أولا: اتفق الفقهاء على حرمة ونجاسة الحيوان المقدور عليه الذى لم يذك ، سواء كان طاهرا حال الحياة كبهيمة الأنعام، أم نجسا كالخنزير، وسواء مات حتف أنفه أم ذبح فى غير موطن الذبح مع القدرة، أم كان الذابح غير مسلم ولا كتابى، واتفقوا كذلك على أنه ينجس من الميتة لحمها وشحمهما وودكها وغضروفها، والأصل في هذا قول الله تعالى { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } .
ثانيا : أن حرمة الميتة شاملة لكل أنواع الاستخدام فلا يحل أكله ، ولا الادهان بها، ولا الاتجار فيها بيعا وشراءً.
أما حرمة أكلها فلقوله تعالى {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } [
وأما حرمة التجارة فيها : فلما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم -: "لعن الله اليهود، حُرمت عليهم الشحومُ فباعوها وأكلوا أثمانَها، وإن الله عز وجل إذا حَّرم أكلَ شيءٍ حَرَّم ثمنَه" .
وأما حرمة الادهان بها فلما روي عن وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ، رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ نَاسٌ , فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ سَفِينَةً لَنَا انْكَسَرَتْ , وَإِنَّا وَجَدْنَا ناقَةً سَمِينَةً مَيْتَةً , فَأَرَدْنَا أَنَّ نَدْهُنَ بِهَا سَفِينَتَنَا , وَإِنَّمَا هِيَ عُودٌ , وَهِيَ عَلَى الْمَاءِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنْتَفِعُوا بِشَيْءٍ مِنَ الْمَيْتَةِ» .
ثالثا : أن التجمل وإن كان مطلوبا ــ ما لم تتعد الحدود الشرعية ــ إلا أنه لا يباح من أجله الحرام ، والدليل على هذا : عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ــ رضي الله عنه ــ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» .
فإذا نهى النبي عن التداوي بالحرام ، والتداوي من قبيل الحاجيات ، فلأن يحرم التجمل بالحرام من باب أولى لأنه من قبيل التحسينات .
وبناء على ما سبق فإن الانتفاع بشئ من النجاسات ( أجزاء الحيوان غير المذبوح ) أمر محرم شرعا ما دامت هذه الأجزاء على حالها .
فإن استحالت هذه الأجزاء إلى مواد أخرى بحيث لا يتبقى فيها خصائص المواد التي كانت عليها فإنه يحكم بطهارتها وإباحة استخدمها ؛ لما تقرر من أن الاستحالة من المطهرات على الراجح من أقوال الفقهاء .