كتب محمد رضا
أول وثيقة دستورية عرفتها مصر لائحة تأسيس مجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه الصادرة فى 22 أكتوبر 1868 نصا يشير إلى الحصانة ضد المسئولية البرلمانية، وقد يكون ذلك عائدا إلى حداثة العهد بالنظم الديمقراطية، فقد كان هذا المجلس أول تجربة للحياة النيابية فى مصر، وكان أمرا طبيعيا ألا يتقرر للأعضاء كافة الضمانات التى تحقق لهم حرية التعبير أو القول عند مباشرة وظائفهم النيابية، ولكن وبمجرد أن استقرت الحياة النيابية وعلى أثر إعادة تشكيل مجلس النواب عام 1882، نجد أن اللائحة الأساسية لهذا المجلس والتى صدرت فى 7 فبراير 1882، قد تضمنت نصا يقرر الحصانة لأعضائه ضد المسئولية البرلمانية وهو نص المادة الثالثة الذى جاء به "النواب مطلقوا الحرية فى إجراء وظائفهم وليسوا مرتبطين بأوامر أو تعليمات تصدر لهم تخل باستقلال آرائهم ولا بوعد أو وعيد يحصل إليهم".
كما تضمن دستور 1930، نصا مماثلا للنص السابق، إلا أن هذا الدستور أُلغى بالأمر الملكى رقم 118 الصادر فى 12 ديسمبر عام 1935، وعاد العمل بدستور عام 1923، بما كان يتضمنه من نصوص خاصة بالحصانة البرلمانية، ثم نص بعد ذلك على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية فى أول دستور دائم لمصر بعد قيام الثورة وهو دستور 1956، أما الدستور المؤقت الصادر 1958، فقد أتى خاليا من النص على الحصانة البرلمانية، وقد يرجع ذلك إلى ظروف الوحدة مع القُطر السورى آنذاك، وبعد أن تم الانفصال عن القُطر السورى عاد المشرع الدستورى المصرى ونص على الحصانة ضد المسئولية البرلمانية فى دستور 1964، كما صدر دستور 1971، متضمنا على الحصانة ضد المسئولية فقد جاء نص المادة 98 كما يلى "لا يؤاخذ أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من الأفكار والآراء فى أداء أعمالهم فى المجلس أو فى لجانه"، وأيضا نصت المادة رقم 112 من الدستور المصرى عام 2014 على "لا يسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه"، وفى المادة رقم 113 من الدستور ذاته نصت على أنه "لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس، وفى غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء، وفى كل الأحوال يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يوما على الأكثر، وإلا عد الطلب مقبولا".