الأمر دخل كل دوائر الجد والخطر ويجب شحذ الهمم لمواجهة شاملة مع غول الإرهاب فوجئت، كما فوجئ معظم الشعب المصرى بالرئيس عبدالفتاح السيسى، يطلق صفارة الإنذار وتنبيه المصريين شعبا ومؤسسات، مرتين، عن المخاطر التى تواجه مصر خلال الأيام المقبلة، الأولى كانت فى حفل إفطار الأسرة المصرية الذى أقيم يوم الأربعاء الماضى 29 يونيو، عندما طالب المصريين والقوات المسلحة ووزارة الداخلية، وكل الأجهزة الأمنية، توخى أقصى درجات الحذر مما يحاك ضد مصر، وقال نصا: «مش عايزين ننكد على المصريين خاصة الأيام الجاية».
ولم تمر ساعات حتى عاد الرئيس لإطلاق صفارة الإنذار الثانية، يوم الأحد الماضى 3 يوليو، من المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، أثناء الاحتفال بالذكرى الثالثة لثورة 30 يونيو المجيدة، ليطلق صفارة الإنذار للمصريين للمحافظة على وطنهم، كما طالبهم بضرورة التحمل والصبر، وبذل الجهد فى العمل ووصل الليل بالنهار، وقال: «إن تطلب الأمر منا جميعا أن نجوع من أجل تقدم هذا الوطن، وأحقيته فى تبوؤ المكانة اللائقة به»، وطالب فى رسالة قال إنه ينقلها من «مصر» إلى «المصريين» أن يحافظوا عليها، ويعلوا من شأنها.
هذه الرسائل المغلفة بالسرية، تؤكد أن هناك معلومات عن مخططات تحاك ضد هذا الوطن، وتكتسب أهمية هذه المعلومات، أن الرئيس يتفاعل معها ويدرك قيمتها، كونه رجلا استخباراتيا لا تبهره معلومة هناك، أو تنطلى عليه معلومة هنا، وإنما لديه القدرة على الفرز، وتقديرات الموقف، تمكنه من الوقوف على مدى مساحة المخاطر التى يمكن أن تشكلها مثل هذه المعلومات على أمن وأمان واستقرار البلاد.
الحقيقة، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومنذ ظهوره على سطح الأحداث، بدءا من توليه منصب وزير الدفاع، ومرورا بانتخابه رئيسا للجمهورية، وحتى كتابة هذه السطور، كل ما حذر منه فى الداخل والخارج، وكل ما وعد به، تحقق على الأرض، وهو ما أكسبه مصداقية كبيرة للغاية داخليا وخارجيا.
تأسيسًا على هذه المصداقية الكبيرة، تكتسب أهمية تحذيرات الرئيس لتصل إلى القصوى، خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار أن شخصية رجل المخابرات، تغلفها السرية والصمت، ولا يبوح بأى شىء إلا للضرورة القصوى، ومن ثم فإن تحذيراته من الأهمية بمكان، أن يتفاعل معها كل المؤسسات المعنية لرفع درجات الاستعداد والحذر للقصوى، ونفس الأمر أيضا للمواطنين.
ومن بين ما حذر منه، استفحال خطر الإرهاب، وطالب بضرورة الإسراع فى خطى توحد دول العالم بشكل عام، والدول العربية بشكل خاص، لمواجهة هذا الغول المتمثل فى الجماعات الإرهابية بكل مسمياتها، وعدم استثناء أى جماعة، تحت شعارات ومبررات براقة، ومن بين ما طالب به الرئيس، تأسيس قوة عربية مشتركة لمواجهة هذه المخاطر. ومع بدء تفعيل هذه الخطوة، سرعان ما وجدنا ظهور كيانات أكبر وأعم نظريا، وتحالفات صغيرة، لا تسمن ولا تغنى من جوع، ما أدى إلى موت الفكرة الأساسية، بإنشاء قوة عربية مشتركة قادرة على مواجهة الإرهاب ودحره.
النتيجة أن الإرهاب طال كل الدول المتهمة بتمويل والتعاطف مع جماعات بعينها، وأصبح يضرب بكل قوة استقرارها، ووجدنا الإرهاب يتسلل إلى أطهر بقاع الأرض وعلى بعد أمتار من قبر سيد الخلق والمرسلين، فى المدينة المنورة، ومن قبلها تركيا، والعراق، ولبنان، وسوريا، وليبيا، وغيرها من الدول العربية والإسلامية، كما طال قلب أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية.
وبعد الحادث الموجع والمفجع الذى هز بلاد الحرمين الشريفين بعنف، الأمر دخل كل دوائر الجد والخطر، ويجب شحذ الهمم لمواجهة هذا الغول مواجهة شاملة، بداية من تجفيف منابع التمويل، والدعم السياسى والمعنوى، ومرورا بتفعيل تأسيس القوة العربية المشتركة لتكون حصنا للعرب، بعيدا عن التحالفات الكبيرة الوهمية.