مع انطلاق الدعاية الانتخابية، والتى بدأ معها موسم من يوصفون بأنهم "أرزقية الانتخابات" والذين يعملون فى مهن مثل الطباعة والفراشة وغيرها، كشفت جولة "برلمانى" فى مناطق عابدين والعتبة التى يتواجد بها عدد كبير من المطابع، ومحال الفراشة عن وجود ركود فى سوق الدعاية الانتخابية حتى الآن.
جولة "برلمانى" كشفت عن أن المرشحين بدءوا فى اللجوء لأساليب أرخص فى الدعاية، فبدلا من الاعتماد على إقامة السرادقات والمؤتمرات؛ تقلص الوضع إلى الاعتماد على المقاهى والمطاعم، حيث يقوم المرشح بتجميع عدد من المواطنين على أحد المقاهى لعرض برنامجه الانتخابى بدلا من تنظيم مؤتمر يتكلف مبالغ مالية طائلة وهو ما عاد بتأثير سلبى على أصحاب محال الفراشة.
أما بالنسبة للدعاية الانتخابية الخاصة بطباعة اللافتات الخاصة بالمرشحين فأكد عدد من أصحاب المطابع الذين تحدث معهم "برلمانى" أن السوق تشهد ركودا، وأن الإقبال حتى الآن ضعيف ربما بسبب تخوف المرشحين من إلغاء الانتخابات متمنين أن يحدث تغيير بعد انطلاق موعد بدء الدعاية.
فى شارع طويل تعلو فيه أصوات ماكينات الطباعة، بمنطقة العتبة، بدت بعض ملامح استعداد المرشحين للدعاية الانتخابية بانتشار لافتات تحمل صور بعضهم فى الانتخابات البرلمانية القادمة، وتعمد أصحاب المطابع وضعها فى الواجهة كنوع من الدعاية وجذب المرشحين لطبع دعاياتهم الانتخابية لديهم.
هنا فى حارة "محمد على"، المعروفة بانتشار المطابع، ومحال الفراشة، وقف الحاج أحمد صاحب مطبعة، يتحدث لـ"برلمانى" عن ركود السوق حتى الآن، متمنيًا أن يصبح الوضع مختلفا، خاصة بعد أن انطلقت الدعاية الانتخابية رسميا.
وأشار إلى أن زبائنه عادة من المرشحين المستقلين، وبعض المرشحين التابعين لأحزاب مثل: الوفد، لكن بعض الأحزاب الأخرى لديهم المطابع الخاصة بهم.
ويسترجع عم أحمد السنوات السابقة، ويقول: إنه فى خلال الانتخابات البرلمانية السابقة لم يكن الإقبال شديدا أيضًا، مبررًا ذلك بأن الإخوان كان لديهم مطابع خاصة بهم وبالتالى لم يعتمدوا عليهم فى طبع الدعاية.
التفاوت فى الأسعار ما بين كل انتخابات لم يكن كبيرا وفقا لما قاله الحاج أحمد، الذى لفت إلى أن الزيادة فى الأسعار لم تتجاوز نسبة الـ2% مقارنة بالانتخابات البرلمانية السابقة.
أما التفاوت بين الدعاية التى يقوم بها المرشحون، فقال الحاج أحمد: إن كل مرشح حسب إمكانياته المادية فالبعض يلجأ إلى طباعة عشرين ألف، والبعض الآخر يصل إلى خمسين ألف، لافتا إلى أن أحد المرشحين اتفق معه على طباعة خمسين ألف ورقة تعارف، وخمسين ألف أخرى.
أما بالنسبة لأشكال الدعاية التى يتم استخدامها، قال إن هناك أنواعا متعددة من ضمنها: كروت التعريف بالمشرح، والنتائج، والأجندات، والبوسترات، وغيرها من الأشكال، لافتًا إلى أن التركيز على شكل معين من أشكال الدعاية دون غيرها يرجع إلى المرشح، وغالبا ما يتم التركيز على طبع النتائج والأجندات فى حالة أن تأتى الانتخابات فى مناسبة سنوية.
"رزق الهبل ع المجانين" هو الوصف الذى أطلقه الحاج سيد على موسم الانتخابات فى مصر، لافتًا إلى أن العديد من المرشحين يخوض الانتخابات كنوع من الحظ ولكن فى النهاية يعود ذلك بالفائدة عليه.
وقال إنه حتى الآن الإقبال على الدعاية الانتخابية ضعيف وهناك حالة عامة من الركود، متوقعا أن يزداد الإقبال بشكل كبير بعد أن انطلقت فترة الدعاية رسميا، مرجعًا الركود الحالى إلى تخوف معظم المرشحين من إلغاء الانتخابات، وبالتالى فإنهم يؤجلون صرف أموالهم على الدعاية الانتخابية لحين التأكد بشكل تام من إجراء الانتخابات.
واتفق مع سابقه فى أن الانتخابات السابقة لم يكن الإقبال فيها قويا بسبب امتلاك الإخوان مطابعهم الخاصة بهم، فى حين أنه قال: "أفضل فترة للإقبال كانت خلال انتخابات 2005 فى عهد الحزب الوطنى المنحل، ووصل الإقبال فيها إلى 100%، وفى 2010 وصل إلى 70%، ولكن فى عهد الإخوان تراجع تماما".
وتوقع أن يكون الإقبال هذا العام أفضل من فترة الإخوان، لكن بعد العيد ستتضح الرؤية بشكل أفضل، موضحا أن تعاملاتهم تكون بشكل أكبر مع المرشحين المستقلين.
فى السياق أكد محمد السويسى صاحب إحدى المطابع حول الأسعار المتفاوتة لمختلف أشكال الدعاية الانتخابية، موضحًا أن "البنرات" مثلا تتفاوت أسعارها حسب المقاس، لافتًا إلى أن سعر طباعة المتر الواحد يصل إلى 15 جنيها، أما بالنسبة للكروت فقال: إن الألف كارت يصل سعرها إلى 80 جنيها والصور و"البوسترات"، الألف بـ350 جنيها.
وأشار السويسى إلى أنه كلما اتفق المرشح على طبع كميات أكبر من الدعاية يتم تخفيض السعر أو المجاملة إلى حد ما، متفقا مع القول بأن عدم إقبال المرشحين على طباعة الدعاية الخاصة يأتى تخوفا من إلغاء الانتخابات.
وقال: إن الدعاية فى محافظات الصعيد بدأت فى الرواج بشكل أكبر من محافظات القاهرة، مرجعا ذلك إلى أن المرشحين فى الصعيد معظمهم من عائلات كبيرة معروفة بالثراء ولا يفرق معهم إلغاء الانتخابات بعكس مرشحى القاهرة.
وأوضح أن بعض المرشحين فى دوائر الخليفة والمقطم والدرب الأحمر غير معروفين إلى حد كبير وإمكانياتهم المادية محدودة وهو ما يجعلهم حذرين فى الإنفاق على الدعاية الانتخابية.
"مفيش فلوس والتصاريح الأمنية السبب فى إللى إحنا فيه" بتلك الكلمات بدأ الحاج سيد البرملجى، المسيطر على سوق "الفراشة" بحى عابدين كلامه مع "برلمانى"، قبل أن يتابع قائلا: "هناك أساليب يلجأ لها المرشحون الجدد هذه الأيام بديلة للمؤتمرات الدعائية "الصيوان" لأنه مكلف ويحتاج إلى موافقة أمنية من وزارة الداخلية التى ترفض غالبا إقامة تلك المؤتمرات لدواعى أمنية، وهناك ركود يخيم على السوق، حيث يلجأ الكثير إلى أساليب رخيصة كعمل مؤتمر مصغر "قعدة" بالقهاوى البلدى ولكل جالس مشروب وينتشر هذا فى مناطق الخليفة والدرب الأحمر والمقطم، بينما آخرون "يعزمون المواطنين" أصحاب الكلمة بكل منطقة فى مطاعم راقية وأطلق عليهم المرتزقة.
وأضاف البرملجى قائلا: "كثرة استخدام السيارات المحملة بميكروفونات وسماعات كبيرة والتى كانت تستخدم فى السابق وبسبب الركود يعتمد عليها المرشحون بشكل أساسى، وفى المقابل قمنا بتخفيض أسعار تأجير العواميد الخشبية بمتوسط 100 جنيه للعشرة أيام بسبب الركود، فى حين أنه فى عام 2001 كانت البوابة تؤجر بـ250 جنيه، ولا يوجد إقبال على هذا النوع من الدعاية هذه الآونة وذلك يحدث لأول مرة فى الانتخابات البرلمانية، وقديماً كان يتعامل معى كل المرشحين عكس الآن".
وتابع: "أكبر فترة انتعاش بالنسبة لتأجير الفراشة كانت فى عصر جماعة الإخوان المسلمين، كما أنه لم يتغير شىء حتى الآن، فالوجوه كما هى وكوادر الحزب الوطنى عادت من جديد، وتقوم بعمل رحلات للمواطنين وتوزيع لحوم على "الغلابة" ويعتبر هذا رشاوى انتخابية".
المطاعم والقهاوى كان لها نصيب الأسد فى الدعاية الانتخابية هذا العام، ومع قلة الموارد المالية والحالة الاقتصادية؛ لجأ المرشحون إلى المقاهى لعمل مؤتمرات مصغرة تحل محل مؤتمرات الشوارع الكبيرة والمكلفة فى الوقت نفسه.
وفى هذا الإطار قال أحمد عبد الله، صاحب أقدم مقهى بحى عابدين، "ننتظر مجىء المرشحين لعقد جلساتهم على المقهى وهو موسم ارتبط لدينا بخير وفير. ويأتى المرشح بصحبته 100 فرد على الأقل ولكل واحد مشروب على الأقل ويقوم المرشح بشرح برنامجه الانتخابى والخدمات التى سيقدمها لأهل الحى.
وأضاف سامى حسين، صاحب مطعم بمنطقة العتبة، أن موسم الانتخابات أصبح يدر دخلا كبيرا حيث يقوم المرشحون بالتعاقد معهم لتوريد وجبات فاخرة للمواطنين، أو حجز صالة المطعم لمؤيديه وتابعيه بالإضافة إلى عدد من الناخبين ويطلب لهم كل أصناف المأكولات.