هناك جانب غير مرئى فى حالة الاستقطاب الحاد بين روسيا وأمريكا حاليا حول الأزمة السورية، وفى القلب منها ما يحدث حاليا فى مدينة حلب، فليس جديدا أن موسكو تقف إلى جانب الرئيس السورى بشار الأسد منذ بدء الأزمة، وليس جديدا التخلص من بشار ونظامه، وهو الهدف الرئيسى لأمريكا وحلفائها فى المنطقة، وليس جديدا أن روسيا تمد الجيش العربى السورى بالسلاح، وفى المقابل ليس جديدا أن أمريكا وحلفاءها يمدون التنظيمات الإرهابية بالسلاح والمال والرجال حتى يستمرون فى حربهم السوداء، التى لا تقتصر أضرارها على سوريا، وإنما تمتد إلى باقى دول المنطقة، وليس جديدا أن كل الذين أدخلوا سوريا إلى هذا النفق المظلم قدموا أعظم خدمة لإسرائيل، لا تقل فى أهميتها عن «خدمة كامب ديفيد»، و«خدمة تدمير العراق» وكلها خدمات صنعتها وبكل أسف أنظمة عربية.
طوال السنوات الخمس الماضية، وبالتحديد منذ أن بدأ الإرهابيون حربهم وبدعم تركى خليجى أمريكى، ونحن نرى تباعدا استراتيجيا فى الموقفين الروسى والأمريكى، ونرى تقاربا تكتيكيا فى بعض المواقف، مما يعزز السؤال: لماذا هذا الغضب الساطع الآن؟ لماذا كل هذه التصريحات النارية من روسيا ضد أمريكا، التى وصلت إلى حد اتهام موسكو الصريح لواشنطن بأنها تمثل خطرا على الأمن القومى الروسى، ولماذا أقدمت موسكو إلى نصب صواريخ «إس 300» فى قاعدتها البحرية بـ«طرطوس» مما أغضب أمريكا، ولماذا أقدمت على «الفيتو» ضد المشروع الفرنسى فى مجلس الأمن، الذى كان يعطى المجال الأوسع للإرهابيين عبر فرض الحظر الجوى؟
هذا الغضب المتبادل يرجح التسريبات التى قيلت فى الأيام الماضية عن أنه كان هناك خطة سيقدم حلف شمال الأطلنطى عليها بضرب الجيش العربى السورى، ليتم تدميره نهائيا، وأن 14 دولة ستقوم بالتنفيذ.
التسريبات التى نقلتها مواقع ألمانية قالت: إن تلك الخطة كانت تعد نهائية للتخلص من بشار الأسد، لأن كل الخطوات الأخرى لم تنجح معه، وبحسب إعلان روسيا صراحة أنها لن تسمح بتدمير الجيش العربى السورى، فإن ذلك يرجح تيقنها من الأمر، وأنه ليس مجرد أوراق للضغط وإنما هو موضع التنفيذ.
القصة على هذا النحو تتخطى حدود الصراع على مدينة «حلب» إلى التسابق على وضع كلمة الفصل فى هذه الأزمة.