التهجير والطرد الجماعى للأندلسيين من غرناطة كان واجبا مقدسا تقوم به الكنيسة الإسبانية، فقد أجبرت محاكم التفتيش الآلاف من المسلمين واليهود والعرب بخيارين كلاهما مر، إما التنصير والتعميد أو الطرد من غرناطة، وإذا لم ينفذ أى الخيارين فالقتل هو الخيار المتبقى لمسلمى الأندلس فى آخر مملكة لهم وهى غرناطة، وللأسف بعد خروجهم أو هروبهم أو طردهم من غرناطة كانت تنتظرهم عصابات الرعاع الإسبانية والجنود الإسبان، فهاجموهم وقتلوا معظمهم، وعندما سمع الآخرون فى غرناطة بذلك آثروا البقاء بعد أن أدركوا أن خروجهم من إسبانيا يعنى قتلهم، وبالتالى سيبقون فى قوافل للتعميد، ومن كان يكتشفه الإسبان أنه قد تهرب من التعميد كانت تتم مصادرة أمواله وإعدامه علنًا.
وقد فرَّ عدد كبير من المسلمين الذين رفضوا التعميد إلى الجبال المحيطة فى غرناطة محتمين فى مغاورها وشعابها الوعرة، وأقاموا فيها لفترات وأنشأوا قرى عربية مسلمة، لكن الملك الإسبانى بنفسه كان يشرف على الحملات العسكرية الكبيرة التى كان يوجهها إلى الجبال، حيث كانت تلك القرى تُهدم ويُساق أهلها إلى الحرق أو التمثيل بهم وهم أحياء فى الساحات العامة فى غرناطة «5».
وعلى المنوال نفسه، سارت حملات كاثوليكية فى بقية المدن الإسبانية، وقد عُرف المسلمون المتنصرون باسم المسيحيون الجدد تمييزًا لهم عن المسيحيين القُدامى، وعرفوا أيضاً باسم الموريسكوس، أى المسلمين الصغار، وعوملوا باحتقار من قبل المسيحيين القدامى، وتوالت قرارات وقوانين جديدة بحق الموريسكيين، فعلى سبيل المثال صدر فى العام 1507م أمر بمنع استعمال اللغة العربية ومصادرة أسلحة الأندلسيين، ويعاقب المخالف للمرة الأولى بالحبس والمصادرة، وفى المرة الثانية بالإعدام، وفى العام 1508م جددت لائحة ملكية بمنع اللباس الإسلامى، وغدا إن شاء الله نواصل كشف المستور فى أكبر عملية قتل وتهجير جماعى لملايين الأندلسيين.