«دقت ساعة التحرير، واقتربت لحظة الانتصار الكبير بإرادة وعزيمة وسواعد العراقيين وبالاتكال على الله العزيز القدير، أعلن اليوم – أمس الاثنين - انطلاق عملية تحرير محافظة نينوى».. إنه الإعلان الذى ألقاه فجر أمس الاثنين رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، ليؤكد بدء عمليات استعادة مدينة الموصل من تنظيم داعش، التى يسيطر عليها منذ يونيو 2014، حينما أعلن زعيم داعش أبوبكر البغدادى إقامة «الخلافة» انطلاقاً من الموصل.
المهم فى إعلان العبادى تأكيده أن القوات التى ستدخل الموصل ستكون من الجيش والشرطة العراقيين فقط، وهى رسالة لجهات خارجية حاولت فرض نفسها بقوة على الداخل العراقى، وهى تركيا تحديداً التى ترغب فى فرض سيطرتها على الموصل وتعتبرها جزءا من أراضيها تم استقطاعها من تركيا خلال الدولة العثمانية، وهم يحاولون الآن استعادتها بشتى الطرق، لذلك حاول رئيس تركيا «المعتوه» رجب طيب أردوغان استغلال الإعلان عن معركة تحرير الموصل للدخول فيها، ووصل به الأمر إلى التعامل بتعالٍ شديد جداً مع الحكومة العراقية التى رفضت الوجود التركى فى العراق، فأردوغان كعادته رد على رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادى بقلة أدب معهودة بقوله: «إنه يسىء إلى، وأقول له أنت لست بمستواى..صراخك فى العراق ليس مهما بالنسبة لنا على الإطلاق، فنحن سنفعل ما نشاء، وعليك أن تعلم ذلك، وعليك أن تلزم حدك أولا». أردوغان يقول لرئيس الحكومة العراقية «الزم حدك أولاً»، دون أن يلتزم هو بهذه النصيحة، وأن يلزم حدوده، ويعلم أن العراقيين لا يرغبون فى وجوده هو ولا قواته على أراضيهم، لكنه يتعامل بمنطق وعقلية المحتل، ويصر على أن يكون له وجود داخل العراق رغماً عن العراقيين أنفسهم، وهو منطق غريب لم نره إلا من شخص معتوه ومصاب بجنون العظمة مثل أردوغان، الذى يرفض سحب جنوده من معسكر بعشيقة شمال مدينة الموصل، بل إنه هدد بلجوء أنقرة إلى خطة بديلة للمشاركة فى عملية الموصل إذا صممت العراق ومعها التحالف الدولى على رفض وجود قوات تركية فى العراق.
جزء مهم من استراتيجية الرغبة التركية فى الوجود بالموصل، هو ألا ينسب أى فضل لعملية تحرير المدينة من تنظيم داعش الإرهابى للأكراد، العدو الأول الآن لأردوغان، الذى يخشى من تكوين قوة كردية تسمح لهم بإنشاء دولة فى المنطقة الحدودية الواقعة بين تركيا وسوريا والعراق، لذلك فإنه يعتبر الموصل مهمة بالنسبة له، ولن يتنازل عنها بشتى الطرق. بخلاف الأطماع التركية المعهودة، فأن عملية تحرير الموصل تعتبر مؤشر جيد على الحرب على التنظيمات الإرهابية من خلال تكاتف القوى الداخلية بالعراق، حتى وأن كان هناك وجود خارجى لكن جاء بناء على طلب الحكومة العراقية، ولا يمكن لأحد توجيه الأنتقاد له، لأن العراقيين هم أدرى بحالهم وبأحتياجاتهم، فهناك مؤشرات على دخول القوات الكردية ، بعدما أعلنت القيادة العامة للقوات الكردية فى بيان بدء «عملية واسعة النطاق لقوات البشمركة فى منطقة الخازر شرق الموصل بالتنسيق مع قوات الجيش العراقى كمرحلة اولى لعملية تحرير الموصل من ايدى أرهابى داعش»، موضحة أن «اكثر من اربعة الاف من قوات البشمركة تشارك فى العملية فى ثلاثة محاور لتطهير القرى حول منطقة الخازر» التى يحتلها داعش.
وهناك أيضاً التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة، والذى سيقدم دعما جويا وبريا للعملية، لكن يبقى على الحكومة العراقية أن توضح حقيقة ما يقال بشأن مشاركة قوات الحشد الشعبى، الشيعية، وقوات إيرانية أخرى، خاصة فى ظل وجود مخاوف سنية من مشاركة هذه القوات فى عملية التحرير، وإمكانية حدوث مواجهات سنية شيعية، أخذاً فى الأعتبار أن المسلمين السنة يشكلون غالبية سكان الموصل.