إذا تصور أحد أن النص القانونى وحده كفيل بردع الذين يتطاولون على الأديان فهم واهمون، وإذا ظن بعض النواب الذين رفضوا إلغاء عقوبة ازدراء الأديان من قانون العقوبات أنهم بذلك يحمون الأديان، فهم أيضا يعيشون فى وهم كبير.
أقول ذلك بمناسبة رفض اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أمس الأول، الاقتراح بإلغاء المادة 98 من قانون العقوبات التى تتعلق بعقوبة ازدراء الأديان، وتقول المادة: «يعاقب بالحبس مدة 6 أشهر ولا تتجاوز 5 سنوات كل من استغل الدين بالتحريض بالقول أو الكتابة لأفكار متطرفة، بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها، أو الإضرار بالوحدة الوطنية».
واللافت أن الذى قدم مشروع إلغاء المادة هى النائبة آمنة نصير الأستاذ بجامعة الأزهر، أما الذين رفضوه وانبروا فى الدفاع عن بقاء المادة فبعضهم ممن لا تفوته فرصة الحديث عن الدولة المدنية والعصرية، وتحدث هؤلاء عن حماية المعتقدات الدينية بطريقة تقدم الخدمة للأفكار المتطرفة على طبق من ذهب.
فى حديث النائبة الدكتور آمنة نصير دفاع عما تطالب به، قالت كلاما مهما فى اجتماع اللجنة التشريعية كقولها: «أضيفت المادة فى ظروف غير طبيعية خلال أحداث الزاوية الحمراء فى عام 1981»، وهى الأحداث التى شهدت أحداثا طائفية مؤسفة نتج عنها حرق كنيسة والاعتداء على مسيحيين ونهب محلات صاغة يمتلكها مسيحيون، وكنت واحدا من شهود هذا الحدث، ورأيت بعينى الكنيسة والنار تلتهمها كاملة، ورأيت ملتحون يعتدون على محلات الصاغة، ولا أنسى ما حييت لائحة ورقية معلقة على أبواب بعض المحال مكتوب عليها الشهادتان وأسماء أصحابها المسلمين، فظلت على حالها دون أن يقترب أحد منها.
كان ذلك ضمن حالة الاستقطاب الدينى الحاد الذى شهدته مصر أثناء حكم السادات، بفضل سياساته المشجعة للإخوان والجماعة الإسلامية والجهاد، وهى السياسات التى انتهت باغتياله فى 6 أكتوبر 1981.
تسللت مادة «ازدراء الأديان» إلى القانون فى هذه الظروف، وظلت من وقتها وحتى الآن، والغريب أنه فى ظل وجودها تزايدت العمليات الإرهابية، وتزايد عدد الملحدين سواء من الجانبين المسلم والمسيحى، وتم تطبيقها على حالات لا تطعن فى صحيح الدين، وإنما تقدم اجتهادات فيها سباحة ضد التيار، فلماذا الإبقاء عليها؟