثانية من المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، وكثير من المراكز الحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى والمؤسسات المهتمة بالشأن السياسى والانتخابات، تصدر تقارير وبيانات بشأن متابعة المرحلة الأولى من سباق مجلس النواب 2015، قبل المؤتمر الصحفى للجنة العليا للانتخابات، برئاسة المستشار أيمن عباس، بشأن النتائج النهائية للجولة وبعده، وحتى الآن، ومؤخّرًا أصدر المركز المصرى لدراسات الديمقراطية الحرة، برئاسة داليا زيادة، تقريره الرابع حول تقييم الانتخابات البرلمانية فى مصر، والذى أكد فيه أن إجمالى نسبة المشاركة فى المرحلة الأولى بجولتيها بلغت 26.69% من إجمالى الناخبين المقيدين فى قاعدة البيانات، بواقع 26.56% فى الجولة الأولى، و21.71% فى جولة الإعادة، مؤكّدًا أنها نسبة جيدة جدًّا مقارنة بكل الاستحقاقات المماثلة على المستويين العالمى والمحلى، وحسبما جرت العادة فى مصر منذ ثورة 25 يناير، فقد كان أصحاب النصيب الأكبر من المشاركة النساء المرأة وكبار السن.

القول بغياب الشباب عن اللجان "حديث زور"


وأضاف التقرير، أن عددًا من وسائل الإعلام ردّدت زورًا أن الشباب امتنعوا وغابوا عن المشاركة فى التصويت، وذلك رغم الحضور القوى للشباب فى كل مراحل العملية الانتخابية، بدءًا من تنظيم حملات المرشحين ومؤتمراتهم العامة، وأفراد التأمين من الجيش والشرطة، والشباب العاملين فى وسائل الإعلام المختلفة التى غطّت فعاليات الانتخابات، وحتى القضاة الذين تولوا الإشراف على اللجان وكان قطاع كبير منهم من الشباب.

وأرجع التقرير السبب فى هذا الانطباع، إلى ما أثاره بعض النشطاء التابعين لجماعة الإخوان الإرهابية، أو المعارضين المنتمين لكيانات سياسية، من دعوات عبر وسائل التواصل الاجتماعى لمقاطعة الانتخابات، فى محاولة لإحباط الاستحقاق الأخير فى خارطة الطريق التى أقرها الشعب المصرى والقوى السياسية يوم سقوط الإخوان فى 3 يوليو 2013.

نتائج الانتخابات بالنسبة للأحزاب السياسية


حملت هذه الانتخابات مفاجأة على صعيد نتائج الأحزاب وما حققته من مكاسب، وضمت قائمة الأحزاب التى حصدت أكبر عدد من المقاعد على النظام الفردى خلال المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية: حزب المصريين الأحرار بواقع 36 مقعدًا، ثم حزب مستقبل وطن بواقع 28 مقعدًا، ثم حزب الوفد بواقع 17 مقعدًا، وحزب النور السلفى بواقع 10 مقاعد، ثم حزب الشعب الجمهورى بـ 7 مقاعد، والمؤتمر 6 مقاعد، وحماة الوطن 4 مقاعد، والمصرى الديمقراطى الاجتماعى 3 مقاعد.

وتدل هذه النتائج على تغيّر كبير فى مزاج الناخب المصرى تجاه طريقة اختياره لممثليه فى انتخابات البرلمان، إذ لم تنجح الطرق التقليدية التى استغلها بعض المرشحين فى الحشد، مثل تقديم الأموال أو الوعود الحكومية أو حتى التلاعب بالعواطف الدينية، ولعل فشل حزب "النور" السلفى فى حشد غالبية المقاعد كما كان يتمنى، أبرز هذه المؤشرات على التغير الذى أصاب مزاج الناخبين، وهو الأمر الذى سبّب صدمة كبيرة لقيادات الحزب، وخاصة مع نجاحه من قبل فى الفوز بأعداد كبيرة فى برلمان ما بعد ثورة يناير، حتى أن قيادات الحزب أرادت التشكيك فى نتائج الانتخابات الحالية، ولوّحت أكثر من مرة بالانسحاب من استكمال المنافسة فى المرحلة الثانية، تحت ضغط الخسائر والنتائج الصادمة.

تمثيل الفئات المهمّشة سياسيًّا


وفيما يتعلق بنسبة تمثيل الفئات التى كانت مهمّشة سياسيًّا خلال المراحل السابقة، وهى المرأة والشباب والأقباط، فقد جاءت مرتفعة بدرجة طفيفة عن أيّة انتخابات برلمانية جرت فى السابق، إذ حصلت المرأة على 5 مقاعد، وحصل الشباب تحت 35 سنة على 12 مقعدًا، وحصل الأقباط على 16 مقعدًا، ويرجع الفضل الأول فى هذا التقدّم إلى نظام الكوتة على القوائم، والذى أجبر الأحزاب والقوى السياسية على إدراج هذه الفئات ضمن مرشحيها.

ثانيا: حرية ونزاهة الانتخابات


شهدت الانتخابات فى المرحلة الأولى، وعلى جميع مستوياتها، قدرًا كبيرًا من الحرية والنزاهة اللتين لم تشهدهما مصر فى أيّة انتخابات برلمانية سابقة على طول تاريخها، فرغم وجود عدد من المخالفات البسيطة، والتى تمثلّت فى محاولات البعض توجيه الناخبين والتأثير عليهم أمام اللجان، إما بالتحدث المباشر معهم قبل التصويت أو بتعليق لافتات على أبواب مقرات الاقتراع أو توزيع منشورات، أو تأخر فتح اللجان فى الدوائر البعيدة فى بعض القرى والنجوع، وثبوت حالتين لسيدتين تابعتين لحزب "النور" السلفى قامتا بالتصويت أكثر من مرة بأكثر من بطاقة هوية، خلال الجولة الأولى فى مرسى مطروح، وخلال المرحلة الثانية فى كرداسة، إلا أن هذه المخالفات لم ترق بأيّة حال لكونها انتهاكات تضر بنزاهة عملية التصويت، لا كليًّا ولا جزئيًّا، ويرجع الفضل فى ذلك إلى عدّة عوامل.


أولا: أداء اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية



أ- أهم النقاط الإيجابية فى أداء اللجنة



- توزيع القضاة على الدوائر المختلفة، وسرعة استبدال القضاة حال حدوث أيّة ظروف طارئة تضطر لاستبعاد أحدهم

- تجهيز اللجان وفقًا للشروط والضوابط المحدّدة فى هذا الشأن، بما يضمن حرية الناخب الكاملة فى الإدلاء بصوته بخصوصية، ومساعدة المشرفين للناخب فى التعرف على عدد المقاعد المراد التأشير عليها، أو إيضاح أى شىء لا يفهمه فى أى جزء من الإجراءات

- مراعاة كبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة فى معظم اللجان

- زيادة أعداد لجان التصويت الفرعية، لتيسير تنقل المواطنين إليها للإدلاء بأصواتهم

- تحديث قواعد بيانات الناخبين بشكل مستمر، لضمان عدم تكرار المشكلات التى سبق وأن ظهرت فى الاستحقاقات السابقة

- جعل مدة التصويت على يومين كاملين، من التاسعة صباحًا وحتى التاسعة مساء.

ب- أهم نقاط التقصير من جانب اللجنة


- عدم مراعاة المغتربين، خصوصًا وأن كثيرًا من المحافظات التى تم التصويت فيها خلال المرحلة الأولى هى محافظات إقليمية بعيدة، يستغرق السفر إليها من العاصمة القاهرة - حيث يعيش ويعمل أغلب من لهم حق التصويت فيها - ما بين أربع إلى عشر ساعات سفر، وهو ما أثر على بعض الناخبين من المغتربين الذين لم يتمكنوا من السفر إلى محافظاتهم الأصلية، ولم تتح لهم اللجنة العليا للانتخابات لجان اقتراع خاصة بهم، على غرار ما حدث فى انتخابات الرئاسة مثلاً، وهو ما أوصى التقرير اللجنة العليا بتداركه فى المرحلة الثانية من التصويت نظرًا لوجود قطاع كبير من المحافظات الإقليمية بها أيضًا.
- عدم نشر السير الذاتية للمرشحين على موقع اللجنة العليا للانتخابات، من واقع الأوراق المقدمة لهم من المرشحين أنفسهم، وهو الأمر الذى كان سيسهل على كثيرين من الناخبين التعرف على الخلفية المهنية والعملية للمرشح قبل اختياره، وهو أمر يمكن تداركه فى المرحلة المقبلة.

- لم تكن هناك درجة جيدة من التفاعل بين اللجنة العليا ومنظمات المجتمع المدني على غرار ما جرى فى الاستحقاقات السابقة، إذ لم ترد أيّة ردود منها بخصوص ما تقدّمت به منظمات المجتمع المدنى من شكاوى بشأن وجود مخالفات من قبل بعض المرشحين، أو الأمور التى تحتاج إلى التعديل أو التدخل الفورى.

ثانيا: شهدت المرحلة الأولى درجة عالية من حسن توزيع قوات التأمين من قبل وزارة الداخلية والقوات المسلحة، فضلاً عن الخطوات الاستباقية التى اتخذتها وزارة الداخلية للسيطرة على المجرمين و"بلطجية الانتخابات" المعروفين، قبل بدء التصويت، وهو الإجراء الذى قلّص من أعمال العنف التى كانت متوقعة بدرجة كبيرة، وخصوصًا فى محافظات الصعيد البعيدة والمعروفة بتكرار الاشتباكات القبلية والثائرية بها، لا سيّما فى أوقات الحشد السياسى، مثل الانتخابات البرلمانية، كما نجحت قوات التأمين أيضًا فى معاونة الإدارات المحلية ورؤساء اللجان فى السيطرة السريعة على أيّة مخالفات دعاية حاول بعض المرشحين التأثير بها على الناخبين فى يومى التصويت.

ثالثا: ارتفاع درجة النضج السياسى لدى المواطن العادى، بما مكّنه من أن يكون رقيبًا على صوته، ولا ينساق لمحاولات الحشد بناء على العاطفة الدينية أو الوطنية، أو قبول الرشاوى الانتخابية أو الوعود الزائفة، كما كان يحدث فى الماضى.
رابعا: حياد أجهزة الدولة المعنية بتنظيم الانتخابات والإشراف عليها، إذ إن هذه الانتخابات هى أول انتخابات برلمانية لا تكون للدولة أيّة انحيازات واضحة خلالها، فالسلطة التنفيذية لا تنتمى إلى خلفية حزبية، ومن ثمّ ليس لرئيس البلاد أو للحكومة أيّة انتماءات حزبية تؤثر عليهم وعلى حيادهم فى التعامل مع تفاصيل العملية الانتخابية.

print