تتمتع محافظة أسوان بسمات ربانية حباها الله إياها انطلاقًا من جمال الطبيعة ومرورًا بالمياه العزبة لنهر النيل ووصولًا للشجر والرمال الجبلية، علاوة على الحضارة الفرعونية والمشروعات القومية على أرضها، والتى جعلت من أسوان مقصدًا سياحيًا عالميًا ومحليًا يشغل بال السائحين من خارج مصر وداخلها، ومع كل هذه النعم الموجودة بالمحافظة إلا أن تقصير عدد من المسئولين التنفيذيين بالإضافة لبعض السلوكيات الخاطئة من الأهالى، نتج عن ذلك تدنى مستوى النظافة وأدى إلى انتشار القمامة بشكل يهدد سمعة السياحة الوافدة إلى جنوب مصر.
ظهرت مشكلة انتشار القمامة فى محافظة أسوان – والتى لم تكن تعانى منها أسوان فى تاريخها قبل ذلك – قبل 5 سنوات تقريبًا عندما اعتمدت المحافظة على العاملين فى مشروع النظافة وإنهاء التعاقد مع إحدى الشركات الخاصة المسئولة عن جمع القمامة، مع توقف مصنع تدوير القمامة منذ سنوات مضت، ومع مرور الوقت أصدر اللواء مجدى حجازى محافظ أسوان، قرارًا بتثبيت العمالة المؤقتة وعددها 3583 عاملًا، وهو ما دفع عدد كبير من العاملين فى مشروع النظافة بتقديم شهادات معادلة ونقل درجاتهم الوظيفية إلى مشرفين وإداريين، وأصبحت أسوان تعانى من عجز فى عدد العمالة الخاصة بمشروع النظافة.
قال عبد الناصر صابر، النقيب السابق للمرشدين السياحيين بأسوان، إن مشكلة انتشار القمامة لم تكن أبدًا من أولويات محافظ أسوان والمسئولين التنفيذيين فى ديوان عام المحافظة، والدليل أنها تفاقمت خلال الآونة الأخيرة، وإذا كانت من اهتمامات المحافظ لكان أهالى المدينة السياحية لاحظوا مستوى النظافة، إلا أن الواقع مخيف ويهدد سمعة السياحة، لأن هناك موسم سياحى قادم بعد 6 أشهر، وتبدأ شركات السياحة من الآن إرسال مسئولين فيها يكشفون عن المناطق التى سيزورها السائحين لوضعها على خارطة برامج السياحة لديهم، مشيرًا إلى أن الموسم السياحى الماضى شهد تعافى تدريجى لأعداد السائحين الزائرين لأسوان، إلا أن مستوى النظافة لم يكن على المستوى المطلوب، وهناك عدد من السائحين اشتكوا من القمامة، ولا يتمنى العاملون فى السياحة أن يستمر وضع تردى النظافة فى المواسم السياحية المقبلة.
الحلول المقترحة من أبناء المحافظة
وأضاف النقيب السابق للمرشدين السياحيين بأسوان، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن محافظ أسوان ليس لديه حلولا للتخلص وجمع القمامة ودائمًا ما يبرر أنها مشكلة عامة فى محافظات مصر، رغم أن أسوان لم تكلفه بذل جهود كبيرة فى جمع قمامتها من الشوارع الرئيسية والميادين العامة، موضحًا بأن مشكلة القمامة لم تحل منذ أكثر من عامين، مستشهدًا بمقولة: "ما لا يدرك كله لا يترك كله" فى إشارة إلى أن المحافظ رفض الحلول المقترحة التى قدمها له أبناء المحافظة فى حل أزمة القمامة، وخاصة أن اللواء حجازى محافظ أسوان، رفض التعاقد مع شركات نظافة كانت قد وصلت إلى أسوان والتقته بمكتبه، ومن ضمن العروض شركة تابعة للقوات المسلحة – على حد قوله – إلا أنه رفض كل هذه العروض وكان أخرها ما تقدم به نقيب الزبالين فى مصر.
وتساءل "صابر" لماذا يرفض محافظ أسوان كل هذه العروض المقدمة؟، رغم أنها أكثر وفرًا من رواتب العاملين فى مشروع النظافة بعد أن قرر تثبيتهم، ولجأ عدد منهم إلى العمل فى المجال الإشرافى والإدارى وترك جمع القمامة من الشوارع، مضيفًا أن كل هذه الأمور تضع علامة استفهام حول قرارات المحافظ وتأجيله البت فى هذه المشكلة حتى صارت أسوان "مخجلة" أمام ضيوفه الزائرين.
المهندس أدهم دهب، رئيس غرفة العاديات السياحية بأسوان، قال إن أسوان لا تحتاج إلى إطلاق مبادرات من مسئولين لأن أهلها يبادرون من أنفسهم بالنظافة سواء داخل منازلهم أو خارجها، وهى عادة معروفة لدى الشعب الأسوانى، مؤكدًا على أن النظافة مسئولية المحافظة فى المقام الأول، لأن المواطنين بالمحافظة يدفعون أموالًا على الفواتير للنظافة.
وطالب "دهب"، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، الحكومة أن تنظر بعين الاعتبار فى أزمة القمامة بالنسبة لمحافظة أسوان لأنها تمثل دخلا قوميا للدولة سواء من ناحية القطاع السياحى أو الثروات المحجرية أو السمكية أو الكهربائية أو غير ذلك، مشيرًا إلى أن القمامة قد تكون يومًا من الأيام سببًا رئيسيًا فى طرد السياحة من المدينة الجنوبية.
فيما أكد هانى يوسف، أحد أبناء النوبة بأسوان، على أن أزمة انتشار القمامة فى شوارع أسوان ظهرت قبل فترة عندما رفض المحافظ التعاقد مع كل عروض الشركات المقدمة، واعتمد على المؤقتين فى مشروع النظافة والذين خذلوه – على حد وصفه – عندما قرر تثبيتهم بعدما تحولوا من عمال فى الشوارع لجمع القمامة إلى مشرفين وإداريين بالمكاتب، وكانت معظمها مجاملات لبعض المسئولين فى ديوان عام محافظة أسوان، وكان من الممكن توفير رواتب العاملين المؤقتين والبالغة نحو مليون و700 ألف جنيه تقريبًا، والاستعانة بشركات خاصة تدير منظومة النظافة فى أسوان.
ظهور النباشين
وأوضح "يوسف"، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن ترك القمامة لفترة طويلة فى الشوارع أدى إلى ظهور ما يسموا بـ"النباشين" وانتشرت معهم الكلاب والحيوانات الضالة، والتى عقرت مؤخرًا أكثر من طفلًا تم نقلهم إلى مستشفى الحميات، لافتًا إلى أن كل حلول المحافظ الأخرى فشلت لأنها لم تدرس جيدًا، ومنها محاولة المسئولين فى المحافظة جمع القمامة من المنازل، ولكن لم يمضى أسبوع على هذا المقترح وبات بالفشل، وخلال هذه الفترة رفعوا صناديق وحاويات القمامة من الشوارع، ومع انتهاء المقترح لم تعود هذه الحاويات إلى مكانها بالشوارع وبيعت "خردة" – على حد قوله – وزادت المشكلة تفاقمًا.
استغلال الطاقات الإيجابية بعد انتخابات الرئاسة
من جانبه، حاول اللواء مجدى حجازى، محافظ أسوان، استغلال لاستثمار حالة الحماس والحراك الوطنى لدى الشارع الأسوانى عقب انتهاء انتخابات الرئاسة والتى شهدت زخمًا شعبيًا غير مسبوق، مشيرًا إلى أن إطلاق الحملة يأتى أيضًا لاحتواء تداعيات العاصفة الترابية التى ضربت معظم أنحاء الجمهورية، واعترف المحافظ فى بيانٍ له أن احتواء تداعيات العاصفة الترابية التى ضربت معظم أنحاء الجمهورية يفوق إمكانيات المحافظة لنظافة وتجميل الشوارع الداخلية والأزقة، ويتطلب ذلك تضافر جميع جهود الأسرة الأسوانية.
وعن تفاصيل الدعوة لهذه الحملة التى تستمر على مدار يومى الجمعة والسبت، أكد محافظ أسوان، على أنها تستهدف قيام كل أسرة بنظافة منزلها من الداخل من صباح باكر الجمعة فى الفترة الصباحية من العاشرة صباحًا حتى الثالثة ظهرًا ثم استكمال العمل بالنظافة أمام المنزل والشارع الذى يقع به من الرابعة عصرًا وحتى التاسعة مساءًا، موضحًا بأن يوم السبت ستقوم كل أسرة بتجميل منزلها بالداخل فى الفترة الصباحية أيضًا ثم تستأنف أعمال التجميل فى الفترة المسائية أمام منزلها وبنفس الشارع أو الحارة أو الزقاق فى نفس توقيتات يوم الجمعة، مطالبًا من المشاركين فى الحملة ضرورة الترشيد الشديد فى إستخدام المياه مع التواصل بالمتطوعين من المجتمع المدنى ورجال الأعمال للمشاركة فى الحملة، مؤكدًا على أنه أعطى توجيهاته لمجالس المدن والمسئولين عن مشروع النظافة بتقديم كافة أوجه الدعم لنجاح هذه المبادرة سواء فى النظافة العامة أو التجميل من معدات وصناديق قمامة.
حل القضاء على المشكلة
وفى المقابل، أشار اللواء مجدى حجازى، إلى أن حل مشكلة القمامة يأتى مع زيادة عدد سيارات ومعدات رفع القمامة مع صيانتها، وزيادة عدد العمالة، لافتًا إلى أن المحافظة تسعى فى حل هذه المشكلة من خلال تطوير وتحسين هذه المنظومة بصفة مستمرة ومناوبة العمالة والمعدات من مكان لآخر، لأن عدد العمالة وكفاءتها أقل من المطلوب للمحافظة والظروف الحالية لا تسمح لجلب عدد أكبر لأن الموازنة لا تسمح بذلك نظرًا لأن هناك 3583 موظفا على درجات شخصية يتقاضون رواتبهم من المحافظة، وكل دخل صندوق المحافظة موجه لرواتبهم، موضحًا بأن المحافظة فى انتظار الشركة القابضة التى سوف يتم تأسيسها بأسوان ويتم التخطيط له من الآن وسيكون حلًا نهائيًا للقضاء على هذه المشكلة.