الأوضاع الاقتصادية والسياسية الحالية تتطلب خطاب مكاشفة ومصارحة للشعب من القيادة السياسية للدولة، خطاب المصارحة أو على الطريقة الروسية «الجلاسنوست» مطلوب الآن تحت ضغط حالة حرجة من الانزعاج وعدم الفهم للقرارات الاقتصادية الأخيرة فى الشارع المصرى ولدى فئات كثيرة من الشعب خاصة قرار تحرير سعرف صرف الجنيه المصرى وترك سعر العملة الأجنبية لمبدأ العرض والطلب ورفع أسعار الطاقة وتأثيراته السلبية على ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة وتحميل الطبقات الفقيرة ومحدوى الدخل مزيد من الأعباء المعيشية، إلى جانب التأثير الإيجابى الذى يجب توضيحه للناس من هذه القرارات سواء على المدى القصير أو المتوسط.
نحن نعيش أوقاتا صعبة للغاية ووضعا قلقا يحتاج من الرئيس نفسه مصارحة الشعب بالأوضاع الاقتصادية الصعبة ولماذا اتجهت الدولة إلى أسلوب الجراحة فى المعالجة بدلا من المسكنات والأدوية المؤقتة، فطالما اتخذنا منهج الحل الجراحى الذى تأجل عشرات السنوات، فليس أقل من أن نواجه الناس بالحقائق والأوضاع الداخلية حتى يكون الجميع على بينة بالحقيقة المرة وبالتالى فهم حقيقة ما يجرى ثم المشاركة فى صنع القرار أو على الأقل معرفة دوافعه وأسبابه.
لا حاجة أن نضحك على الناس بالقول إن القرارات الأخيرة وخاصة الدولار والطاقة هى قرارات مصرية خالصة، فهذا نوع من الاستذكاء والاستبطال غير المطلوب الآن، فالجميع يعرف أن هذه هى شروط صندوق النقد الدولى للحصول على قرض 12 مليار دولار لسد عجز الموازنة، والمراهنة أن تجتذب البنوك حصيلة الدولار خارج الجهاز المركزى والمقدرة بحوالى 70 مليار دولار، المطلوب المصارحة والمكاشفة الآن بالحقائق، وأن «الجراحة» للاقتصاد المصرى المريض أو الذى يكاد أن يلفظ أنفاسه لماذا كانت هى المطلوبة الآن.
مطلوب خطاب مصارحة يا سيادة الرئيس ليعرف الناس أن هذه القرارات فى الأخير لصالحهم مع بعض التحمل وليكون التحمل الأخير حتى يجنوا ثمار ما يحدث بعد عام أو عامين أو ثلاثة حسب الوعود الحكومية وكيف أن هذه القرارات ستوجه الدعم إلى مستحقيه بالفعل فى الخدمات الصحية والتعليمية وفى انخفاض الأسعار الأساسية، فرفع أسعار الوقود ستوفر بالتأكيد أكثر من 50 مليار جنيه.
مطلوب شفافية وصراحة، فالدعم لم يعد له وجود إلا فى أوجه قليلة والإصلاح الاقتصادى لن يتحمله إلا المواطن فقط كما يبدو حتى الآن ولا نعرف واجبات الحكومة تجاه المواطن للتخفيف عنه والانحياز له بمراقبة الأسواق.
القرارات الأخيرة كانت مطلوبة وسوف تشيد بها المؤسسات الدولية وتحتاج إلى الصبر لتؤتى ثمارها، لكن هل يصبر الناس؟.. لابد من المصارحة والمكاشفة الآن وليس غدا.