رصد حزب المصريين الأحرار ملاحظاته على الموازنة العامة للدولة، وقال الحزب فى بيان له، بعد مراجعة مشروع الموازنة العامة، أن الحكومة مازالت تستخدم نفس الآليات والأفكار التقليدية التى بسببها وصلنا لهذه الحالة الصعبة التى نحن فيها الآن، فلا نجد أفكارًا جادة لتمويل المشروعات إلا الاقتراض ثم الاقتراض، حتى وصل بنا الحال بأن البند الأكبر من بنود المصروفات هو خدمة الدين، حيث وصل إلى ما يقرب من ثلث باب المصروفات، وبدلًا من أن نرى الحكومة ووزرائها يقدمون حلولًا غير تقليدية، نجد أن مشروع الموازنة قدر بند الاقتراض وإصدار الأوراق المالية بقيمة 576 مليار جنيه، وهو ما سيؤدى لمعدلات تضخم غير مسبوقة، وارتفاع حاد فى أسعار السلع والخدمات، إضافة إلى نسب التضخم الحالية المرتفعة ومعاناة المواطنين من الزيادة الرهيبة فى أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وبناء عليه يسجل حزب "المصريين الأحرار" النقاط التالية:
أ- بعد دراسة مشروع الخطة والموازنة المقدم من الحكومة يتضح جلياً أن مشروع الموازنة العامة يفتقد للتجانس والرؤية الواحدة، فهو يعكس أكثر من رؤية، وأكثر من وجهة نظر، وأكثر من توجه، وتوضيحًا ولمزيد من الصراحة نجد أن هذا المشروع للموازنة افتقد للدقة فضلًا عن أنه لا يتناسب مع واقع الظروف الراهنة للبلاد وإمكانياتها، كما يبدو أنه يمضى فى طريق مختلف عما نرصده من سياسات وبرامج ينتهجها رئيس البلاد، وعلى سبيل المثال فالحكومة لم تذهب إلى ضغط الإنفاق الحكومى بقدر ما نتطلع إليه، ولم تذهب إلى التعامل مع احتياجات وتطلعات الشعب بقدر ما تفرضه علينا الظروف القاسية، وذلك واضح فى ملفات الصحة والتعليم والنقل والمواصلات والسياحة ومواجهة فساد الإدارة المتفشى فى أجهزة الحكم المحلى، إضافة إلى التعامل التقليدى مع ملفات الزراعة والتموين على سبيل المثال.
ب- يعكس مشروع الموازنة العامة عدم وضوح الرؤية الاقتصادية للحكومة، وعدم وجود تنسيق بين السياسات الاقتصادية للحكومة والسياسات النقدية للبنك المركزى، فعلى سبيل المثال خرج علينا البنك المركزى بقرار برفع الفائدة، وهو الذى لم تشر إليه الحكومة فى مشروع الخطة والموازنة، ولم توضح وزارة المالية تأثير هذا القرار على بنود الموازنة، وذلك مجرد نموذج يعكس أننا بصدد جزر منعزلة تراهن جميعها على جهد رئيس الدولة لخلق حالة الانسجام، ولا خير من ذلك أن كل من الحكومة ووزرائها يعاملون البرلمان كأنه الغائب الحاضر.
وفيما يلى ملاحظات "المصريين الأحرار" على موازنة العام المالى 2016/2017:
1- تنص المادة 124 من الدستور على أن تعرض الموازنة العامة للدولة قبل تسعين يومًا على الأقل من بدء السنة المالية، أى أن مشروع الموازنة كان يجب أن يعرض على مجلس النواب قبل بداية شهر أبريل الماضى، وهو ما لم يحدث.
2- كان يجب أن يعرض على مجلس النواب الحسابات الختامية لموازنة العام المالى 2014/2015، بالإضافة للتقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات، وملاحظاته على الحساب الختامى، ولكن أيًا منهما لم يعرض على المجلس قبل مناقشة مشروع الموازنة للعام المالى 2016/2017.
3- يبلغ إجمالى الإيرادات 631.1 مليار جنيه، وإجمالى المصروفات 936.1 مليار جنيه، بقيمة عجز تصل لنحو 319.4 مليار جنيه بنسبة 9.8% من الناتج المحلى، ولكن لا يقف إجمالى التمويل الذى تحتاجه الحكومة عند حد قيمة العجز الكلى، بل هناك أيضًا مبلغ 256.3 مليار جنيه إضافية وتمثل قيمة أقساط القروض المستحقة عن العام 2016/2017، ليصبح إجمالى العجز الحقيقى يتخطى 576 مليار جنيه سيتم الوفاء بها فى صورة قروض، على الرغم من أن بند خدمة الدين قد وصل قيمته إلى 292.5 مليار جنيه بنسبة 31.2% من حجم المصروفات، وهنا ندق ناقوس الخطر.
4- بالنظر إلى الأهداف الكمية والافتراضات الرئيسية للسياسة المالية والاقتصادية بمشروع الموازنة العامة للدولة، نجد أن معدل النمو المتوقع للناتج القومى 5.2% وهى نسبة غير واقعية ومتفائلة جداً، ويصعب الوصول اليها فى ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتراجع مساهمات القطاعات المختلفة فى الناتج القومى المحلى، وخاصة قطاعى السياحة وقناة السويس، وذات الحال بالنسبة لتقديرات سعر الصرف وسعر برميل برنت، وبالتالى فإن تقديرات الحكومة بالنسبة للعديد من البنود داخل الموازنة خاصة جانبها الصواب، وهو ما سيعمل على تعظيم الفجوة بين الاعتمادات المتوقعة والاعتمادات الفعلية، والجدير بالذكر أن سوء إدارة السياسات النقدية وغياب التنسيق مع السياسات المالية، هو ما فاقم من أزمة سعر الصرف الأجنبي، وأحدث حالة التباطؤ فى نمو الأقتصاد المحلي.
5- يظهر لنا مشروع الموازنة زيادة فى بند الأجور قيمتها 10 مليارات جنيه، وأن بند المكافآت يستوعب 34.1% من إجمالى الأجور، ولهذا نوصى بإعادة هيكلة الأجور والبدلات، لإزالة التشوه بهيكل الأجور من خلال الإسراع فى إقرار قانون الخدمة المدنية بعد تعديله.
6- على الرغم من انخفاض اعتمادات بند شراء السلع والخدمات بمشروع الموازنة بنحو 1.4 مليار جنيه عن موازنة العام الماضى، إلا أننا نوصى بأهمية تعديل قانون المزايدات والمناقصات الحكومية، بشكل يعطى مزيداً من الشفافية والفاعلية ولمحاربة أوجه الفساد.
7- بند خدمة الدين يمثل ما يقرب من ثلث الموازنة، وتمثل الفوائد المحلية 97.4% من حجم خدمة الدين، ولهذا نقترح تخفيض قيمة الدين عن طريق استبدال الدين المستحق للبنوك الحكومية بملكية أصول فى المشروعات القائمة المملوكة للدولة.
8- بالنسبة لبند الدعم، والذى وصلت قيمته طبقًا لتقديرات الموازنة إلى 210.3 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يزيد كثيرًا عن هذا الرقم نتيجة عدم دقة الافتراضات الخاصة بسعر الصرف وسعر البترول، فإننا نطالب ببناء قاعدة بيانات وطنية يتم ربطها بالرقم القومى وبيانات ضريبة الدخل، وتهدف إلى استهداف بدقة مستحقى الدعم، والعمل على توسيع قاعدة برنامج "تكافل وكرامة" ليتم التحول تدريجياً إلى الدعم النقدى بدلًا من الدعم العيني، حتى يصل الدعم لمستحقيه، وبهذا تكون أولى خطوات القضاء على الفقر فى مصر.
9- هناك زيادة قدرها 32 مليار جنيه فى بند شراء الأصول غير المالية (الاستثمارات)، فى حين نجد أن حجم التمويل بالشراكة بين القطاع العام والخاص يبلغ 1.4 مليار جنيه، وهى نسبة متدنية جدًا، وبالتالى فإن تمويل الاستثمارات الحكومية سيتم عن طريق التمويل من الخزانة العامة والاقتراض، وبالتالى مزيد من الأعباء ومزيد من الفوائد، وقد انعكس هذا أيضاً فى تراجع حجم الاستثمارات الخاصة من 62% فى عام 13/2014، لتصبح 54% فى موازنة العام الحالى، وهو مؤشر خطير يجب التنبه إليه جيداً، ولهذا فإن الحكومة مطالبة بالتوسع فى برامج الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، لرفع أعباء التمويل عن كاهل الدولة وخصوصاُ فى المشروعات القومية العملاقة، والتوسع فى استعمال أدوات مالية متنوعة لتمويل المشروعات منها السندات العائدية.
10- بالنسبة للإيرادات العامة للدولة، وفى بند الإيرادات الضريبية، نجد هناك انخفاض قيمته 8.2 مليار جنيه على الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الاستثمارية، منها مليار جنيه على ضريبة الأرباح الرأسمالية، و 128 مليون جنيه على ضريبة المهن غير التجارية، وهذه كلها مؤشرات لتراجع النشاط الاقتصادي.
11- قدرت الإيرادات من الضرائب على السلع والخدمات 201.2 مليار جنيه، بزيادة 17.1 مليار جنيه، ومن الواضح أن تلك الزيادة نتيجة متوقعة لتطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، والذى كنا أول الداعين لتطبيقه، إلا أننا فى ظل نسب التضخم المرتفعة التى تشهدها البلاد نوصى بضرورة الحذر أثناء عملية التطبيق.
12- يجب على الحكومة اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين بيئة الاستثمار فى مصر، وتشجيع وجذب الاستثمار المحلى والأجنبى، لتحقيق نسب النمو المرجوة ولخفض نسب البطالة، وندعو مجلس النواب الموقر لسرعة تعديل قانون الاستثمار وغيرها من التشريعات المقيدة للاستثمار.
13- أصبح من غير المحتمل تحمل الموازنة العامة للدولة خسائر اتحاد الإذاعة والتليفزيون، والتى تقدر بـ 4.6 مليار جنيه، وخسائر الهيئة القومية لسكك حديد مصر 4.5 مليار جنيه، هذا بالإضافة لنصيب تلك الهيئات من الدعم، فعلى سبيل المثال هناك مخصصات للدعم قيمتها مليار جنيه لدعم الخطوط غير الاقتصادية، أى أن نزيف خسائر هاتان الهيئتين يمثلان 90.5% من خسائر الهيئات الاقتصادية البالغ عددها 28 هيئة اقتصادية، والتى تقدر أجمالى خسائهم 10.1 مليار جنيه، والجدير بالذكر أن قيمة العجز الكلى للنشاط بالنسبة الهيئات الاقتصادية يبلغ 207.4 مليار جنيه، بزيادة 13.5% عن المقدر فى موازنة العام الماضى، وكذلك تم تخصيص 129 مليار جنيه أعانات لتلك الهيئات، تتحمل الموازنة العامة منها 12.8 مليار جنيه، وهنا يوصى المصريين الأحرار الحكومة بأخذ إجراءات جادة لأعادة هيكلة تلك الهيئات الاقتصادية، بالإضافة للبدء فى تأسيس صندوق سيادى يحتوى على أصول شركات قطاع الأعمال العام مع البدء فى حصر أملاك الدولة.
14- أقر بيان الحكومة أن انتخابات المجالس المحلية سيتم فى غضون العام المالى 2016/2017 طبقاً لتوجيهات القيادة السياسية، ولكن فى مشروع الموازنة لم يتم تخصيص أية اعتمادات مالية للهيئة الوطنية للانتخابات المزمع تأسيسها طبقاً لأحكام الدستور لتغطية نفقات الانتخابات المحلية، فهل فى نية الحكومة إجراء انتخابات المحليات أم ماذا؟ ومن أين سيتم تغطية نفقاتها؟
وأكد حزب المصريين الأحرار أنه سيؤجل قراره بالموافقة من عدمه، فى ضوء رد الحكومة على ملاحظات الحزب.