أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما يهم ملايين الملاك والمستأجرين، يُرسى مبدأ قضائيا حديثا، قالت فيه: "ترك العين بعد الامتداد يوجب الإخلاء".
الخلاصة:
قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدعوى بإخلاء المطعون ضدهما من شقة النزاع، تأسيسه قضائه على امتداد العقد إليهما خلفًا لمورثهما المستأجر الأصلي بالإقامة معه حتى وفاته، أما تأسيس الطاعن دفاعه على تركهما الإقامة بعين النزاع لمسكن زوجيتهما بعد امتداد العقد إليهما وتدليله على ذلك بإقرارهما بتقرير الخبير وبأقوال شاهدَيه يكون التفات الحكم المطعون فيه عنه خطأ .
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 5386 لسنة 91 قضائية، برئاسة المستشار عبد الرحيم زكريا يوسف، وعضوية المستشارين صلاح أبو رابح، وعبد العزيز محمد صلاح، وسعيد البنداری، وحلمى محمود البرهامي، وبحضور كل من رئيس النيابة أحمد فايز الحسيني، وأمانة سر إسماعيل بخيت.
الوقائع.. نزاع قضائى بين المالك وابن المستأجر لترك الشقة
الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما الدعوى رقم 1727 لسنة 2018 إيجارات شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 25 أكتوبر 1968 والتسليم لوفاة المستأجر الأصلي وزوجته دون ترك من يستحق الامتداد، وللترك والتخلي عقب الوفاة بالزواج خارج العين؛ فأقام الدعوى، ثم ندبت المحكمة خبيرا فيها، وبعد أن أودع تقريره أحالت الدعوى للتحقيق، وبعد أن استمعت لشهود الطرفين حكمت برفض الدعوى .
محكمتا أول وثانى درجة ترفضان الدعوى
وفى تلك الأثناء - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1769 لسنة 24 ق القاهرة، وبتاريخ 27 يناير 2021 قضت المحكمة بالتأييد، ثم طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها .
المالك يطعن أمام محكمة النقض مستندا على زواج الابن خارج الشقة
مذكرة الطعن استندت على عدة أسباب لإلغاء الحكم حيث ذكرت: إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفى بيان ذلك يقول: إنه تمسك في دفاعه بترك المطعون ضدهما الإقامة الفعلية بشقة النزاع منذ سنوات طويلة بالزواج والانتقال لمسكن الزوجية، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيسا على توفر الإقامة المستقرة لهما مع المستأجر الأصلي حال حياته وحتى وفاته عام 2001، وأنه لا إلزام عليها بعد ذلك بالإقامة بها، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن الذي دلل عليه بإقرار المطعون ضدها الثانية بتقرير الخبير بعدم إقامتها بها لزواجها في عام 2005 وما قرره المطعون ضده الأول أمام الخبير من زواجه عام 2013 خارج العين، وتأييد ذلك بأقوال شاهدي الطاعن والمستندات الدالة على إقامتها بسكنها الخاص، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه؛ بما يستوجب نقضه.
الابن يستند على الإقامة المستقرة مع والديه قبل وفاتهما
المحكمة في حيثيات الحكم قالت: هذا النعي في محله؛ ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 أن الإقامة التي ترتب امتداد عقد إيجار المسكن إلى من عددهم ذلك النص في حالة وفاة المستأجر أو تركه العين هي التي تنصرف فيها نية المقيم إلى أن يجعل من هذا المسكن مراحه ومغداه وأن يقيم به إقامة دائمة ومستقرة، وإذا كان امتداد عقد إيجار الأماكن الخاضعة لقوانين الإيجار الاستثنائية منوطاً بثبوت إقامة أبناء المستأجر الأصلي بالعين المؤجرة إقامة مستقرة حتى تاريخ وفاته، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع قانونا من أن يترك المستفيد العين المؤجرة بنية التخلي عنها لغيره من المستفيدين وأن يتخذ لنفسه موطنا آخر يعول عليه في مراحه ومغداه، فلا يحق له من بعد أن يعود إلى التمسك بما أسقط حقه فيه.
وبحسب "المحكمة": لأن التارك لا يعود أبدا، كما أن الزوج هو الملزم شرعًا بإعداد مسكن الزوجية، وله على زوجته حق الاحتباس والقرار فيه؛ مما لازمه أن تكون إقامة الزوجة في بيت الزوجية حقيقة أو حكما - تنفيذا لحق الاحتباس الشرعي - هي الإقامة الوحيدة التي يكون لها صفة الاعتياد والاستقرار حال قيام الزوجية، فتخرج بذلك إقامتها في غير مسكن الزوجية عن هذا المدلول، ولا تسوع امتداد عقد الإيجار إليها طبقا لنص المادة ٢٩ المشار إليها مهما استطالت وأيا كان مبعثها أو دواعيها إلا إذا أقامت الدليل على استمرار إقامتها منذ زواجها بمسكن النزاع إقامة دائمة مستقرة باعتباره وحده مسكنا للزوجية وذلك حتى الوفاة، ومن المقرر أن ترك المكان المؤجر - مؤداه - تخلى المستأجر عن العين المؤجرة صراحة أو ضمنا باتخاذ موقف يدل على قصده في إحداث هذا الأثر بعنصريه المادي والمعنوي، وأن استناد الخصم إلى دفاع يترتب على تحققه تغيير وجه الرأي في الدعوى وإلى أوراق أو مستندات أو وقائع لها دلالة معينة في شأن ثبوت هذا الدفاع أو نفيه يوجب على محكمة الموضوع أن تعرض لتلك الأوراق والمستندات والوقائع وتقول رأيها في شأن دلالتها إيجاباً أو سلباً وإلا كان حكمها قاصر البيان .
النقض تُرسى مبدأ جديدا: ترك العين بعد الإمتداد يوجب الإخلاء
لما كان ذلك - وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن بفسخ عقد إيجار العين المؤرخ 25 أكتوبر 1968 وتسليمها للطاعن تأسيسا على ثبوت حق المطعون ضدهما في الامتداد القانوني عن والدهما المستأجر الأصلي بالإقامة معه حتى وفاته في غضون عام 2001 دون الاعتداد بإقامتهم اللاحقة بالعين وانتقالهم إلى مساكن أخرى باعتباره حقا لهما وليس واجبًا عليهما، والتفت عن بحث دفاعه بشأن ترك المطعون ضدهما عين النزاع بنية التخلي عنها لوالدتهما وزواجهما خارجها بمساكن أخرى، والتدليل على ذلك بإقرارهما في تقرير الخبير بترك المطعون ضدها الثانية الإقامة بالشقة عين النزاع لزواجها عام 2005 وزواج المطعون ضده الأول عام 2013قبل وفاة والدتهما عام 2017، وأقوال شاهدي الطاعن اللذين شهدا بأن المطعون ضدهما تزوجا وتركا عين النزاع بعد أن امتد إليهما عقد الإيجار، وهو ما لا يصلحردا يواجه ما تمسك به الطاعن من دفاع جوهري - إن صح - قد يتغير به الرأي في الدعوى ؛ مما يعيب الحكم المطعون فيه، ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، وألزمت المطعون ضدهما المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.