لاول مرة منذ تأسيسها ، تستقبل مكتبة الاسكندرية مديرا جديدا لها ، خلفا للدكتور إسماعيل سراج الدين مدير المكتبة الذى تولى المنصب منذ 15 عاما و شارك فى تأسيسها و حرص على أن تكون مؤسسة مستقلة ومنارة ثقافية وعلمية.
الدكتور إسماعيل سراج الدين رجل عرف بالثراء الفكرى و العلمى ، عاصر نحو 4 أنظمة للحكم مرت على مصر مما جعلة شخصا مثيرا للجدل لاستمراره و فى المنصب طوال تلك السنوات ، خاصة فى الفترة ما بعد ثورة 25 يناير، حيث جاء مجلس أمناء المكتبة بتجديد الثقة فية بمثابة رد على الأصوات التى طالبت بإقالتة أو تركة المنصب.
15 عاما من الجهد و العمل و البناء فى صرح ثقافى أصبح يضاهى المكتبات العالمية و يعيد إحياء مكتبة الاسكندرية القديمة و يصبح مزار للشخصيات العالمية و رؤساء العالم
اليوم السابع التقى الدكتور إسماعيل سراج الدين ، مدير مكتبة الاسكندرية السابق ، ليكشف أسرار السنوات الماضية ، و علاقتة بصديقة الدكتور مصطفى الفقى مدير المكتبة الجديد.
دكتور إسماعيل سراج الدين .. عملت مديرا لمكتبة الاسكندرية 15 عاما .. ما هو شعورك و أنت تسلم الراية الراية الى شخص أخرى ؟؟
عملت مديرا لمكتبة الاسكندرية 16 عاما ، حيث كان هناك عاما كاملا للتحضير قبل الافتتاح ، و أشعر بالفخر الكبير فى تلك اللحظة لتسليم الراية الى شخص أخر ، فمكتبة الاسكندرية مؤسسة مصرية تماما ليس فقط من الوضع القانونى و لكن جميع العاملين بها من المدير الى الغفير مصريون ، و نتقاضى جميعا مرتبات مصرية تتمشى مع الوضع الاقتصادى فى مصر.
و فى فترة وجيزة جدا وصلنا الى أن نكون من المؤسسات المصرية القليلة التى يعترف أقرانها فى القمة من المؤسسات العالمية بها كزميلة لهم فى هذا المجال ، حيث هناك تعاون مشترك مع مكتبة الكونجرس بأمريكا و المكتبة الفرنسية و المكتبة البريطانية ، و هناك شراكات كثيرة بيننا و بينهم طوال السنوات الماضية، حيث أهدت المكتبة الفرنسية الى مكتبة الاسكندرية 500 ألف كتاب أكبر هدية فى التاريخ..
ووصل عدد زائرى المكتبة الى مليون زائر سنويا ، و ووصل عدد متابعى مكتبة الاسكندرية على شبكات الانترنت الى مليار متابع ، فموقع مكتبة الاسكندرية يحصل على 1000 مليون نقرة سنويا و بمعدل 2.7 مليون نقرة يوميا ، فى حين أننا لسنا موقع إعلانى بل موقع ثقافى و 50% من المتابعين شباب مصرى و هو يدعو الى الفخر لحصول المكتبة على هذا الكم الهائل من التواصل.
مجلس أمناء مكتبة الاسكندرية إختار الدكتور مصطفى الفقى ليكون خليفة لك فى تولى منصب مدير مكتبة الاسكندرية .. ما رأيك فى هذا الاختيار ؟؟
الدكتور مصطفى الفقى صديق عزيز ، و نعرف بعضنا البعض من سنوات طويلة ، و هو رجل ممتاز و له ثقافة واسعة ، و سياسى مخضرم يجيد الانجليزية ، و له خبرات متميزة حيث شغل منصب مستشار رئيس الجمهورية لمدة 8 سنوات ، بالاضافة الى أدوار كثيرة جدا لعبها فى الحياة السياسية ، و هو سوف يأخذ المؤسسة الى مزيد من النجاحات
إذا أنت لست قلقا على مكتبة الاسكندرية الفترة القادمة ؟؟
لا على العكس تماما ، لست قلقا ، و لابد أن نعى جيدا أن بناء المؤسسات يقتضى ذلك ، و شخصنة الأمور صفة مصرية سيئة ، يجب الابتعاد عنها ، و مكتبة الاسكندرية مؤسسة لها قواعدها و نظم خاصة بها ، بنيت على أكتاف شبابها و قدموا إنجازات أفخر بها حاليا ، فالشباب هو من صنع مكتبة الاسكندرية و هم الذين سوف يستمرون فى مسيرة العمل ، و أنا أثق أنهم سوف يجدون مع دكتور مصطفى الفقى روح التشجيع و الدعم التى انطلقوا بها فى بداية تأسيس المكتبة
عاصرت 4 أنظمة مختلفة للحكم .. كيف واصلت المسيرة خلال تلك الفترات ؟؟
نعم عاصرت أنظمة للحكم عديدة مرت على مصر فى السنوات الاخيرة ، بسبب الحراك السياسى و الثورى الذى شهدناه مؤخرا ، و هذا إثبات على أن المكتبة مؤسسة قومية فهى ليست مؤسسة حزبية أو تنتمى الى تيار سياسى معين و لكنها تنتمى الى كل المصريين.
وأنا لست محسوبا على نظام سياسى بعينة ، و حرصت على بناء مكتبة الاسكندرية كمؤسسة قومية مستقل ، ووضعت قانونا جديدا منظما لذلك ، و فى بداية تأسيس المكتبة رفضت أن يكون تعيين مدير مكتبة الاسكندرية بقرار مباشر من رئيس الجمهورية حتى لا يتم تسيس المنصب، و حرصت على أن يكون القرار صادر من مجلس أمناء المكتبة ثم يعقبة قرار تعيين من رئيس الجمهورية للشخصية التى يقع عليها الاختيار من مجلس الأمناء حتى لا يتم تهميش دور مجلس الأمناء ، و هو من أرقى مجالس الأمناء على مستوى العالم حيث يضم فى عضويتة 12 رئيس دولة سابق ، و جميعهم يعملون بشكل تطوعى حبا فى مكتبة الاسكندرية ، و يتم تجديد عضويتهم بإستمرار.
و ينص قانون مكتبة الاسكندرية أن يتولى رئيس الجمهورية منصب رئيس مجلس الأمناء أو من يختاره، و فى عهد الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك اختار زوجتة سوزان مبارك ، و إنصافا للتاريخ لولا سوزان مبارك لما كانت مكتبة الاسكندرية ، فقد قدمت دعما معنويا و سياسيا و هى من قامت بإختيارى لتولى المنصب ، و إشترطت أن تتمتع مكتبة الاسكندرية بإستقلالية تسمح لها بالعمل بعيدا عن البيروقراطية و الروتين ، فأنا أكبر عدو فى العالم بالأقديمة و أعترف بالكفاءة و الانجاز أولا ثم الاقدمية
كانت هناك فترات إنتقالية صعبة و قصيرة مرت على مصر .. مثل فترة تولى المستشار عدلى منصور منصب رئيس الجمهورية .. هل واجهت عقبات فى العمل ؟؟
شرفت بالعمل مع عدلى منصور حينما تولى منصب رئيس للجمهورية ، حيث تولى منصور المنصب فى فترة إنتقالية هامة جدا و فيها تم إعداد الدستور و قامت المكتبة فى ذلك الوقت بتوثيق كتاب خاص بمسيرته، و جار العمل حاليا على توثيق كتاب السيرة الذاتية للرئيس عبد الفتاح السيسى فخرا بتلك الشخصيات الجليلة التى مرت على تاريخ مصر.
و ماذا عن عهد الاخوان المسلمين هل واجهت المكتبة بعض التضييقات فى العمل و أداء دورها كصرح تنويرى و ثقافى ؟؟
الاخوان المسلمين إنشغلوا بأمور أخرى فى الدولة بعيدا عن مكتبة الاسكندرية ، و كانوا حريصين على تنفيذ خطة " التمكين " و تنفيذ البرنامج السياسى الخاص بهم ، و جاءت ثورة 30 يونيو لتحول دون تنفيذ خطة التمكين فى مكتبة الاسكندرية و الاستيلاء على المناصب القيادية بها ، و كانت هناك خطة موضوعة للتمكين داخل المكتبة لم يمهلهم الوقت لتنفيذها ، و على الاقل أنا لم ألمس منهم الا القليل.
و قد واجهت خلافات و بعض المناقشات مع النظام الاخوانى حول بعض النقاط الخلافية فى إسلوب إدارة المكتبة خاصة فى فكرة ترأس رئيس الجمهورية إجتماع مجلس أمناء المكتبة ، حيث واجهت صعوبة فى شرح أهمية ترأس محمد مرسى فى ذلك الوقت إجتماع مجلس أمناء مكتبة الاسكندرية ، و بالفعل ترأس جلسة الاجتماع
الرئيس " السيسى " كان له توجهات جديدة لمكتبة الاسكندرية .. ما هى أهم ملامح تلك التوجهات التى تلقيتها منه ؟؟
الرئيس عبد الفتاح السيسى فتح أفاق جديدة لمكتبة الاسكندرية ، و كان حريصا جدا على أن تتواجد مكتبة الاسكندرية فى أنحاء مصر المختلفة و ليس محافظة الاسكندرية فقط ، ووفقا لتلك التوجهات ، قامت مكتبة الاسكندرية بإنشاء " سفارات المعرفة " بجميع الجامعات المصرية و المؤسسات الثقافة المختلفة و هى عبارة عن غرفة داخل كل جامعة و مؤسسة و من خلالها يتابع و يشارك فى كل أنشطة و فاعليات المكتبة ، بالاضافة الى نشر النوادى العلمية فى أكثر من 500 مدرسة بالاسكندرية.
كما أصدر الرئيس السيسى توجيهات بتولى المكتبة دور لمواجهة فكر التطرف و الارهاب ، بجانب العمل الأمنى و العسكرى ، لنشر الفكر التنويرى و التعددية و الانفتاح لمواجهه الفكر المتطرف و التكفيرى الذى يدعو الى رفض الاخر و ينادى بالعنف ، و لقد نجحت المكتبة فى هذا المجال حيث إستطاعت المكتبة تكوين شبكة إتصالات مع أكثر من 30 مركز ثقافى و تنويرى فى العالم العربى ، بالاضافة الى العمل داخل مصر مع المؤسسات الدينية سواء مؤسسة الازهر الشريف أو دار الافتاء أو وزراة الاوقاف أو الكنيسة و بيت العائلة المصرية ، لطرح قضايا مثل تجديد الخطاب الدينى و التوسع فى الانفتاح نحو الاخر و نحو التعدية و قبول المنطق و الحوار
و ماذ عن توجيهات الرئيس الاخيرة بإنشاء مركز للدراسات الاستراتيجية بالمكتبة ؟؟
المكتبة بها 15 مركز بحثى فى مختلف المجالات ، و كان هناك تصور بإنشاء مركز لمزيد من التواصل بين مكتبة الاسكندرية و صناع القرار فى مصر ، حيث تمتلك مكتبة الاسكندرية قدرات علمية و ثقافية و بحثية على أعلى مستوى تسهم فى القيام بدراسات إسترتيجية فى عدد من المجالات المختلفة من شأنها أن تكون دعما لمتخذى القرار فى مصر ، و المكتبة لديها القدرات الفنية و البشرية المؤهلة الى ذلك.
و يوجد بالمكتبة " سوبر كمبيوتر" وأجهزة كمبيوتر فائقة السرعة ، و كوادر بشرية لباحثين و علماء على قدر عالى من المستوى العلمى فى كافة المجالات
و قد قامت مكتبة الاسكندرية خلال السنوات الاخيرة بنشر نحو 715 كتابا ، و هناك كم إنتاج فكرى كبير للمكتبة و سبق و أن حصلت مكتبة الاسكندرية على جوائز كأحد دور النشر العربية العامة.