هناك فرق واضح بين تجربة هوجو شافيز فى فنزويلا، ولولا دى سيلفا فى البرازيل، ففى حين اكتفى شافيز بالرهان على البرامج الاجتماعية، وتصادم مع رأس المال، اعتمدت السياسات الاقتصادية للرئيس «لولا دا سيلفا» (2003-2010) على سياسات لمواجهة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال مزج الاشتراكية مع سياسات ليبرالية، تدعم الرأسماليين لحماية صناعتهم واستثماراتهم، مع نظام ضرائب عادل وشفافية، وهى سياسات جعلت الطبقة الرأسمالية أكثر تأييدا لحكم لولا، ونقلت البرازيل من الإفلاس إلى التقدم الاقتصادى خلال ثمانى سنوات فقط. ونقلت ملايين البرازيليين الفقراء إلى الطبقة الوسطى، ومع نهاية عام 2011 وصلت البرازيل لتصبح سادس أكبر اقتصاد فى العالم.
تجربة البرازيل تحولت من تجربة ملهمة فى الانتقال الديمقراطى والاقتصادى إلى دولة تواجه خطر الانحدار والفشل.. الرئيسة ديلما روسيف سارت خلال فترة رئاسية على خطى الرئيس لولا، فهى تنتمى لحزبه لكنها واجهت سوء حظ، وأيضا كانت مسؤولة بدرجة ما عن طريقتها فى الحكم والاقتصاد.
ديلما روسيف انتخبت وتولت الرئاسة من يناير 2011 كأول امرأة برازيلية، وهى عضو فى حزب العمال الذى أسسه الرئيس دى سيلفا الذى عينها وزيرة الطاقة، وفى 2005 كلفها بتشكيل الحكومة. وبالرغم من أن حكومة ديلما واجهت احتجاجات واسعة فى 2013، فقد وعدت بإصلاحات اقتصادية وأعيد انتخابها عام 2014 قبل أن تتدهور الأمور ويتم إبعادها من البرلمان فى أغسطس الماضى.
كان تراجع أداء الاقتصاد الصينى سببا فى تأزم الاقتصاد البرازيلى، لأن الصين كانت أهم شريك اقتصادى، وخلال الفترة الثانية لديلما ارتفع عجز الميزانية الاتحادية والبطالة والتضخم، وانخفضت نسب النمو والصادرات، مع انتشار حديث عن موجة فساد ومحاكمات وإدانات واسعة لكبار رجال المال والسياسة، تراجعت الاستثمارات، ووجد خصوم الرئيسة وحزبها فرصة للضغط عليها.
ديلما تؤكد أن التهم الموجهة إليها، وهى الاقتراض من مصارف عامة لتغطية عجز الميزانية الاتحادية، أمر معروف، وتتهم خصومهما السياسيين بالفساد وغسل الأموال.
لكن الواضح أن هناك اختلافا بين تجربتى فنزويلا، والبرازيل، فنزويلا تواجه شبح الإفلاس والعجز، والبرازيل تعيش صراعا سياسيا، يهدد الاقتصاد، ومازال البرازيليون يرون أن تجربة لولا دى سيلفا لليسار المعتدل وآلام الإصلاحات الاقتصادية التى اتبعها، كانت الأفضل، لكن الخطر الآن من اختلال معادلة السياسة والاقتصاد.