الطريق للتنمية يبدأ من سمالوط

بعيدا عن صخب العاصمة ومولد الانتخابات، عشت خمسة أيام بدعوة كريمة من نيافة الأنبا بفنوتيوس فى إيبارشية سمالوط، بصحبة اللواء الدكتور المفكر أحمد عبدالحليم، ود. داليا صبرى أستاذة التنمية البشرية وتنظيم المجتمع، حاضر اللواء أحمد مجمع الكهنة عن حرب أكتوبر، وتحدث عن بطولة اللواء فؤاد عزيز غالى، وتجاوب الآباء الكهنة بوعى وطنى حقيقى، وحاضرت الدكتورة داليا الاجتماع العام حول كيفية إدارة الأزمات، وقام اللواء والدكتورة بتحية العلم مع طلاب مدرسة العهد الجديد، وتحدث اللواء مع الأطفال عن حرب أكتوبر. مدرسة العهد الجديد، ابتدائى.. إعدادى.. ثانوى، مختلطة، بنات وأولاد، 1250 طالبا وطالبة، مسلمون ومسيحيون، أنشطة رياضية وفنية، حمامات سباحة، معامل لغات حديثة، على كل مقعد دراسى يتقدم (37) متقدما سنويا، لتتقدم المدرسة إلى المراكز الأولى لتلبية احتياجات أبناء المدينة، المديرة السيدة نيفين ناجى تلعب دور الأم تربويا وتنظيميا، وأدوارا أخرى فى خدمة المجتمع، أهلت المدرسة لأن تكون منارة علمية وتربوية وثقافية، أحدثت طفرة حضارية فى المجتمع المحلى. وبدعوة من القمص أسطفانوس شحاتة، راعى كنيسة الأنبا كاراس السائح، تحدثت فى الاجتماع العام عن وطنية الكنيسة، وأدركت الوطنية الروحية لشعب الكنيسة، اليوم التالى دعيت من القمص بيشوى رسميا راعى كنيسة القديس أبسخيرون القلينى بالبيهو، فى لقاء مفتوح، تحدث فيه ما بين سؤال وتعليق عشرين مشاركا، جسدوا روحا وطنية تؤكد حرص الأقباط على الوطن. اللقاء الأخير كان فى حضن جبل الطير، ببركة العائلة المقدسة والسيدة العذراء، بجوار كنيستها الأثرية التى بنيت فى القرن الرابع ويزورها الملايين سنويا، وبدعوة من مقار العمدة قديس القيادى الشبابى، شرفت بلقاء القيادات الشبابية، ولمدة ثلاث ساعات أدركت عبقرية وروحانية المكان من خلال تدفق أسئلة وتعليقات الحضور فى كل الاتجاهات الوطنية والإقليمية والدولية، وفاضت تساؤلاتهم كفيضان النيل حول مستقبل الوطن، كل الأسئلة انصبت على هموم الوطن والتنمية ومعايير انتخاب النواب، ثقافة عالية للشابات والشباب، شجاعة أدبية، رؤية متحضرة فى الطرح، مشروع متكامل لتطوير القرية.

أعرف هذه القرية منذ أكثر من نصف القرن، ولكنى فى هذا اللقاء أدركت أننى كنت لا أعرفهم، ومن سمالوط إلى البيهو وصولا لدير السيدة العذراء فى جبل الطير، مرورا بمستشفى الراعى الصالح ومدرسة العهد الجديد، تجسد لأسقف يمتلك رؤية وطنية وتنموية وروحية، لم يهتم ببناء الكنائس فقط بل أعطى الأولوية لبناء البش، بدون تمييز على أساس دينى أو اجتماعى، يقدم الخدمة لكل إنسان ولكل الإنسان.