قال سوبير لال، رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، إنه تم الاتفاق مع الحكومة المصرية بشأن المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، والذى يدعمه الصندوق لمدة ثلاثة سنوات من خلال تسهيل الصندوق الممدد، وسيناقشها المجلس التنفيذى للصندوق، متوقعا أن تتم الموافق على المراجعة فى نهاية ديسمبر المقبل، ولكن هذا الامر يتوقف على مواعيد اجتماعات المجلس التنفيذى للصندوق.
وأوضح سوبير لال، خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدى، عبر الاقمار الصناعية، ببرنامج "هنا العاصمة" والمذاع على فضائية "سى بى سى"، أنه بمجرد موافقة المجلس التنفيذى على المراجعة سيتم ضخ دفعة ثالثة بقيمة 2 مليار دولار لمصر بعد يومين من الموافقة، مشيراً إلى أن تاريخ اجتماع المجلس لم يتم تحديده بشكل نهائى، مضيفاً: "نأمل أن يكون فى نهاية شهر ديسمبر".
وأكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، أن برنامج الإصلاح الاقتصادى بمصر يسير على الطريق السليم وفق الخطة الموضوعة، لأن هناك تطورات إيجابية، حيث على مستوى السياسات النقدية تراجعت مستويات التضخم خلال الثلاثة أشهر الماضية بعد وصولها إلى الذورة فى يوليو الماضى، موضحاً أن تراجع التضخم يعود إلى سياسات البنك المركزى المصرى المالية اللتى أتضح فاعليتها فى مواجهة التضخم، متابعاً: "التضخم السنوى سيتراجع بشكل ملحوظ فى نوفمبر وديسمبر 2017 وذلك يرجع إلى تاثير سنة الأساسا بعد تعويم الجنيه، ونتوقع أن يستمر التضخم فى التراجع خلال 2018 وأن يصل معدل التضخم إلى رقم أحادى بحلول 2019".
وأشار إلى أن الجانب المالى فى مصر يشهد تحسن فى أداء الموازنة التى تسير بشكل سليم بفضل الاصلاحات الهيكلية، ويمكن تسجيل فائض أولى دون تضمن مدفوعات الفائدة، منوها إلى ضرورة وأهمية برنامج الحماية الإجتماعية، وبالاخص برنامج الدعم النقدى "تكافل وكرامة" الذى تضاعف خلال العام الماضى، وسجل تطوراً عظيم.
وقال إن تخوفات الصندوق من ناحية المخاطر المتوقعة تأتى بشأن أرتفاع أسعار النفط، مما قد يمثل ضغطا على الموازنة العامة، وكذلك التغييرات التى قد تطرأ على الوضع المالى العالمى وخاصة أسواق المال العالمية، وأى تغييرات فى الموقف الأمنى الإقليمى، مؤكداً ان السلطات المصرية لديها تاريخ ونية قوية فى تطبيق القوانين، كما انها تتمتع بمصداقية كبيرة، وذلك يقلل من نسبة المخاوف من التاثيرات السلبية.
من جانبها، تساءلت لميس الحديدى حول مدى قلق صندوق النقد الدولى بشأن الدين العام، وخاصة الخارجى الذى يصل إلى 44% من الناتج المحلى، وجاء رد "سوبير لال" أنه تم تصميم برنامج الحكومة المصرية لتخفيض الدين ووضعه على مسار الانخفاض المستمر، وهذا يتضمن الدين المحلى والخارجى على حد سواء، موضحاً أن بالنظر إلى تطبيق مصر لبرنامج الاصلاح وقيامه على ضبط الوضع المالى العام، فأن ذلك سيساعد على تحسن الاوضاع المالية بصورة مستمرة ويساهم فى خفض الديون خفضاً مستمرا، مضيفاً: "طالما البرنامج مستمر فى مساره فلن نقلق من الوضع المالى العام فى المستقبل".
وعن كيفية إنعكاس الارقام والمؤشرات بالإيجاب على المستوى المعيشى للمواطنين رغم التحسن فى الاقتصاد العام، أشار لال إلى أن هذه النقطة من أهم الأمور التى يجب التركيز عليها، لأن أحد أسباب عدم شعور المواطنين بتحسن مستوى المعيشة بالرغم من الأرقام وارتفاع الانتاج المحلى وانخفاض مستوى البطالة، يعود إلى ارتفاع التضخم العام الماضى والحالى، وكذلك أرتفاع اسعار الوقود، بالإضافة إلى اعتماد برامج الحكومة المصرية السابقة فى النمو على الاستهلاك، موضحاً أن كل الاسباب السابقة أدت إلى ارتفاع الدين العام، وارتفاع العجز فى ميزان المدفوعات والميزان التجارى وكذلك العجز العام، متابعاً: "بشكل بسيط الاقتصاد المصرى كان يستهلك أكثر مما ينتج، فلم يكن النمو ثابتاً أو مستدام، فجعل النمو بطئ وغير منتظم، فكان من اللازم لحل هذه المشكلات من خلال تعويم الجنيه، وذلك بجانب الاصلاحات المالية التى تطبقها الحكومة المصرية لتحسين الميزانية العامة".
وتابع رئيس بعثة صندوق النقد الدولى لمصر، أن السياسات الحالية للحكومة المصرية والتراجع المستمر للتضخم، ستتيح الشعور بآثار الاصلاحات فى المستقبل القريب وسيتم التغلب على المشكلات التى يواجهها المواطنين فى مستوى المعيشة، متوقعا أن يحمل عام 2018 تغييرا ايجابيا فى حياة الناس وشعور بتغيير واضح، لأن التحسن سيكون قائم على اساسات اقتصادية أكثر صلابة وعلى معدلات نمو ثابتة، مما يعنى وجود اقتصاد تتساوى فيه معدلات الاستهلاك مع الإنتاج، على عكس الوضع الحالى.
ووجه سوبير لال، رسالة إلى الشعب المصرى، قائلاً: "نحترم ونقدر صبرهم، لكنهم سيحصدون ثمار ذلك الصبر قريباً.. وانا متفائل جدا بمستقبل اقتصاد مصر وشعبها".