يستحق الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، التحية على قراره الخاص بإلغاء خانة الديانة فى الأوراق والمستندات الخاصة بالجامعة، وأهمها بالطبع الشهادات الخاصة بالطلاب.
يأتى القرار استجابة لنصوص الدستور بتجريم التمييز بين أبناء الوطن الواحد، واستجابة لضرورة أن يكون المصريون سواء، وأن حقوق المواطنة محكومة بتطبيق الدستور والقانون على الجميع دون تفرقة.
أقدم الدكتور جابر على هذه الخطوة لتكون مفتتحا لآخرين للبحث فى جدية إلغائها، وهو بذلك يرمى برسالة هامة إلى المصريين تتمثل فى أن الموضوع برمته ليس محكوما بتعليمات صارمة فوقية تمنع الاقتراب منه، وإنما هو خاضع للحوار الجدى من أجل الوصول إلى رأى قاطع فيه، وأعتقد أن هذا يتم مع تقديم إجابات حقيقية وموضوعية على أسئلة مهمة وهى: «ماذا حققنا من فائدة بسبب كتابة خانة الديانة فى البطاقات الشخصية منذ أن تم العمل بها طوال سنوات تطبيقها؟ هل أدى تعريف كل شخص فى البطاقة بأنه مسلم أو مسيحى إلى تقدمنا؟ هل حققت هذه المسألة إلى الحماية الاجتماعية والاقتصادية للناس؟ وهل أدت فى محيط الجامعة مثلا إلى التقدم فى مجال البحث والعلمى؟
التصدى بموضوعية للإجابة عن هذه الأسئلة ستفتح لنا المجال واسعا لمعرفة أننا لم نحصد من هذه المسألة غير السلبيات، ففكرة التمييز فى البطاقة على أساس الديانة هى لبنة فى مشروع كبير لقوى اليمين الدينى يقسم الناس على أساس طائفى ودينى، فهم أكثر الناس حرصا على العمل بهذا الأمر، وإذا نظرنا إلى الحصاد السنوات الماضية فلن نجد فيها أى حماية للمجتمع، كما لم تؤد بالجامعة مثلا إلى التقدم فى البحث العلمى.
السياسات الاقتصادية والاجتماعية العادلة هى التى تحمى المجتمع وهى التى تحقق التقدم والنهضة، والحفاظ على الدستور واحترامه هو الذى يحقق لنا صون العهود والمواثيق لصالح الإنسان وحقوقه، أما القول بأن خانة الديانة تهدف إلى حماية المجتمع فهذا استخفاف بالعقول، وحتى إذا كان لها ضرورة ما وقت العمل بها، فإن القاعدة تقول بأنه ليس كل ما نفعنا فى الماضى يصلح أن ينفعنا فى الحاضر.
لأجل كل هذه الأسباب يستحق الدكتور جابر نصار التحية على ما فعله وعقبال الإلغاء نهائيا من البطاقة الشخصية.