على ذكر أهمية إقامة حوار بين الأطراف المختلفة فى السياسة والاقتصاد وفتح المجال السياسى، يبدو دائما حوار الطرشان، كل طرف يتحرك بمعزل عما حوله، الحكومة تدافع عن قراراتها الاقتصادية وأنها بلا بديل وحتمية وأن تأثيراتها لن تصل لمرحلة الخطر، بينما ترى بعض الأطراف المعارضة أن السياسات المتبعة ليست مفيدة بل ربما لها أضرارها.
وإذا كانت الحكومة مطالبة بأن تسعى لحوار مع الأحزاب والقوى السياسية. فإن هذه القوى السياسية بحاجة لأن تغادر حالة الانقماص والكلام إلى أى درجة من الفعل، وأن تسعى هى الأخرى لممارسة دورها ولو على سبيل المناقشة وعقد جلسات حوار تشرح فيه سياساتها ووجهات نظرها.
ويبدو مثيرا للدهشة أن نرى زعماء أحزاب وشخصيات سياسية، تكتفى بدور على مواقع التواصل الاجتماعى وتندمج فى إطلاق تعليقات أو غيرها، وبالكثير يكتب زعماء الأحزاب مقالات يكررون كلاما سبق قوله ولا يخرج عن دوائر الشكوى والعتاب والإعراب عن القلق. من دون أن تتجاوز هذه المرحلة إلى دور سياسى، خاصة أن هذه الأحزاب لديها نواب فى البرلمان يفترض أنهم يتحدثون باسم هذه الأحزاب، وقد ترد هذه الأحزاب بأن عدد نوابها قليل، بينما عرف مجلس الشعب فى السبعينيات والثمانينيات أفرادا كان كل منهم يمثل صوتا عاليا قادرا على مواجهة الحكومة والدولة باستجوابات وطلبات إحاطة أو حتى بمواقف سياسية كاشفة. ويبدو لافتا أن يكون هناك أكثر من 100 حزب سياسى، ولا تجد من بينها حزبا واحدا يمكنه أن يعبر عن نفسه بعقد ندوات أو مؤتمرات لمناقشة الأحداث الجارية وطرح وجهة نظره. أو يمكنه إنتاج وتقديم كوادر سياسية يمكنها أن تمثل روافد للعمل.
بالطبع فإن الإجابة الجاهزة لدى الأحزاب والمعارضين أن المجال السياسى مغلق، لكن المدهش أن نفس هؤلاء يكتبون مقالات وينشروها ويطرحونها فى مواقعهم ولا يتجاوز الأمر الشكوى والتحذير والإعراب عن القلق. مثلا فى سياق الجدل حول الاقتصاد والسياسات المطروحة قد يكون لهذه الأحزاب وجهات نظر مخالفة تختلف مع ما يطرح أو تتخذه الحكومة لكنهم يكتفون بالقول عن هذه السياسات خطأ من دون أن يقولوا ما هى الإجراءات الصحيحة، وتغيب الفواصل والتباينات بين الأحزاب فلا أحد يمكنه تمييز الحزب اليمينى من الليبرالى من اليسارى أو الاجتماعى، لأنها فقط تتفوق فى ترديد خطاب مكرر لايتجاوز الإعراب عن القلق.