ربما يكون مفهومًا أن يتداول بعض العامة مفاهيم مغلوطة، سربها بعض المتأسلمين لتضليل الشباب عن نواياهم الحقيقية، كأن يدعى البعض مثلًا أن هناك فرقًا كبيرًا بين السلفيين وبعضهم البعض، مدعين أن حركة «السلفية العلمية» حركة مسالمة وأن حركة «السلفية الجهادية» هى التى تمسك بالسلاح وتحارب القوات الوطنية النظامية فى البلدان الإسلامية، لكن الشىء غير المفهوم هو أن يردد مثقف مثل يوسف زيدان لهذه المغالطات ناسيًا أو متناسيًا أن مصطلح «سلفية علمية» مصطلح متناقض، إذ لا يجتمع العلم من التسلف أبدًا، ومن يزعم بأن هناك «سلفية علمية» بالنسبة لى كمن يدعى أن هناك «ثلج ساخن» أو «نار مثلجة» فالعلم والسلفية لا يجتمعان أبدًا، لأن من شروط العلم الأولى أن يُخضع العالم جميع المسلمات للبحث والمراجعة وألا يقدس نظرية أو رأيًا أو شخصًا، وأن يعتمد على الحقائق التى يستطيع العقل إثباتها فحسب، فكيف يدعى يوسف زيدان هذا الادعاء ولصالح من ترديد هذه المغالطات؟
ما سبق ليس إلا محاولة نظرية لتحليل «نظرية» لتهافت أصحاب ادعاء أن هناك شيئًا يسمى بالسلفية العلمية، أما الحقيقة العملية فقد أثبتتها الأحداث مرارًا وتكرارًا، وليس أدل على هذا من المقولة التى شاعت أثناء عزل مرسى وإنشاء تجمع رابعة الإرهابى والتى كانت تقول «شيوخ السلفية فى الاتحادية وشبابها فى رابعة» وهو ذات الأمر الذى أكده ياسر برهامى نفسه فى التسجيل المسرب الذى شاع منذ أيام، الذى أكد فيه أن اعتصام رابعة كان مدججًا بالسلاح لكنه قال ما هو أخطر من هذا التأكيد، وهو أن ما يقرب من 90% من المقتولين فى رابعة كانوا من السلفيين، وهو ما ينفى تمامًا الادعاء بأن ما يسمى زورًا بـ«السلفية العلمية» حركة مسالمة.
أعوذ بالله إن حسبت أننى أريدك أن تعتقد أن كل سلفى إرهابى، فهذا ما لا يخطر فى بالى وما لا أقصده بالتأكيد، لكنى فى ذات الوقت أؤكد أن السلفية بجميع تنوعاتها ليست سوى الباب الملكى للإرهاب، فأى إلغاء للعقل وتقديس للنقل كفيل بأن يحول أكبر الصالحين إلى أبشع الإرهابيين، ومن الواجب على الجميع محاربة هذه الآفة التى أصابت مصر فجرفتها من كل خير وزرعت فيها العداوة والطائفية والتخلف والتواكل، لا أن نتقبلها ونمنحها شرعية وجود مثلما يريد «يرسف زيدان».