السبت، 23 نوفمبر 2024 02:26 ص
سعيد الشحات

سعيد الشحات

عبدالعظيم مناف «الثابت على المبدأ»

8/21/2016 11:45:10 AM
الحكايات ليس لها آخر عن الأستاذ عبدالعظيم مناف بتجربته المهنية فى بلاط صاحبة الجلالة، والإنسانية بما تحمله من كل أنواع الواجب نحو الآخرين، والسياسية مجسدة فى «الثبات على المبدأ» مهما كلفه ذلك من تضحيات.

فى زيارتى له وهو على فراش المرض، وبالرغم من وهن الجسد، لكن حديث الذكريات كان يعطيه زادا وسلاما، خاصة حين يأتى ذكر تجربتيه الصحفيتين الرائدتين، مجلة «الموقف العربى» وجريدة «صوت العرب»، وكان لى شرف العمل بهما.

بدأت «الموقف العربى» فى نهاية سبعينيات القرن الماضى وكانت منبرا فكريا وسياسيا وثقافيا عربيا بامتياز، وحملت لواء المعارضة لارتماء السادات فى أحضان أمريكا وإسرائيل والمضادة للعروبة، وكل الذين عاصروا هذه المرحلة يدركون جيدا مدى أهمية الدور الذى لعبته فى وقت بدأت فيه الأعاصير على المنطقة وتواصلت فى زمن مبارك، وكانت «المجلة» أول من حذر من «تعريب كامب ديفيد» وهو ما حدث فعليا، وبالرغم من أن إغلاقها جاء متزامنا مع قرار مبارك بإغلاق «صوت العرب» التى انتقدت بقوة السياسة السعودية فى سياق علاقتها بمصر، إلا أن مجريات الأحداث الإقليمية فيما بعد أكدت أن قرار الإغلاق والإسكات عام 1989 ارتبط ارتباطا وثيقا بسياسة تعريب «الكامب»، وتزامن هذا مع قوة حركة مقاومة التطبيع، التى بلغت ذروتها بعمليات تنظيم ثورة مصر المسلح بقيادة محمود نور الدين وخالد جمال عبدالناصر ضد عناصر من السفارة الإسرائيلية فى القاهرة.

كانت المجلة والجريدة بابا إعلاميا وسياسيا مفتوحا على آخره لهذا التوجه الوطنى والقومى، وعلى سبيل المثال نشرت «صوت العرب» حوارا لخالد جمال عبدالناصر من منفاه الاختيارى فى يوغسلافيا أجراه حمدين صباحى.

كانت سياسة «تعريب الكامب» تسير بخطوات لم يتوقع أحد وقتها أن تمضى فى طريقها إلى النحو الذى نراه الآن، وكان «مناف» لا يلين فى محاسبة كل الذين يفرطون فى شعار جمال عبدالناصر: «الصراع مع إسرائيل صراع وجود وليس صراع حدود»، وظل على موقفه هذا حتى آخر نفس فى حياته.

أغلق مبارك، صوت العرب والموقف العربى، فى ظل ترتيبات «تعريب الكامب» لكن «الإغلاق» أعطى لـ«مناف» الفضل التاريخى فى إبطال أكثر شعارات نظام مبارك مدعاة للسخرية وهو: «لم تغلق فى عهده صحيفة ولم يقصف قلم»، كما أكد للجميع ولنا نحن الذين تتلمذنا عنده وعلى يديه، أننا أمام إنسان صلب، لا يبيع ولا يفرط.

print