السبت، 23 نوفمبر 2024 09:09 ص
سعيد الشحات

سعيد الشحات

النديم: مهلا أيها المشعوذ

9/20/2016 12:32:53 PM
أواصل الكتابة عن «عبد الله النديم» خطيب الثورة العرابية ومجلته «التنكيت والتبكيت».

تصدى «النديم» للعادات الاجتماعية السيئة الضاربة فى أعماق المجتمع المصرى سبب تأخره، كما يلتقط بعض السلوكيات المكتسبة السيئة، ففى مقاله «عربى تفرنج» يحكى عن شاب من أبناء الفلاحين سماه «زعيط» أرسلته الحكومة إلى أوروبا لتلقى العلم، وبعد أن أتم دراسته عاد إلى بلاده متبرما بعادات قومه وأخلاقياتهم، فنهر والده عندما أخذه بالحضن وقبله شأن الوالد المحب لولده، ولم يكتف بذلك، بل أخذ يذم أهله بنعوت مقذعة، حيث قال لوالده: «أنتم يا أبناء العرب زى البهايم»، يضاف إلى ذلك أنه نسى لغته العربية.

يذكر المؤرخ الدكتور عبدالمنعم إبراهيم الجميعى فى كتابه عبدالله النديم - الأعداد الكاملة لمجلة التنكيت والتبكيت، الصادر عن مكتبة جزيرة الورد، وصف النديم لهذا الشاب بأنه «لم يتهذب صغيرا، ولم يعرف حقوق وطنه، ولاحق لغته، ولا قدر شرف أمته، ونعته باللئيم الجاهل بحق الوطن».

كانت مصر وقتئذ مليئة بالعادات الاجتماعية الفاسدة والخرافات التى يعتبرها معظم الناس هديا لتصرفاتهم واختياراتهم، وبالرغم من أن الكلام يدور عن عام 1881، إلا أن العديد منها مازال موجودا، ومن هذه الموضوعات التى تناولها النديم «الشعوذة والمشعوذين» و«الندب والصراخ خف الميت» و«الجلوس على المقابر» و«الزار».

وعن الشعوذة والمشعوذين دعا النديم الناس كما يقول الجميعى، إلى الحذر من ضاربى الرمل الذين أفسدوا العقول فصارت «لعبة فى أيدى المحتالين»، وطالبهم بالانطلاق فى أثر الشعوب المتقدمة، كما هاجم هؤلاء المشعوذين وحذرهم من أنهم سيكشف أمرهم بقوله: «مهلا أيها المشعوذ فقد جاءك التنكيت والتبكيت يظهر مخبئاتك وما أنت عليه من الإضلال والإفك، فما أضرنا إلا شعوذتك فلو تعلمت صنعه غير هذه لكانت أشرف لك»، وعن الالتجاء إلى مدعى الطب من المشعوذين كتب محذرا فى مقال «أماتك من أسلمك للجهالة»، وأوضح فيه أن شابا من زفتى أصيب بالجنون بسبب إدمانه للحشيش فاستحضر له والده دجالا من مدعى الطب، ولم يستمع إلى نصيحة استدعاء طبيب من البندر بقوله: «خليها بالبركة شى الله يا سيد، الحيكم رايح يعمل إيه»، وقام الدجال بدق ثوم ووضعه فى أذن المريض ووضع محرقة على ظهره وعامود صغير من الحديد فى النار حتى احمر وكلما تأوه المريض ضربه على رأسه، ووصف النديم ذلك بالجهل والغرابة الخارجة عن التصور الإنسانى السليم.


print