المصالح تحكم الصراع بين بوتين وأردوغان الحرب العالمية سوف تقوم اليوم.. الحرب لن تقوم.. روسيا لن تسكت وبوتين سيغسل وجهه ويشن الحرب.. لا الناتو مع تركيا.. بين المبالغة والتهوين أو التهويل انطلق المحللون و«المحرمون» يرسمون سيناريوهات الحرب، ما بعد إسقاط «السوخوى» الروسية بالطيران التركى، تحليلات سريعة من مشجعين، لا يعطون أنفسهم الفرصة لقراءة ما يجرى من صراعات ومناورات يمثل إسقاط «السوخوى» أحد فصولها.
وأن خلف التصريحات المعلنة، خطوط اتصال ومصالح تحكم الجميع. إسقاط الطائرة حلقة من مسلسل، تركيا خاسرة من تدخل روسيا ضد داعش فى سوريا، أردوغان يبدى غضبا أكبر من أمريكا.
بعد سنوات كان يقنع العالم أنه يدعم السوريين فى مواجهة الأسد، بينما هو يطمح فى انتزاع أراضٍ وبترول ومنطقة عازلة من سوريا تمكنه من مواجهة حلم الأكراد فى دولة. الصراع قائم بالفعل، حلقة من مسلسل ليس بسطحية المسلسلات التركية.
بل صراع معقد متداخل، كل طرف يلعب بدقة. تتقارب المصالح وتتباعد، وتتقاطع لكنها تظل مصالح.. فرنسا مع حلف الناتو لكنها تقترب من روسيا بعد هجمات داعش فى باريس، أمريكا تقود تحالفا يفترض أنه يحارب داعش.
وعقدت واشنطن مع موسكو اتفاقا لتنسيق أرضى حتى لا تتصادم الطائرات.
روسيا مع إيران فى سوريا، وطهران لها علاقات مع تركيا بالرغم من تعارض المصالح فى سوريا.
السعودية ضد إيران فى اليمن، ومع تركيا فى سوريا. بريطانيا ضد التدخل الروسى فى سوريا لكنها ضمن تحالف يواجه داعش.
أمريكا تحارب داعش وتتهم روسيا بضرب «المعارضة السورية المسلحة»، وتركيا مع التركمان وضد الأكراد والأسد، وخلف كل خطوة معلنة مئات الخطوات السرية.
نحن أمام شبكة مصالح متقاطعة ومتعارضة، المؤكد فيها أن كل الأطراف تحارب «بسوريا» وبعض العراق، وتنقل صراعاتها إلى منطقتنا، العرب مفعول بهم، والمال العربى بعضه لداعش وبعضه عليها، وبالتالى فالأمر أكبر من مجرد تحليلات وتوقعات متعجلة.
وما يمكن أن يفعله المواطن أن يسعى لقراءة الخريطة، ويحاول فك طلاسمها. بعد إسقاط الطائرة الروسية، انقسم المحللون إلى فرق تتصور أنها تحلل مباراة، يقدمون نصائح للانضمام إلى هذا أو ذاك.
«فلوطا» يرى تركيا تدعم الشعب السورى وأنها «قدها وقدود»، وأن حلف الناتو وأمريكا معها، فيرد آخر بأن أمريكا قالت إن على تركيا التفاهم مع روسيا.
كل طرف له مصالحه التى تتداخل وتتشابك وتتقاطع مع الأطراف الأخرى. تركيا لها مصالح مباشرة فى ضم جزء من أراضى سوريا والعراق ومواجهة مساعى الأكراد لتكوين دولة تجمع أكراد العراق وسوريا وتركيا.
أردوغان تحالف مع التركمان، ليلجم انتصارات الأكراد على داعش فى كوبانى. تركيا تحصل على بترول رخيص مهرب من داعش فى سوريا والعراق. ومن الطبيعى ترفض الضربات الروسية لداعش، وموسكو تدعم بشار الأسد، وتدفع نحو حل سياسى فى سوريا، وفرنسا ترى فى انضمام روسيا مصلحة لضرب داعش ومواجهة الإرهاب، وتدعم حلا سياسيا مع تفضيل رحيل الأسد حتى لو فى مرحلة تالية.
وتدعم الآن تحالفا أوسع يضم الناتو وروسيا لمواجهة داعش. وحتى الحرب بين روسيا وتركيا ليست سهلة، هناك مصالح اقتصادية متشابكة بين البلدين، تركيا تحصل على الغاز الروسى، وموسكو تبنى محطة نووية لتركيا، التبادل التجارى بين البلدين 70 مليار دولار قابلة للزيادة، ملف السياحة، سواء السياح الروس لتركيا، أو مئات الشركات التركية تعمل فى روسيا. هناك مواقف دبلوماسية من موسكو، إلغاء زيارة وزير الخارجية الروسى لتركيا قطع العلاقات العسكرية. والأكراد ورقة يمكن لروسيا اللعب بها.
أوراق توضع فى الاعتبار قبل التفكير فى الحرب، والتى لن تأتى اليوم، وارد أن تتطور الصراعات، أو أن يستغل كل طرف أوراقه، ولروسيا طرق أخرى ترد بها، مثلما لتركيا وأمريكا.. والحرب واردة، لكنها مستبعدة، فى ظل صراع مستمر ومتواصل، تتغير فيه المواقف طبقا للمصالح.