أسباب ضعف المسلمين فى الأندلس ونهايتهم هناك العديد من الأسباب التى رصدها الدكتور على الصلابى يحلل فيها عوامل ضعف المسلمين فى الأندلس ونهايتهم فى هذه الجزيرة التى شهدت كيف نجح أصحاب الضاد فى إقامة حضارة عالمية كانت مفخرة للدنيا كلها، حيث يقول د. على الصلا هناك العديد من الأسباب وهى أولاً: ضعف العقيدة الإسلامية، والانحراف عن المنهج الربَّانى، وهذا السب هو الأساس.
ثانيًا: موالاة النصارى، والثقة بهم، والتحالف معهم، حيث نجد أن تاريخ الأندلس ملىء بالتحالف مع النصارى إلى أن بلغ ذروة رهيبة واضطربا بسبب ذلك مفهوم الولاء والبراء، والحُبِّ فى الله والبغض فى الله، بل هذه المعانى كادت تندثر، إن الأمة حين تخالف أمرَ ربِّها، وتنحرف عن طريقِه، فلا بد أن يحلَّ بها سخطُه، وتستوفى أسباب نقمتِه.
قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ» «المائدة: 57». وقوله عزَّ وجلَّ: «لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فى شَىْءٍ» «آل عمران: 28» وقوله تعالى: «لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ» «المجادلة: 22»، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم طريق الأمة فى الولاء والبراء، فقال: «أَوثَقُ عُرَا الإيمان الموالاة فى الله، والمعاداة فى الله، والحبُّ فى الله، والبغض فى الله»، ويقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزَّ وجلَّ: «مَن عادى لى وليًّا فقد آذانته بالحرب»، فإذا كان هذا كله مُسطَّرًا فى كتاب ربِّها وسنة نبيها وتخالفه، فلا بد أن تُرى فيها سنة الله التى لا تتغير ولا تتبدل.
السبب الثالث كما يراها د. على الصلابى فهو الانغماس فى الشهوات والركون إلى الدعة والترف وعدم إعداد الأمة للجهاد، إن الأمة التى تركن إلى الدعة والترف واللهو، وهى غالبة قاهرة يجب أن تُعدّ غير مستحقة للريادة والقيادة، فما بالك بأمة تغرق فى اللهو والدعة والترف، وهى لا تدرى إن كان العدو قد كسر حصنها واجتاحها، أم أنه لا يزال ينتظر تلك اللحظات؟! يقول المؤرخ النصرانى كوندى: «العرب هُزموا عندما نسوا فضائلهم التى جاءوا بها، وأصبحوا على قلب متقلب يميل إلى الخفة والمرح، والاسترسال بالشهوات» .
إن المؤرخين رأوا: «أن الأَنْدَلُسيين ألقوا بأنفسهم فى أحضان النعيم، ناموا فى ظل ظليل من الغنى الواسع والحياة العابثة والمجون، وما يرضى الأهواء من ألوان الترف الفاجر، فذهبت أخلاقهم كما ماتت فيهم حمية آبائهم البواسل، وغدا التهتك والخلاعة والإغراق فى المجون، واهتمام النساء بمظاهر التبرج والزينة بالذهب واللآلى مِن أبرز المميزات أيام الاضمحلال التى استناموا للشهوات والسهرات الماجنة، والجوارى الشاديات، وإن شعبًا يهوى إلى هذا الدرك من الانحلال والميوعة لا يستطيع أن يصمُد رجاله لحرب أو جهاد».
دخل المُسْلِمُون الأندلس وأصبحوا ساداتها عندما كان نشيد طارق فى العبور «الله أكبر»، وبقوا فيها زمنًا حين كان يحكمها أمثال عبدالرحمن الداخل عندما قُدم إليه الخمر ليشرب فقال: «إنِّى محتاج لما يزيد فى عقلى لا ما ينقصه»، وينقل د. الصلابى عن الدكتور عبدالرحمن الحجى قوله عن الفاتحين الأوائل للأندلس: «كانت غيرة هؤلاء المجاهدين شديدة على إسلامهم، فَدَوْه بالنفس وهى عندهم له رخيصة، فهو أغلى من حياتهم، أشربت نفوسهم حُبَّه، غدا تصورهم وفكرهم ونورهم وربيع حياتهم»، وضاعت ممالك الأندلس من يدى المُسْلِمِين عندما كان نشيد أحفاد الفاتحين.
«ووزن العود وهات القدحا *** راقت الخمرة والورد صحا.
وعندما قصد الإفرنج بلنسية لغزوها عام 456هـ، خرج أهلها للقائهم بثياب الزينة، فكانت وقعة بطرنة التى قال فيها الشاعر أبو إسحاق بن معلى:
لبسوا الحديد إلى الوغى ولبستـم *** حُلَلَ الحرير عليـكم ألـوانًا
ما كان أقبحهـم وأحسنكـم بها *** لو لم يكن ببطرنة ما كانـا
وللحديث بقية..