حتى الآن لم يتكلم الأمين العالم لجامعة الدول العربية الجديد «أحمد أبوالغيط» لوسائل الإعلام المصرية، ولم نتعرف على ملامح إدارته الجديدة للجامعة، لكن بعضا من هذه الملامح نستطيع أن نستشفها من خلال الحوار «الذكى» الذى أجراه السفير «حسام زكى» لإحدى الجرائد المصرية، الذى أكد فيه بعد تسلمه لمهام منصبه الجديد كرئيس لمكتب الأمين العام الجديد على العديد من المرتكزات السياسية المهمة والخاصة بإعادة الجامعة إلى المشهد العالمى وتطوير دورها على المستوى الإقليمى، وهى أمور سوف تتضح خلال الفترة القادمة خاصة مع دخول الأمانة العامة الجديدة لأول اختبار حقيقى فى القمة العربية المقرر عقدها فى نواكشوط.
أمام الجامعة العربية العديد من الملفات الشائكة، فلم تعد الأمور الآن مثلما كانت من قبل، وأنه من الجيد أن يتولى أبو الغيط هذا الملف الحساس الآن نظرا لما يتمتع به من خبرة دولية كبيرة وقرب زمنى وجغرافى من مصادر صناعة القرار فى العالم العربى، وفى الحقيقة فإن تولى أبوالغيط الآن لأمور جامعة الدول العربية يعد من الأمور الإيجابية القليلة فى محيطنا العربى، وفى الحقيقة أيضا فإن وزير الخارجية الأسبق قد تعرض منذ يناير 2011 إلى ظلم كبير اشتركنا فيه جميعا، مندفعين بسوء التقدير وارتباك الرؤية، فوقتها لم نكن نفرق بين رؤية «نظام» ورؤية «مؤسسة» كما كنا لا نربط بين ما يحدث فى الداخل وما يحاك فى الخارج، وفى هذا التوقيت كان أبوالغيط على علم تام بغالبية خيوط اللعبة السياسية داخليا وخارجيا، خاصة فيما يتعلق بالدور الإيرانى فى المنطقة ومدى توغل هذا الدور فى صناعة القرار فى الكثير من الدول العربية وآثار ذلك على مصر.
كل هذا يبرهن على أن الدول العربية الآن فى حاجة ماسة إلى تفعيل دور جامعته، خاصة بعد أن أصبح الاتحاد العربى فرض عين على كل دولة، لكن ما يهمنا هنا هو أن يكون ذلك الاتحاد أمر حقيقى قائم على «المصلحة» وليس الشعارات، وقد قصدت أن آتى بكلمة «المصلحة» دون غيرها لأنى كما قلت أريد أن يكون الاتحاد «حقيقيا» وليس زائفا، ولا أريد أن يظن أحد أن كلمة «المصلحة» عيبا أو حراما فى قاموس العلاقات السياسية، فقد ظللنا طوال عمرنا ننشد الأغانى الحماسية عن وحدة الدين واللغة والمصير باعتبارها قيما ثابتة لا تتغير، متحاشين استخدام كلمة «المصلحة» حتى لا يظهر الجزء النفعى فى الأمر، فى حين أن المنفعة هى الرابط الثابت وما دونها هو الذى يزول، مادامت خارطة واحدة هى التى تجمعنا، ولا فكاك من هذه الخارطة.