فى بلدان العالم تختلف النظم الانتخابى وتتعدد بين النظام الفردى أو القائمة المطلقة أو القائمة النسبية أو النظام المختلط بين النظامين والمعمول به فى مصر حاليا، وبالفعل على مدى السنوات الماضية، ثار سؤال: ما هو النظام الانتخابى الأنسب للمصريين؟! الدراسة التى بين أيدينا تجيب على هذا السؤال.
فقد أكدت دراسة الدكتورة سعاد الشرقاوى، التى جاءت تحت عنوان "النظام الانتخابى الأنسب لمصر"، أن النظام الانتخابى ليس مجرد تشريع أو قوانين ولوائح أو نصوص فى الدستور، فالنظام الانتخابى يستلزم توافر مجموعة من العوامل البيئية التى تساعد على نجاحه لعل أهمها:
1 ـ وجود عقد سياسى بين السلطة والطبقة السياسية والناخبين على احترام إرادة الناخبين والاحتكام بأمانة إلى صندوق الاقتراع.
2 ـ وجود قوى مدنية تعترف بها السلطة الحاكمة وتمنحها فرصة الحياة والتطور والقيام بدور مستقل فى الحياة السياسية وأهم هذه القوى: الأحزاب السياسية – النقابات المهنية – النقابات العمالية – تجمعات المزارعين – تجمعات القائمين على الصناعة – جمعيات مدنية مستقلة – جامعات – مصانع – شركات، وغيرها من القوى.
3 ـ تمر العملية الانتخابية بعدة مراحل متكاملة تبدأ من قيد أسماء الناخبين، أو اعتماد بطاقة الرقم القومى أساسًا للاقتراع، إلى تنظيم اللجان التى توزع بطاقات الانتخاب، إلى عملية الاقتراع، إلى فرز الأصوات، إلى إعلان النتيجة.
4 ـ اشتراك كل قوى المجتمع المدنى فى هذه العملية الطويلة المرهقة التى تحتاج إلى أشخاص وتنظيم وأموال ومقار للجان إلى فرز الأصوات إلى إعلان النتيجة.
ولما كانت عملية الانتخابات طويلة ومرهقة وتحتاج إلى حياد ونزاهة فإن المجتمع برمته والمؤسسات المدنية يجب أن تشارك فى حفظ النظام وتوفير الأمن للناخب، وفقا للدراسة.
وبالتالى فإن عدم إشراك المجتمع المدنى فى العملية وانفراد الأمن بالإشراف على الانتخابات بأساليب متنوعة بدءَاً من إعداد الكشوف إلى التواجد المكثف خارج لجان الاقتراع وداخلها، يهدر العملية الانتخابية برمتها ويجعلها فاقدة لأسباب وجودها، فالمجتمع أمام خيارين لا ثالث لهما: إما الحكم على أساس رضا المواطنين وهذا يعنى معرفة رأيهم والاحتكام إلى صندوق الاقتراع وإما الحكم على أساس القوة والسيطرة وفى هذه الحالة لا يجب إجراء انتخابات.
وقالت الدراسة إنه إذا لم يتوافر المناخ الملائم متمثلا فى العقد السياسى والقوى المدنية المنظمة للاقتراع والثقة المتبادلة فإن أى نظام انتخابى حتى لو كان النظام الألمانى القائم على أساس تحقيق عدالة حساسية لتمثيل القوى السياسية لن ينجح.