كتب محمد فتحى عبد الغفار
رفض حزب المحافظين الاعتراضات الموجهة إلى قرار إحالة اتفاقية ترسيم الحدود لمجلس النواب، وأكد الحزب على صحة موقف الحكومة، وإن كان هناك ثمة مأخذ عليها فإنه بسبب التأخر في إحالتها.
وأضاف الحزب فى بيان له أن:
1- إبرام الاتفاقيات هو عمل من أعمال السيادة تخرج عن نطاق رقابة القضاء طبقاً لأحكام مجلس الدولة السابقة، وطبقا لمبادئ مجلس الدولة الفرنسى.
2- إن الدستور قد أسند مراجعة هذه الأعمال للبرلمان ونصبه قاضيا، فألزم السلطة التنفيذية بإحالة الاتفاقيات كلها إلى البرلمان، بما فيها ما يتعلق بالسيادة الإقليمية والخارجية، وأعمال الحروب، فضلاً عن بعض أعمال الأمن الداخلى مثل إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية.
3- ليس أمام البرلمان إلا ثلاثة احتمالات:
أ) أن جزيرتى تيران وصنافير أراضى سعودية يخضع لاتفاق إدارة قائم على إيجاب وقبول بين جمهورية مصر العربية منذ أن كانت مملكة، وبين المملكة العربية السعودية بمقابل حتى ولو لم يحدد وقتها، وفى هذه الحالة هو صاحب القرار.
ب) أن الجزر ليست ضمن أراضى الإقليم، وأن مصر قد بسطت سيادتها على هذه الجزر منذ عام 1906 بعد رحيل الدولة العثمانية، وفى هذه الحالة يتعين على البرلمان إحالتها من خلال السلطة التنفيذية إلى استفتاء شعبى.
ج) أن تثبت المستندات أن هاتين الجزيرتين ضمن أراضي الإقليم المصرى، وفى هذه الحالة يتعين على البرلمان رفض الاتفاقية، دون استفتاء تطبيقا للمادة (151) من الدستور، وعلة الرفض هو أن التنازل عن أرض من أراضى الإقليم لا يتعلق بالأجيال الحاضرة فقط، إنما يتعلق أيضا بالأجيال القادمة.
وحتى يتمكن البرلمان من اتخاذ القرار الصحيح، فعلى الحكومة إحالة كل المستندات والتقارير التى استندت عليها، والتى تؤكد أن الجزيرتين ليست من ضمن أراضي الإقليم، كما أن التواجد المصرى فيها كان للإدارة بالاتفاق مع المملكة السعودية.
أما الذى لا شك فيه، فهو أن مؤسسات الدولة المصرية لا يمكن أن تقبل التفريط فى تراب مصر لأى سبب من الأسباب، ولعله من الجدير بالذكر أن هناك عدة رسالات دكتوراه من جامعة القاهرة بخصوص هاتين الجزيرتين، انتهى بعضها بإقرار أن الأراضى مصرية، انتهى البعض الآخر بإقرار أنها أراضى سعودية، ما يؤكد وجود تباين قديم فى وجهات النظر العلمية، فمثل هذه الدراسات والدرجات العلمية لا يمكن أن تقبل من الأساس كموضوع لبحث إلا بشروط، فلن نجد مثلا رسالة لإثبات أن أراضي المنوفية أو الشرقية أو غيرها مصرية.
إن رفض الحزب للاعتراضات الموجهة إلى الحكومة بشأن إحالتها الاتفاقية يقوم على موقفه الثابت إزاء الفصل بين السلطات طبقاً لاختصاصاتها، والحفاظ على التوازن بينها، بحيث لا يجور أحدها على سلطات الأخرى، فالبت فى هذه الاتفاقيات هو من صميم اختصاصات البرلمان ويقع خارج نطاق اختصاصات السلطة القضائية.