كتب محمد محسن أبو النور
يحتل البرلمان فى كل دول العالم المتقدم موقع الصدارة باعتباره الركيزة الأساسية فى إقامة حياة ديمقراطية سليمة تكون فيها السلطات التنفيذية تحت سلطة الشعب الذى ينتخب نوابه، وبالتالى فإن تطورها كان أمرا حتميا فى تسلسل الفكر البشرى الحديث، ومن خلال الأسطر التالية يجيب "برلمانى" على سؤالين: كيف تطورت البرلمانات بالنظم الديمقراطية عبر التاريخ؟ وما أهميتها فى الحياة السياسية؟
البرلمان والفصل بين السلطات
يمثل النظام البرلمانى، والذى يعرف أيضا بالحكومة البرلمانية، فرعا مستقلا من التفريعات الثلاثة المشهورة للنظم الديمقراطية النيابية، جنبا إلى جنب مع النظام الرئاسى أو الحكومة الرئاسية، وذلك وفقا للتقسيم التقليدى الشائع للنظم السياسية الديمقراطية استناداً إلى مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث للدول الحديثة (السلطة التنفيذية المتمثلة فى الحكومة ـ السلطة القضائية المتمثلة فى القضاء ـ السلطة التشريعية المتمثلة فى البرلمان).
النظام البريطانى نموذجا
يعد النظام السياسى البريطانى النموذج الأمثل لإقامة حياة نيابية تؤدى إلى مبدأ الفصل بين السلطات وتراقب الحكومة وتشرع لها ومن غرفة البرلمان البريطانى العليا (مجلس العموم) يتم تسمية رئيس الحكومة ووزرائه.
وفى علوم النظم السياسية يشكل هذا النموذج حالة فريدة فى الفصل المرن بين السلطات أو ما يعرف بـ"مبدأ الفصل مع التعاون"، وهو مثال على تطور الحياة النيابية أو النظام البرلمانى الحديث فى النظم السياسية.
المثال الآخر الذى يعبر عن تطور الحياة النيابية داخل النظم الرئاسية يتمثل فى النظام الأمريكي، المشهور بفصله الكامل بين السلطات، وفى دستور 2014 المصرى أتاحت مواده المتعلقة بالبرلمان إمكانية الدمج بين النظامين البريطانى والأمريكى.
مسميات البرلمان
لم تبدأ الحياة النيابية فى مصر بالمسمى الذى نعهده الآن (مجلس النواب) فقد شهد هذا المسمى تطورا ملحوظا فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة منذ نشأتها بدءاً من الديوان، مرورا بمجلس المشورة، والمجلس العالى، ومجلس شورى النواب، وحتى مجلس النواب، ومجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، والجمعية التشريعية، ومجلس النواب، ثم مجلس الشيوخ، وانتهاء بمجلس الأمة فمجلس الشعب، ثم مجلس النواب ومجلس الشورى، وأخيرا مجلس النواب أحد إفرازات استفتاء الشعب على دستور 2014.