فمستشفى التأمين الصحى من المفترض أن تخدم أكثر من 750 ألف مواطن من قاطنى المدينة، وعمال المصانع، وتعد مستشفى محورية، فهى المتلقى الأول للحوادث وتخدم مصابى 4 طرق حديثة ( القاهرة الإسماعيلية والقاهرة السويس، والعاشر الزقازيق والطريق الإقليمى)، وسعتها أكثر من 600 سرير، وتم وضع حجر الأساس للقسم الداخلى عام 1993، وبدء تشغيله عام 96 على مساحة 10 أفدنة، ومع ذلك سكان العاشر لا حيلة أمامهم سوى اللجوء للمستشفيات الاستثمارية الخاصة أو المراكز الطبية الخيرية وكلاهما مُر.
أزمة مستشفى التأمين
استطاع الروتين أن يقضى على ما تبقى من مستشفى التأمين الصحي، حيث تخبرك لافتتها العريضة عن حجم المآساه التى يعيشها أهالى العاشر، فى الوقت الذى يكتفى فيه المسئولين بتأكيد الأزمة ومناقشتها فى الاجتماعات الدورية وزيارات تفقد لها، حتى وصلت أزمة الصحة فى المدينة إلى عدم وجود ثلاجة لحفظ الموتى، فاضطر الأهالى إلى نقل موتاهم إلى ثلاجات بلبيس والزقازيق والمراكز والمدن المحيطة.
ولفترة قريبة كانت تكتفى المستشفى وأطباؤها أن ينحصر دورهم فى تحويل الحالات التى تتردد على المستشفى، إلى أن تمكن منها الإهمال وحولها إلى خرابة تطفو على مياه المجارى، والصرف الصحى لتنخر فى بنيتها التحتية.
مياه الصرف والمخلفات الطبية
من داخل المستشفى رصدت كاميرا "برلمانى"، السبب الذى توقفت على أثرة محاولات رفع الكفاءه، وكم الإهمال الذى نال المستشفى سواء فى الأدوار الداخلية أو الأدوار المهجورة، فوق الأرض وتحتها، ففى الدور الأرضى للمستشفى لا تشم سوى الرائحة الكريهة ولا تستطيع معرفة مصدرها هل هى بفعل مياه الصرف الصحى والمجارى، أم بفعل تراكم المياه الراكدة التى تنهش فى البنية الأساسية للمستشفى، أم بفعل المخلفات المتراكمة عند المصاعد المغلقة بألواح خشبية، وأجهزتها الطبية متهالكة، وعمرها الافتراضى انتهى من 10 سنوات تقريبا.
العمال يفترشون الأرض
للوهلة الأولى ترى نظرة الحسره فى عيون العمال المترددين على المستشفى لإجراء الكشف وهم يفترشون الأرض على جانبى طريق الأشجار الذى تم بترها بالمدخل الرئيسى للمستشفى، وحين تترجل داخل المستشفى بعد اجتيازك بوابة الاستقبال لتدخل يمينا لا تسمع إلا العويل من أقارب المصابين الذين تم نقلهم على أثر حادثة طريق، أو صوت زوجه تبكى وتصرخ على فراق طفلها لعدم وجود امكانيات لإسعافة، أو أخرى تنهار امام طبيب الاستقبال وهى تترجاه باسعاف زوجها، أو مشادة بين أحد المرضى والعاملين بالمستشفى لعدم وجود اشعه مقطعية أو رسم مخ أو قلب بالمستشفى، لينتهى المشهد فى كل السيناريوهات بتحويل المريض لاحدى مستشفيات جامعة الزقازيق وحتى يصل المريض للمستشفى عبر الطرق الوعرة والمسافة البعيدة بين العاشر والزقازيق، تكون العناية الالهية قالت كلمتها.
ربما خلال مرورك من هذه المنطقة المحظورة أسفل المستشفى يأتيك هاجس انها ستنهار فى اى لحظة، فالشروخ الممتدة فوق سقف الدور الارضى والتى تم ترميميها بكتل من الاسمنت بشكل عشوائى، وارتفاع مياة الصرف لاكثر من 10 سم من فوق سطح الارض، تزيد من هاجسك فتخرج مهرولا للدور الأول العلوى فى المستشفى لتجد كافة الاقسام خاوية ممرات طويلة تحمل الصمت ورنين صدى صوت عويل الاهالى فى الاستقبال لتجد نفسك فى فيلم رعب انت وحدك البطل فيه، مرورا بغرف الممرضين وسكن الأطباء، العاملين قبل المترددين على المستشفى يطلقون السبباب واللعنة على المستشفى.
ما حدث للمستشفى جريمة
وصف المهندس أحمد الخطيب أحد أعلام المدينة، أن ما حدث للمستشفى جريمة يجب أن يعاقب عليها من تسبب فيها، حيث أنه منذ اكثر من عشرين عاما قرر جهاز العاشر من رمضان بناء مستشفى عام للمدينة، ضمن خطة هيئة المجتمعات العمرانية فى المدن الجديدة، فالعاشر من رمضان أقدم مدينة وتم تجهيزها على أعلى مستوى، وتم المحاربة لنقل فرع التأمين الصحى تسهيلا على عمال العاشر إلى المدينة بدلا من السفر والذهاب إلى الزقازيق، وتم رصد 20 مليون جنية لتطويرها، وضعت فى حساب هيئة التأمين الصحى التى أصبحت المستشفى تابعه لها حيث أن البناية والمنشأة تتبع جهاز مدينة العاشر أما الاشراف الصحى عليها فيتبع هيئة التأمين الصحى التابعة لوزارة الصحة مشددا على أن أزمة المستشفى الحقيقية هى انها مقسومة بين جهتين الصحة والإسكان وكلا الطرفان يتملص من مسئوليته تجاه المستشفى، وكان الأمل فى اللجنة التى عاينت المستشفى وبعد اكتشاف انهيار بنيتها التحتية توقفت محاولات رفع الكفاءه وبحث إمكانيات بناء مستشفى عام جديدة لأن ما سيتم صرفه على هذا المستشفى سيكون اشبه بإلقاء الأموال على الأرض، لأن الأهمال أثر على بنيتها التحتية وتحتاج للهدم والبناء من البداية، وقيل أنه حتى يتم ذلك يتم طرح حلول مؤقته مثل القوافل الطبية وعمل وحدات غسيل كلوى من خلال التبرع.
بداية الحل وتدخل الرئيس
خلال مؤتمر الشباب الأول بمدينة شرم الشيخ بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسى، فجر الملف المهندس عمرو الشيخ أحد شباب برلمان العاشر أزمة ملف الصحة، وبالفعل أمر الرئيس بالتدخل لحل المشكلة، وعلى أثره تحركت كافة الأجهزة التنفيذية للتدخل لرفع كفاءة المستشفى العام الوحيد فى المدينة، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث أعلنت لجنة من القوات المسلحة بعد زيارات عديدة ودراسات وأبحاث من الهيئة الهندسية لمبنى المستشفى ورصد إحتياجاته والميزانية المخصصى بالتطوير، التى وصلت إلى 20 مليون جنيه، إنه كان فات الآوان فالبنية التحتيه للمستشفى لا تصلح لإعادة الهيكلة وتحتاج مبالغ طائلة، وأن الحل الأمثل هو هدم المستشفى وبناؤها من جديد، فبناء مستشفى جديدة سيكون تكلفة اقل من تكلفة الإصلاح.
أسباب توقف عملية التطوير
على بعد 5 دقائق من مدخل مدينة العاشر من رمضان وبالتحديد عند الصنية الثانية لطريق الأردنية، على يمينك تخبرك لافتة أكلها الصدأ والاهمال أن فى هذا المكان التابع لهيئة التأمين الصحى مستشفى العاشر من رمضان، من الخارج ستجد مساحة المستشفى تمتد حتى مرمى البصر فهى بالفعل صرح طبى مترامى الأطراف أقيم على أكثر من 10 أفدنة تقريبًا.
خطة للإخلاء الجزئى
و أكد الدكتور محى الدين حافظ مسؤل ملف الصحة ورئيس لجنة الصحة بمجلس أمناء المدينة وجمعية مستثمريها، أن المستشفى وأن كافة الأقسام بلا هيكله، وتعانى من نقص الإمكانيات، ولا يقوم التأمين الصحى بالصرف عليها، وأن أخر دعم قدم لها كان منذ سنوات طويلة، مشيراً إلى إنه تم عقد اجتماع تنسيقى بمقر جهاز مدينة العاشر من رمضان، وتفقد المستشفى بحضور الإستشارى وشركة المقاولات الجارى إسناد أعمال التطوير لها والمكلفة من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومهندسى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، ومهندسى جهاز المدينة ومندوبى وزارة الصحة للوقوف على الحالة الإنشائية للمستشفى ووضع خطة للإخلاء الجزئى لأدوار المستشفى لتمكين شركة المقاولات من إتمام أعمال التطوير أولا بأول وتكليف الاستشارى بسرعة الانتهاء من اللوحات التنفيذية.
الأهالى يتساءلون أين نحفظ جثثنا وأين نعالج أولادنا
أثار مجموعه كبيرة من أهالى العاشر من رمضان، عدة تساؤلات حول ما كان يحدث للمسشفى على فترات من تكهين مستمر للأجهزة التى كانت تعمل بكفاءه، وبيعها بالمزاد العلنى، مطالبين بفتح التحقيق فيها لما وصفوة بانه مخطط كامل لتدمير المستشفى لصالح بعض المستشفيات الاستثمارية الخاصة التى انتشرت فى المدينة ولا يجد الأهالى أمامهم بديلا عن المستشفى الوحيد العام إلا هذه المستشفيات باسعارها العالية، ولأن أغلب سكان المدينة من العمال يلجأون إلى المراكز الطبية الخيرية والتى تحتاج الكثير لكن على الاقل بها اطباء وبعض الاجهزة التى تسعف من يذهب اليها طالبا الخدمة الطبية.
بلا ثلاجة للموتى
ورغم تدنى مستوى المستشفى الطبقى إلا أنه كانت هناك خدمة تقدمها المستشفى، وهى ثلاجة الموتى التى كانت تحفظ جثث أهالى العاشر أو المصابين، لكن مع الحال التى وصلت إليه المستشفى، لم تعد ثلاجة حفظ الموتى تعمل، وبدأت الكارثة بوقوع حادثة مرورية فى إحد ميادين مدينة العاشر من رمضان حيث لقى شاب يدعى حسن عبدالله عبدالعاطي، 19 عاما، مصرعه بعد تصادم دراجته البخارية التى يقودها مع شاحنة لنقل المخلفات تابعة لشركة كير سيرفس للنظافة والتجميل، وتم نقل جثة الشاب إلى مستشفى التأمين الصحى وهى المستشفى العام الوحيد بالعاشر من رمضان، إلا أن الأهالى وأسرة الشاب المتوفى فوجئوا برفض إدارة مستشفى التأمين استقبال جثمان الشاب بحجة وجود عطل فى ثلاجة حفظ الموتى بالمستشفى، مما يستدعى نقل الجثمان إلى مستشفى آخر، حيث قرر الدكتور هشام مسعود وكيل وزارة الصحة بالشرقية، نقل جثمان الشاب إلى مستشفى مدينة القنايات المركزى، بمحافظة الشرقية، والتى تبعد ساعة ونصف عن مستشفى التأمين بالعاشر، و رفضت مستشف بلبيس العام أيضا استقبال جثمان الشاب لعدم وجود مكان شاغر بثلاجة حفظ الموتى الخاصة بها. مما أدى لنقل الجثمان إلى مستشفى القنايات المركزى.
حلول بديلة
أزمة مستشفى التأمين الصحى بالعاشر من رمضان لا أحد ينكرها، لكن أيضا لا احد استطاع أن يضع لها حلول رغم كل المقترحات التى تناقش دائما داخل اللجنة الصحية بجمعية مستثمرى العاشر من رمضان أو مجلس أمناء المدينة، فرئيس اللجنتين الصحية بالمكانان هو الدكتور محى حافظ، والذى دارت جميعها حول مقترح بنقل الاصول إلى جامعة الزقازيق، للاشراف على المستشفى لتصبح ضمن منظومة المستشفيات الجامعية، وهناك من اقترح بناء مستشفى عام جديدة حتى يتم حل أزمة مستشفى التأمين فهو الحل الأسهل، وهناك بعض الحلول الفردية التى تحل جزء من الأزمة، فالمدينة بعدد سكانها الذى يتجاوز المليون لا يوجد فيها مستشفى عام سوى مستشفى التأمين، ويتم رصد أموال كثيرة لعمل قوافل طبية وتطوير لبعض المراكز الطبية حتى يجد مواطن العاشر مكان يعالج فيه بجوار استمرار مستشفى خميس الخيرى فى تقديم الخدمة الطبية لكن يبقى كثيرون من الأهالى لا يجدون حلا لعلاج أبنائهم سوى السفر بهم للقاهرة أو الإسماعيلية أو الزقازيق، وبعد توقف مشروع إعادة ترميم وهيكلة المستشفى العام الوحيد فى العاشر، اتجهت الأنظار إلى الكيانات القوية فى مدينة العاشر ومنها جمعية المستثمرين ومجلس الأمناء وحزب مستقبل وطن.
بدأها المهندس أحمد الخطيب رئيس مجل أمناء الأباء، حين تبرع بتجهيز بنك للدم وثلاجة حفظ موتى على حسابه الخاص لخدمة أهالى مدينة العاشر من رمضان، ومن بعده المهندس مدحت شهاب أمين حزب مستقبل وطن بمدينة العاشر بالتبرع بمصاريف التجهيزات اللازمة لإنشاء وحدة للغسيل الكلوى بالعاشر من رمضان ووضع التجهيزات اللازمة.
وعن المبنى الكامل المهجور والمغلق دائما على شمال البوابة الرئيسية للمستشفى، الذى كان مخصصا للحروق وتم إغلاقه لأن حالات الحروق تكاد تكون قليلة جدا، طرحت اللجنة الصحية بجمعية مستثمرين العاشر وجهاز المدينة أنه سيتم افتتاح مستشفى حروق فى المجاورة 70، وتطوير احد المراكز الطبية كطب الأسرة لتكون مستشفى طوارئ.