كتب إبراهيم قاسم
لا يتوقف الحديث خلال الآونة الأخيرة عن حاجة منظومة العدالة فى مصر لإعادة ضبط لقوانينها ونصوصها التشريعية المنظمة لآليات عملها وأوضاعها الداخلية، فى الوقت الذى ينص فيه الدستور على أن تتولى الهيئات القضائية إدارة شؤونها الخاصة، بينما تقع مهمة التشريع وسن القوانين أو تعديلها فى دائرة اختصاص مجلس النواب، وهو ما يحتاج مساحة واسعة من التوافق بين جناحى السلطة المهمين، القضاء والبرلمان، فيما يخص القوانين والنصوص التشريعية المنظمة لمنصة العدالة، وخلال الفترة الأخيرة شهدت المساحة المشتركة بين السلطتين قدرًا واسعًا من الجدل بعدما تقدم عدد من النواب بمشروع قانون بشأن كيفية اختيار رؤساء الهيئات القضائية، وإعلان أندية القضاة والمجالس الاستشارية للهيئات القضائية، رفضها للمشروع الجديد، ووسط هذه الحالة من الجدل انتهت أمس السبت مهلة الـ10 أيام التى منحها مجلس النواب للمجالس الخاصة بالهيئات القضائية، لإبداء ملاحظاتهم وآرائهم فى مسودة مشروع القانون، وذلك دون أى رد منهم بالإيجاب أو السلب.
وكيل "تشريعية البرلمان": تواصلنا مع مجالس الهيئات القضائية واتفقنا على مهلة جديدة
وفى هذا الإطار، كشف النائب أحمد حلمى الشريف، وكيل لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن اللجنة التشريعية تواصلت مع مجلس القضاء الأعلى، وباقى المجالس الخاصة بالهيئات القضائية، وتم منح مهلة جديدة لإبداء آرائهم حول مشروع القانون، دون تقييدهم بمدة معينة، لإتاحة أكبر فرصة ممكنة أمام القضاة لكتابة ملاحظاتهم على مشروع القانون.
وأوضح "الشريف" فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن القانون لا يمس استقلال القضاء بأى حال من الأحوال، ولكنه يضع آلية جديدة لعملية اختيار رؤساء الهيئات، بما يضمن قدرتهم على أداء عملهم وإنجاز مهام العدالة، مشيرًا إلى أن الحالة الصحية لبعض القضاة تؤثر على قدراتهم فى العمل عند وصولهم لرئاسة الهيئة بحكم الأقدمية، ومن ثمّ فإن القانون الجديد يمنح المجالس الخاصة بالهيئات القضائية فرصة أوسع لترشيح ثلاثة من نواب الرئيس فى كل هيئة، يختار رئيس الجمهورية أحدهم ليصدر قرارًا بتعيينه، وهنا ينحصر دور رئيس الجمهورية فى الاختيار من بين النواب الثلاثة المرشحين فقط.
عضو مجلس القضاء الأعلى: لم نتسلم مشروع القانون حتى الآن
فى السياق ذاته، قال المستشار عادل الشوربجى، النائب الأول لرئيس محكمة النقض وعضو مجلس القضاء الأعلى، إن المجلس لم يتسلم مشروع القانون حتى للاطلاع عليه وإبداء رأيه فيه حتى الآن، مشيرًا إلى أنه فور وصوله سيدعو لعقد اجتماع عاجل، لمناقشته وإبداء الرأى القانونى فيه.
وأوضح "الشوربجى" فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن الدستور حسم دور الهيئات القضائية بشأن إبداء الرأى فى القوانين المتعلقة بها بشكل قاطع، إذ نص فى المادة 185 على أن "تقوم كل جهة، أو هيئة قضائية، على شؤونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها فى الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لشؤونها"، وهو ما يعنى أن المجلس سيأخذ وقته فى مراجعة نصوص مشروع القانون الجديد وتدوين الملاحظات عليه.
مصدر قضائى: انخراط القضاة والنواب فى ورش "الإجراءات الجنائية" خفف الجدل حول القانون
من جانبه، قال مصدر قضائى، إن سبب تأخر الهيئات القضائية فى الرد وإبداء آرائهم فى مشروع القانون، هو عدم وصوله لبعض الهيئات حتى الآن، مشيرًا إلى أنه من المرجح عقد اجتماع مشترك بين كل المجالس الخاصة للهيئات القضائية، ومراجعة القانون للبت فيه بشكل جماعى، لأنه يخص كل الهيئات القضائية.
وأضاف المصدر، أن انخراط القضاة وبعض النواب وخبراء القانون فى ورش العمل التى تنظمها اللجنة العليا للإصلاح التشريعى بمقر وزارة العدل، وانشغالهم فى أعمالها الجارية بشأن تعديل قانون الإجراءات الجنائية، ساعد على تخفيف حدّة الجدل الواسع حول قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية، قائلا: "التأكيد على مبدأ الفصل بين السلطات الثلاثة فى مصر، وسيادة القانون، هو ما سيساعد على بناء الديمقراطية فى البلاد".