كتبت سمر سلامة
قال الدكتور رائد سلامة، الخبير الاقتصادى، إن الالتزام الدستورى تجاه الصحة والتعليم والتعليم العالى والبحث العلمى يتحدد بـ"نسبة" وليس مبلغا مقدرا من الناتج القومى، ومن ثم فتطبيق النسبة والوصول بها للنص الدستورى هو أمر حتمى أيا كان الوضع الاقتصادى، موضحا "لو كان الناتج القومى مثلا هو 2 تريليون والنسبة هى 10%، فإن المبلغ الذى سيخصص للإنفاق هو 200 مليار أما لو كان الناتج القومى هو 1 تريليون والنسبة كما هى 10% فإن المبلغ الذى سيخصص للإنفاق سيكون 100 مليار على الرغم من أن النسبة لم تتغير، حيث تظل النسبة ثابتة ويتغير المبلغ مع تغير الناتج القومى.
وأضاف، فى تصريحات صحفية: لا أرى أن هناك تأثيرا بالسلب للوضع الاقتصادى على الالتزام بتطبيق النص الدستورى فيما يتعلق بالنسبة، وإن كان له تأثير بلا شك على الرقم الواجب إنفاقه كنتيجة لتطبيق النسبة التى هى "الثابت" فى المعادلة، وذلك لارتباطه برقم الناتج القومى الذى هو "المتغير" فى هذه المعادلة.
وأشار الخبير الاقتصادى إلى أن وزارة المالية أعلنت أن العجز الكلى خلال فترة الستة شهور الأولى من العام المالى الحالى قد وصل إلى مبلغ غير مسبوق وهو 167.8 مليار جنيه بما يعادل نسبة 5.9% من الناتج المحلى، بينما كان قد وصل إلى 132 مليار جنيه فى نفس الفترة من العام المالى الماضى أى أن هناك زيادة فى العجز الكلى تبلغ 35.8 مليار جنيه عن الفترة نفسها فى العام الماضى بنسبة زيادة قدرها 27%، وهى نسب خطيرة جدا فى ظل ناتج قومى لا يتقدم بشكل مطرد ولا يقفز سريعا.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن السبب الرئيسى فى زيادة العجز يرجع إلى زيادة قيمة الفوائد المدفوعة بسبب التوسع الضخم جدا فى الاقتراض، مما أدى إلى زيادة الفوائد عن العام الماضى بمبلغ 34.1 مليار جنيه وهو تقريبا نفس رقم الزيادة فى العجز، أى أننا لو لم نتوسع فى الاقتراض لتجنبنا زيادة العجز، مضيفا أنه لا توجد خطة واضحة شفافة يتم إطلاع المصريين كلهم على تفاصيلها بشأن الرؤية الاستراتيجية لما تريده هذه الحكومة من تعظيم فى الموارد وتخفيض فى النفقات دون المساس الحقيقى بالفقراء، فلابد ألا تقتصر رؤية الحكومة- وهى فى هذا تستجيب لمؤسسات الإقراض الدولية التى تؤدى توصياتها دائمًا لكوارث اجتماعية- على خطط تقشف تقوم بموجبها بخفض النفقات تلقائيا وبالأخص الاجتماعى منها دون النظر إلى الجانب الآخر من المعادلة وهو زيادة الموارد.
وأشار إلى وجود عدد من الحلول الواقعية ومباشرة وبها انحياز واضح للفقراء ولا تحتاج سوى إلى توقيع السلطة التنفيذية وموافقة مجلس النواب الذى تم اختياره للرقابة والتشريع ممثلا للمصريين، وهى خفض حقيقى فى الإنفاق الحكومى الذى لا داعى له مثل نفقات المستشارين وما يسمى بالاحتياطيات العامة، وإلغاء دعم الطاقة والكهرباء من على مصانع القطاع الخاص كثيفة الاستهلاك للطاقة والتى تبيع فى السوق المحلى بالأسعار العالمية، وكذلك إلغاء دعم المصدرين الذى يتمتع به كبار رجال الأعمال دون أن يكون له قيمة مضافة حقيقية، حيث معدلات التصدير متدنية جدًا مع زيادة الدعم المخصص للفقراء سواء دعم الطاقة والكهرباء والسلع الغذائية لهم.
ولفت إلى أن دعم السلع الغذائية للفقراء خلال الفترة التى تم الإشارة إليها سابقا قد ازداد فقط بمبلغ 1.1 مليار جنيه فقط أى أنه مبلغ ليس كبيرا بالمرة قياسا لإجمالى الزيادة فى الإنفاق التى بلغت نحو 63 مليار جنيه. واستطرد قائلا "لابد من تعظيم الموارد وأرى فى هذا الصدد حتمية ضم الصناديق الخاصة لموازنة الدولة حتى يتوافر على نفقاتها رقابة حكومية وشعبية، وتطبيق الضرائب التصاعدية المفروضة بنص دستورى لكن لا تجد طريقها للنور بلا مبرر، وكذلك تحصيل فروق أسعار الأراضى التى بيعت برخص التراب أيام المخلوع مبارك".
وطالب "سلامة" باستعادة شركات ومصانع القطاع العام التى حكم القضاء بعودتها وتمكينها من العمل شريطة إلغاء الشركات القابضة التى تسببت فى إهدار المليارات وإنشاء وزارة خاصة بالقطاع العام تتولى إعادة هيكلتها ودعمها وتوفير التمويل اللازم لها لكى تحقق الاكتفاء الذاتى وتخفض من معدلات الاستيراد الفاحش.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن حجم الدين العام وصل إلى معدلات غير مسبوقة حسبما تشير آخر تقارير البنك المركزى الصادرة عن شهر يناير 2016 وتتضمن أن الدين العام المحلى وصل إلى 2.259 تريليون جنيه فى سبتمبر 2015 بينما بلغ إجمالى الدين الخارجى مبلغ 46 مليار دولار، مؤكدا أن ذلك مشكلة كبيرة جدا فيما يتعلق بغياب الأرقام المحدثة، حيث إن معدلات الاقتراض زادت بشكل ضخم جدا بعد هذه التواريخ، لافتا إلى أن الناتج المحلى يبلغ حوالى 2.9 تريليون جنيه.