لماذا تفوقت البرلمانيات العربيات عن نائبات الدول المتقدمة بعد الربيع العربى؟

أثارت ظاهرة تفوق السيدات العربيات المنتخبات فى البرلمانات العربية على مثيلاتهن فى برلمانات أعرق الأنظمة الديمقراطية حالة من الجدل فى الأوساط النيابية حول العالم ما استعدى إلقاء الضوء بشكل أكثر تكثيفا على تلك الحالة التى وقعت قبل الربيع العربى ومن المتوقع أن تستمر فى سنوات ما بعد هذا الربيع.

فعلى الرغم من زيادة عدد سيناتورات أمريكا فى الكونجرس وإعلان ذلك بأنه حدث تاريخى قبل عدة أعوام؛ إلا أن السيدات العربيات تفوقن فى بعض الدول العربية على الأمريكيات وحتى البريطانيات فى نسبة المشاركة فى البرلمان، وأتى تمثيل بعض العربيات أكثر من نسبة تمثيل النساء فى أعرق الديمقراطيات العالمية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.

وفى الدراسة التى أعدها الباحث عماد المرزوقى عن تلك الظاهرة رصد أن السيدات المصريات ارتفعت نسبة تمثيلهن فى القوائم الانتخابية مع اعتبار أن نسبة الإناث فى مصر قاربت نسبة الذكور فى آخر احصائيات رسمية بنسبة 48.9 فى المائة.

وقالت الدراسة إن المصريات جئن فى المرتبة السابعة عشرة عربيا فى نسبة المشاركة بالبرلمان وذلك بنسبة تمثيل بلغت نحو 2 فى المائة فى انتخابات 2011، وحلت العمانيات فى المرتبة الثامنة عشرة بنسبة 1.2 فى المائة فى مجلس الشورى فى انتخابات 2011، اما اليمنيات فحللن فى المرتبة التاسعة عشرة عربيا فى ترتيب النساء الأكثر حظا فى السياسة بنسبة تمثيل فى البرلمان بلغت نحو 0.3 فى المائة فى آخر انتخبات 2003.

الجزائريات أتين فى المرتبة الأولى فى التصنيف لأكثر النساء حظا فى السياسة من خلال ارتفاع نسبة تمثيلهن فى البرلمان، واعتبرت السعوديات الأكثر حظا بين نساء الخليج بارتفاع تمثيلهن فى مجلس الشورى مع تراجع ترتيب الكويتيات فى المراتب الأخيرة.

أما فى بريطانيا وهى صاحبة أقدم مؤسسة برلمانات العالم وأكثر بلد بحسب المؤسسات المصنفة للديمقراطية فى العالم مثل “ديموكراسى نوا”، لم يتعد تمثيل المرأة فى البرلمان البريطانى فى آخر الانتخابات التشريعية 22.3 فى المائة من إجمالى نواب البرلمان على الرغم من أن عدد النساء فى بريطانيا أكثر من الرجال بنحو مليون بريطانية.

المرأة فى الكونجرس الأمريكي

وفى الولايات المتحدة الأمريكية، احتفل الكونغرس مع آخر انتخابات رئاسية بزيادة نسبة النساء فى مجلسى الشيوخ والنواب وذكر موقع “ديمكراسى نوا” أن شيخات أميركا بلغن نسبة تمثيل برلمانى عُدت تاريخية فى مسيرة حضور المرأة فى المجالس النيابية، وبلغ عدد النساء العضوات فى مجلس الشيوخ الأمريكى 20 امرأة من إجمالى 100 سيناتور (20 فى المائة) وارتفع عدد النساء النائبات فى مجلس النواب إلى 81 امرأة من أصل 435 نائبا (18.6 فى المائة)، وبذلك تبلغ اليوم نسبة مشاركة المرأة الأمريكية فى مجالس النواب والشيوخ حسب اتحاد العالمى للبرلمانات متوسط 19.3 فى المائة بعد أن كان 17 فى المائة فى 2010، مع العلم أن عدد النساء فى الولايات المتحدة الأميركية أكثر من عدد الرجال بنحو أكثر من 5 ملايين أمريكية حسب إحصاء 2010 لأمريكا موثق فى بيانات نشرت على موقع “إنفو بليز”.



وقالت الدراسة إنه فى فرنسا بلد الحريات والديمقراطية، على الرغم من أن عدد النساء الفرنسيات أكثر من إجمالى عدد الرجال الفرنسيين بنحو أكثر من مليونى نسمة حيث إن إجمالى سكان فرنسا يبلغ حسب معهد الإحصاء الفرنسى 63 مليوناً و460 الفاً، فإن تمثيل النساء فى البرلمان الفرنسى حسب إحصائيات الاتحاد العالمى للبرلمانات يبلغ 26.9 فى المائة وفق آخر انتخابات فى 2012.

تمثيل السيدة العربية أفضل

وفى ترتيب أخير لمشاركة المرأة العربية فى البرلمان تبين أن الدول العربية الخمس الأول فى الترتيب العربى فاقت مشاركة المرأة فيها فى البرلمان نسبة مشاركة المرأة فى كل من بريطانيا والولايات المتحدة مع تفوق الدولة التى تصدرت التصنيف العربى لحضور المرأة فى البرلمانات العربية على البرلمان الفرنسى فى ما يتعلق بنسبة مشاركة المرأة فى المجالس النيابية.

وأتت الجزائريات فى صدارة ترتيب مشاركة المرأة فى البرلمان على مستوى الدول العربية وأعرق دول العالم فى تاريخ الديمقراطية النيابية، وحازت حصة النساء لوحدها من البرلمان الجزائرى 31.6 فى المائة فى آخر انتخابات تشريعية بالجزائر فى 2012، وأتت التونسيات فى المرتبة الثانية عربيا على مستوى المشاركة النيابية تحت قبة البرلمان وذلك بتمثيل بنحو 26.7 فى المائة فى المجلس التأسيسى التونسى فى انتخابات 2011م؛ وبذلك فإن أكثر من ربع النواب من النساء.

فى المرتبة الثالثة عربيا أتت العراقيات بمشاركة فاقت ربع أعضاء مجلس النواب العراقى وبلغت حصة النساء فى البرلمان العراقى الأخير بنحو 25.2 فى المائة فى انتخابات 2010، وحلت السودانيات فى المرتبة الرابعة عربيا بنسبة تمثيل متقدمة فى البرلمان السودانى وذلك بنسبة مشاركة قاربت على ربع نواب البرلمان السودانى اى بنسبة 24.6 فى المائة فى انتخابات 2010.

يذكر ان كلا من التونسيات والعراقيات والسودانيات تفوقن على البريطانيات فى نسبة التمثيل فى البرلمان، اما المرتبة الخامسة عربيا فآلت الى الموريتانيات بتمثيلهن بنسبة 22.1 فى المائة فى البرلمان الذى أتى بعد آخر انتخابات 2006، وأتت السعوديات فى المرتبة السادسة بنسبة تمثيل فى مجلس الشورى بنحو 20 فى المائة وقد قفزت نسبة مشاركة السعوديات بمجلس الشورى بعد تعيين الملك السعودى 30 امرأة فى مجلس 2013.

بين موريتانيا والإمارات

يذكر ان الموريتانيات والسعوديات تفوقن على الأميركيات فى الترتيب واصبحن اكثر حظا فى المشاركة فى البرلمان مقارنة مع نسبة تمثيل الأميركيات فى مجلسى النواب والشيوخ.

وأتت الإماراتيات فى المرتبة السابعة عربيا بنسبة تمثيل بلغت 17.5 فى المائة فى المجلس الوطنى الاتحادى فى انتخابات 2011، وحلت فى المرتبة الثامنة عربيا المغربيات بنسبة مشاركة بلغت 17 فى المائة فى البرلمان المغربى فى انتخابات 2011، وتقدمت الليبيات فى الترتيب مقارنة مع ضعف مشاركتهن سابقا فى الحياة السياسية أيام الرئيس الراحل معمر القذافى وبذلك حلت الليبيات بالمرتبة التاسعة عربيا بنسبة مشاركة 16.5 بالمائة فى المجلس الوطنى التأسيسى الليبى فى انتخابات 2012.

وأتت الفلسطينيات فى المرتبة العاشرة عربيا بنحو 13 فى المائة من عدد أعضاء المجلس التشريعى 2006، وجاءت السوريات فى المرتبة الحادية عشرة عربيا بنسبة تمثيل بلغت 12 فى المائة فى البرلمان السورى بعد انتخابات 2012، وأتت الأردنيات فى المرتبة الثانية عشرة عربيا فى ترتيب النساء الأكثر حظا فى ممارسة السياسة مع حصدهن 12 فى المائة من مقاعد مجلس النواب فى 2013.

وجاءت البحرينيات فى المرتبة الثالثة عشرة عربيا بنسبة تمثيل بنحو 10 فى المائة فى البرلمان البحرينى فى انتخابات 2010، وحلت الكويتيات فى المرتبة الرابعة عشرة عربيا فى نسبة حظ المرأة فى العمل السياسى بنسبة 6 فى المائة فى مجلس الأمة فى انتاخبات 2012، وجاءت اللبنانيات فى المرتبة الخامسة عشرة عربيا بنسبة تمثيل فى البرلمان اللبنانى بلغت 3.1 فى المائة انتاخبات 2009.

وأتت القمريات فى المرتبة السادسة عشرة عربيا بنسبة مشاركة فى البرلمان بلغت نحو 3 فى المائة بانتخابات 2009، اما المصريات فتأخر ترتيبهن الى ذيل القائمة وذلك بانحصار مشاركة المرأة المصرية على الرغم من ارتفاع نسبة تمثيل النساء فى القوائم الانتخابية مع اعتبار ان نسبة الإناث فى مصر قاربت نسبة الذكور فى آخر احصائيات رسمية بنسبة 48.9 فى المائة.

خلاصة

وبذلك جاءت المصريات فى المرتبة السابعة عشرة عربيا فى نسبة المشاركة بالبرلمان وذلك بنسبة تمثيل بلغت نحو 2 فى المائة فى انتخابات 2011، وحلت العمانيات فى المرتبة الثامنة عشرة بنسبة 1.2 فى المائة فى مجلس الشورى فى انتخابات 2011، اما اليمنيات فحلت فى المرتبة التاسعة عشرة عربيا فى ترتيب النساء الأكثر حظا فى السياسة بنسبة تمثيل فى البرلمان بلغت نحو 0.3 فى المائة فى آخر انتخبات 2003.

أما المرتبة الأخيرة فآلت الى القطريات بنسبة 0 فى المائة وينتظرن انتخابات مجلس الشورى كهيئة تشريعية لدولة قطر التى ستضم 45 عضوا وستنظم فى منتصف العام الحالى.

ومن الملاحظ أن ارتفاع تمثيل العربيات فى قبة البرلمان دلالة على تحسن فرص وصول المرأة إلى العمل السياسى بعد أن كانت نساء كثيرات مقصيات عنه لأسباب مختلفة.

وتعد أكثر النساء حظا بين 2012 و2013 فى الوصول الى العمل السياسى هن الجزائريات والتونسيات مع تقهقر مشاركة المرأة المصرية التى بقيت فى نسبة ضئيلة جدا مع نظيراتها العربيات.