الجمعة، 22 نوفمبر 2024 09:42 م
يوسف أيوب

يوسف أيوب

كيف نستغل الدراما والسينما لخدمة مصر خارجياً؟

7/7/2016 11:13:25 AM
كيف نستغل الدراما والسينما لخدمة مصر خارجياً؟.. حينما يتحدث سامح شكرى وزير الخارجية عن أهمية الدراما المصرية فالأمر يحتاج لوقفة، فالرجل دبلوماسى لا علاقة له بالأمور السينمائية والدرامية، وحديثه ينم عن أهمية يقدرها الرجل، كونها تخدم مصالحنا الداخلية والخارجية أيضاً.

قد يرى البعض أن حديث وزير الخارجية الذى أبدى خلاله إعجابه بمستوى الدراما المصرية هذا العام، وقال إن مستواها خلال شهر رمضان مرتفع، وأنها تأكيد على أن مصر بها شىء له خصوصية وقدرة إبداعية ضخمة، من ناحية فن التمثيل والسيناريو والإنتاج بما يبعث على الثقة والفخر بهذا المستوى، هو حديث عادى لا يتطلب الاهتمام به، لكن على العكس تماماً فوزير الخارجية يقدر قيمة القوة الناعمة فى الترويج للدولة المصرية فى الخارج، ويرى أن الدراما والسينما من وسائل القوة الناعمة التى ساعدت مصر فى الماضى، لكى تصل إلى كل المجتمعات، ويكون لها وجود فى كل الدول العربية والأفريقية والأوروبية أيضاً.

الوزير حينما تحدث عن ضرورة الاهتمام بالأعمال السينمائية والدرامية كونهما يحققان عائدا اقتصاديا ضخما، فإنه لمس قضية مهمة جداً حاولت الدولة الاهتمام بها، لكنها لم تصل إلى نتيجة حتى الآن، فقبل عامين تقريباً أعدت رئاسة الجمهورية مشروعا قوميا للنهوض بصناعة السينما فى مصر، ووجهت الدعوة لعدد من العاملين فى المجال السينمائى لحضور اجتماع بالرئاسة تحت رعاية السفيرة فايزة أبو النجا مستشارة الأمن القومى، والدكتور جابر عصفور وزير الثقافة وقتها، لوضع آليات هذا المشروع ومحاور تنفيذه، وبالفعل عقد الاجتماع، لكن للأسف تفرقت الآراء ما بين المجتمعين كعادة المصريين، وانتهينا إلى لا شىء.
الاهتمام الرئاسى أكد فى حينها أن هناك تغيرا لمفاهيم الأمن القومى لدينا، فالأمر لم يعد مقصورًا على السلاح والتهديدات الأمنية فقط، وإنما هناك أمور أخرى لا تقل خطورة عن تلك التهديدات، ومنها بالطبع السينما والدراما، لذلك حاولت الرئاسة البحث عن آلية لتدعيم صناعة السينما من قبل الدولة وليس احتكارها أو تملكها، وكذلك وضع آليات للنهوض بها وعودتها لسابق عهدها لتغيير الصورة الذهنية والألفاظ الموجودة خلال السنوات الماضية التى سيطرت على صناعة السينما فى مصر، وأدت إلى تراجع مستواها، كما حاولت «الارتقاء بالوجدان ومحاربة الفكر المتطرف دينياً»، لكن للأسف لم يفهم صناع السينما وقتها الهدف السامى الذى سعت إليه الرئاسة، فلم يتجاوبوا مع التحرك الرئاسى، بل إن بعضهم حاول أن يتعامل مع المقترح الرئاسى بطريقة تحقيق الاستفادة الشخصية، والظهور على حساب الآخرين، فوصلنا إلى النتيجة التى نحن عليها الأن وهى أن الأمور شبه متوقفة.

قد يكون من المفيد أن نأخذ ما قاله وزير الخارجية كبداية لعودة النقاش الموسع مرة أخرى حول المبادرة الرئاسية، خاصة أن السينما والدراما من عناصر القوة الناعمة لمصر، وعنصر مهم جداً لدعم الاقتصاد المصرى، بل لا أبالغ إذا قلت إن صناعة السينما والدراما هى أمن قومى، كما أن لها أكثر من هدف، فعودة السينما المصرية لقوتها هى عودة للقوة الناعمة المصرية، وهذا ليس بالأمر الصعب، خاصة أن لدينا الإمكانيات والمكونات البشرية والثقافية والتاريخية التى تجعلنا قادرين على العودة مرة أخرى.

لكن كل هذا شريطة أن يؤمن صناع السينما والدراما المصرية أنهم أمام مشروع مرتبط بالأمن القومى المصرى، وعليهم أن ينظروا قليلاً لما حققته الدراما التركية سواء للاقتصاد التركى أو لصورة تركيا بوجه عام فى المنطقة العربية، لدرجة أن السياحة التركية زادت بنسب كبيرة بسبب الدراما التركية التى انتشرت بشكل كبير جدا فى الدول العربية، مما جعلها تطغى على الدراما العربية نفسها.

اهتمام الرئاسة أو الدولة بمفردها لن يحقق المطلوب، مادام صناع السينما والدراما المصرية يركزون على تحقيق المكاسب الشخصية والمادية، دون الاهتمام بمصالح الدولة العليا، لذلك فمطلوب من المنتجين أن يتعاملوا مع الأمر بقدر من الجدية، وأن يكونوا جزءًا من خطة الدولة للنهوض سياسياً واقتصادياً وثقافيا.

print