السبت، 23 نوفمبر 2024 12:20 ص

كارثة بيئية فى بورسعيد.. مصنع الموت "سنمار" يفتقر لاشتراطات الأمن والصمت سيد الموقف

كارثة بيئية فى بورسعيد.. مصنع الموت "سنمار" يفتقر لاشتراطات الأمن والصمت سيد الموقف مصنع الموت "سنمار"
الخميس، 15 سبتمبر 2016 08:15 م
كتبت منة الله حمدى

إقامة أكبر مصنع كيماويات فى مصر والشرق الأوسط وسط منطقة سكنية

صرف مخلفات كيماوية سامة داخل قناة تربط بحيرة المنزلة بقناة السويس

البناء يخالف القانون والصمت سيد الموقف

الأهالى:

الفساد دخل مصنع الموت وإحنا عايشين على كف عفريت

الصيادين : 3500 صياد فى القابوطى مش لاقيين ياكلوا

مهندسين: تعاملنا مع مصنع سنمار محدود وفعلاً بيطلع غازات سامة

محافظ بورسعيد يلتزم الصمت

النائب أحمد فرغلى:المصنع يفتقر الاشتراطات الأمنية



كعادتها بورسعيد الباسلة تقف أمام الكوارث بعزم وشدة، ولكن عندما تواجه كارثة فساد كإقامة أكبر مصنع كيماويات فى مصر والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وسط مناطق سكنية، فتعد هذه كارثة تقضى على الحاضر المستقبل وتوأد الأخضر واليابس.

أقيم مصنع تى سى آى سنمار للبتروكيماويات، فى المنطقة الصناعية جنوب مدينة بورسعيد منذ عام 2007، لإنتاج مادة الإثيليين الأخضر المشتق من مادة الإيثانول لإنتاج مادتى الصودا الكاويا وكلوريد فينيل، هذا بالقرب من منطقة القابوطى جنوب بورسعيد، والتى تفصل بينهم قناة بحرية تربط بين بحيرة المنزلة وقناة السويس.

صرف مخلفات كيماوية سائلة سامة داخل قناة تربط بحيرة المنزلة بقناة السويس

توجه موقع "برلمانى" إلى مدينة بورسعيد ليرصد حقيقة هذا المصنع الذى اعترض على إقامته الجميع، ومع ذلك أصبح كيانًا قائمًا يعمل فيه ما يقرب من 2000 عامل، وينتج بالفعل مواد كيماوية سامة، وهل قام بجميع الاشتراطات الأمنية أم لا؟

فى بادئ الأمر رصد موقع "برلمانى" مشهدا ليس بجديد، حيث خروج أنبوبتين كبيرتين لصرف مخلفات المصنع الكيماوية السائلة فى تلك القناة المهمة، والتى كانت تعج بخيرات الله من أنواع الأسماك المختلفة، فكل أهالى منطقة القابوطى يعملون بمهنة الصيد؛ ولأن المصنع أقيم على مكان تجمع مراكب الصيادين ومنطقة الصيد الحرة لأهالى المنطقة، فقد سلب المصنع كل ما يمتلك أهالى منطقة القابوطى ببورسعيد، بالإضافة إلى إصابتهم بأمراض عديدة كالالتهاب الرئوى وضيق التنفس والفشل الكلوى والكبدى والسعال والأمراض الرمدية المختلفة.

البناء يخالف القانون والصمت سيد الموقف

ما حدث يخالف قانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009، الذى ينص على ألا تقل المساحة بين المنشأة الصناعية وأقرب تواجد سكانى عن 20 كيلو مترًا، كما ينص القانون فى مادته رقم 73 على أنه يحظر إقامة أية منشآت على الشواطئ البحرية للجمهورية لمسافة 200 متر إلى الداخل من خط الشاطئ إلا بعد موافقة الجهة الإدارية المختصة، وموافقة جهاز شؤون البيئة وتنظيم اللائحة التنفيذية لهذا القانون، والسؤال المهم فى هذا الشأن أين وزارة البيئة؟!، أين هيئة قناة السويس من هذا؟!، وكيف لم يتدخل محافظ مدينة بورسعيد حتى الآن؟

الأهالى: الفساد دخل مصنع الموت لبورسعيد وإحنا عايشين على كف عفريت

"ده مصنع الموت، دخل البلد عن طريق منظومة فساد كاملة فى كل حاجة"، بدأ السيد محروس السمرى يعمل سائق يعيش فى منطقة القابوطى بحوار مصنع سنمار لتصنيع المواد الكيماوية،كلامه معنا عن المصنع وأضراره، فأضاف "ده مصنع دمياط اللى الأهالى رفضت إقامته لكن بالرشاوى عملوه هنا".

وقال عمرو رمضان ويعمل سائق من أهالى المنطقة، إن هذا يخرج غازات سامة تؤذى الأطفال وتؤدى إلى حدوث ضيق تنفس طوال الوقت، هذا بخلاف الأمراض الأخرى التى لا ترحم صغيرا ولا كبيرا، رغم أننا قمنا بالعديد من المظاهرات ولكنها كانت تأتى بعكس المرجو منها".

"إحنا هنا عايشين على كف عفريت" هذا ما أكمله عمرو الذى أكد فى كلامه أن الأصوات التى تخرج من المصنع أثناء عمله ليلاً تؤدى إلى رعب الأهالى والأطفال مما يشعرهم بانفجاره فى أى لحظة، خاصة وأنه فى بعض الأحيان يخرج نيران ضخمة من أحد الخزانات.

الصيادين: المصنع ده قضى على كل حاجة حية فى البحيرة و3500 صياد فى القابوطى مش لاقيين ياكلوا

وتابع محمد رمضان لا يعمل من منطقة القابوطى جنوب بورسعيد، "المصنع ده قضى على كل حاجة حية فى البحيرة كل خيرات ربنا من السمك والجمبرى والكابوريا قضى على خيرات ربنا ووقف حال الصيادين، إحنا دلوقتى عايشين تحت خط الفقر، 3500 صياد مش لاقيين ناكل لأن المصنع بيرمى صرفه فى الميه ومنع أى صياد ينزل يسترزق"، أما الطفل سيد عبد الله فى الصف الأول الثانوى فطالب بتطهير البحيرة من السموم الموجودة بها لأنه لم يعد يتحمل الرائحة الكريهة التى تخرج من المصنع وتؤدى إلى آلام شديدة فى صدره.

مهندسون كيميائيون: تعاملنا مع مصنع سنمار محدود وفعلا بيطلع غازات سامة

توجه موقع "برلمانى" إلى مصنع سنمار وطلب لقاء أى من المسؤولين بداخله ولكنهم رفضوا الرد علينا؛ فتوجهنا إلى أحد المصانع المجاورة له يمد مصنع سنمار بغاز النيتروجين والأكسجين فالتقينا ببعض المهندسين بداخله رفضوا ذكر أسمائهم وتصويرهم، والذين أكدوا أن مصنع سنمار يخرج غازات سامة فقالوا: "مصنع سنمار فيه مشاكل كتير، لو قولنا بيطلع غازات سامة فهو فعلاً بيطلع غازات وسامة، على الرغم من وجود شعلة لحرق الغازات إلا وأنها لا تحرق بعض الغازات السامة التى تؤذى من يتعرض لها".

كما التقينا ببعض العاملين فى المصانع المجاورة له، والذين أكدوا نفس الكلام، حيث قال أحد حراس المنطقة السكنية الجديدة الملاصقة للمصنع والمقامة فى الظهير الصحراوى لمدينة بورسعيد، والتى من المفترض أن يتم تسليم الوحدات السكنية للشباب أول أكتوبر المقبل: "كل شهر ولمدة أسبوع بيطلع عليا ريحة غازات وحشة محدش بيقدر يستحملها لكن هنعمل إيه بقى".

محافظ بورسعيد يلتزم الصمت

كما أوضح أحمد بخيت، أن هناك تواطؤ بين أصحاب المصنع والمجموعة البرلمانية من 2007 وحتى قيام الثورة، وحينما أتى مجلس الإخوان تم تقديم طلبا للسيد أكرام الشاعر إلا أنه تواطأ مع صاحب المصنع والاتهام صريح لهم مباشرة بأنهم تقاضوا رواتب من هذا الرجل، وقد تقدمت مجموعة من الأهالى إلى اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد إلا أنه التزم الصمت.

النائب أحمد فرغلى: المصنع يفتقر الاشترطات الأمنية

فيما قال النائب أحمد فرغلى، أمين سر لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب والنائب عن منطقة جنوب بورسعيد التى أقام فيها مصنع سنمار للكيماويات، إنه تقدم بطلب إحاطة وبسؤال لوزير البيئة لمعرفة الأثر البيئى لانبعاثات التى تخرج من مصنع سنمار على البيئة السكنية المحيطة، وبالفعل تم انعقاد لجنة البيئة، وتم مناقشة المصنع فيها، وتوقف الجميع عند نقطة أن مصنع سنمار يفتقد إلى كافة الاشتراطات الأمنية، ومنها اتفاق بين محافظة بورسعيد ووزارة البيئة والمصنع بإنشاء 3 ردارات هوائية وتوصيلهم بالردار المركزى بالقاهرة لقياس الانبعاثات ومدى تأثيرها على البيئة المحيطة لحظة بلحظة، كما أن محطة معالجة مادة الكلور لا تعمل، ويتم الصرف فى بحيرة المنزلة، ولذلك طالبت بعمل محطة إكو زيرو لمعالجة صرف الكلور، كما أن الاشتراطات افتقرت أيضًا إقامة غابة شجرية بين المصنع والمنطقة السكنية الجديدة "حى الإمارات".

وبناءً عليه وصت لجنة البيئة بمجلس النواب تشكيل لجنة مكونة من 4 وزارات وهى البيئة والزراعة والصناعة والإسكان لعمل محطة صرف جديد بتكلفة 300 مليون جنيه ليتم معالجة صرف المصانع داخل المحطة بدلاً من صرفها فى بحيرة المنزلة، وتابع أنه تم الاتفاق مع وزير البيئة على تشكيل لجنة من الحرب الكيماوية للقوات المسلحة على شن حملات تفتيش إلى المصنع، بالإضافة إلى تشكيل لجنة محايدة من جامعة القاهرة ممثلة فى متخصصين فى كليات الطب والعلوم والهندسة بجانب لجنة الحرب الكيماوية للقوات المسلحة لتقديم تقارير فعلية للوقوف على الأمر بكل تفاصيله.




print